السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كوفي أونور.. مكيدة اللون والرصاص

كوفي أونور.. مكيدة اللون والرصاص
25 سبتمبر 2013 20:34
على الطريقة ذاتها التي قُتل فيها جارسيا لوركا على يد جهل وظلامية لا تعرف ما الذي تقترف، قُتل رمياً بالرصاص وأمام الناس إبان الأحداث التي شهدتها العاصمة الكينية نيروبي، أحد كبار شعراء أفريقيا الغاني كوفي أونور (1935ـ 2013). لقد قتل الطفل والشاعر الذي فيه معاً، فخرج رئيس غانا ليعلن عن ذلك أمام شاشات الفضائية، ثم ليشيع هذا الخبر عن شاعر كبير وسياسي معارض. بالتأكيد كان هذا السبعيني من بين أطفال ونساء ورجال مسالمين دفعوا حياتهم على أيدي قتلة جهلة ومتعصبين، وكأن أفريقيا ينقصها المزيد من الآلام. لجهة التعريف، فقد ولد كوفي أونور لعائلة ريفية تقطن مزرعة في أراضي شعب الإيوي الذي ينتسب إليه أبويه، وعاش طفولته وشبابه المبكر هناك، ويرى نقّاد كثيرون أن سرّ شعره يكمن في جذره الضارب عميقا في الشعر الشفوي الريفي، الذي تأثر به على مستويين: الشعري والنثري الشفويين والعمق والبساطة التي تميّز القول الشعري لديه، ثم ربطه بالحس الإنساني والتوق إلى العيش المشترك ذي المساواة بين الأفراد والجماعات، خاصة في أفريقيا، التي آلمته كثيراً عذاباتها التي لا تنتهي. يقول أوكونور مفتتحاً واحدة من أشهر قصائده التي كتبها مطلع السبعينات: “هذه الأرض، أخي”، وهي قصيدة مليئة بالاستعارات القائمة على مفردات من البيئة الطبيعية والشعبية لثقافة شعب الإيوي والتي ـ أي الاستعارات ـ تناهض الاستعمار المباشر وغير المباشر لبلاده، التي تجزأت أراضي شعوبها بعدما كانت قبل الحضور الثقيل للإمبريالية بلادا بلا حدود، تماماً مثلماً حدث في أميركا اللاتينية، حيث ثمة شعب هندي يقول: “هذه الأرض أختي”. في أية حال درس الرجل في جامعة غانا، ثم أكمل تعليمه في لندن ونيويورك، وهناك تعرف إلى عذابات السود وإلى ثقافات أخرى عديدة جعلته يكتشف جوانب أخرى في شخصيته الشعرية وشخصيته الإنسانية، بحيث أنضج ذلك من شعره الذي ظلّ وفياً فيه لمجد البساطة وشرف الكلمة النبيلة، مع ذلك اكتسب نوعاً من الرمزية الشفيفة. بدأ مشواره السياسي في الجامعة، وفي العام 1964 أصدر ديوانه الأول عندما كان طالباً في الجامعة التي عاد إليها في ما بعد أستاذاً للأدب الأفريقي، وأصدر كذلك عدداً من الدواوين الأخرى وبحوث اجتماعية وروايات، ويصدر له العام المقبل ديواناً يحمل عنوان: “وعود من الأمل/ قصائد جديدة ومنتخبات” يصدر عن صندوق الكتاب الشعري الأفريقي ومطبوعات جامعة نبراسكا معاً، والقصيدة التالية “نحو فجر جديد” هي من هذا الديوان ولم تُنشر من قبل بحسب الموقع الإلكتروني لبيت الشعر الغاني الذي نشرها بعد مقتله. وفي صدد القصيدة فليس هناك الكثير، مما يُقال حولها سوى أن فيها نوع من العودة إلى مطلعها في نهايتها، أو ما يذكر بهذا المطلع، إذ ترد عبارة “بانسجام مع الرسومات الأصيلة”، التي تحيل بذكاء إلى عبارة أخرى ترد في مقدمتها: “مكيدة اللون مع الرسومات المتعددة تلك، وضعهما معا أول رسام” مؤثرا رسومات على كلمة أخرى، مثل فن أو أثر فني أو زخرفي، حيث الرسام هنا استعارة واضحة للطبيعة، وهذه الترجمة محض اجتهاد آملاً أنني قد وفقت بعض الشيء..
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©