الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الثقافة والتنمية.. أي عالم بدأناه من الصفر؟!

الثقافة والتنمية.. أي عالم بدأناه من الصفر؟!
24 يناير 2015 23:07
ساسي جبيل (أبوظبي) ناقشت «ندوة الثقافة والتنمية: دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً»، وهي الندوة الأخيرة التي عقدت على هامش اجتماعات المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب الذي اختتم أعماله مساء الخميس الماضي في أبوظبي، العلاقة بين الثقافة والتنمية وما تثيره من أسئلة وما تطرحه من إشكاليات. وطرح الدكتور يوسف الحسن في ورقته سؤالاً مهماً: كيف تبني دولة ومؤسسات من الصفر؟ وماذا لو كان الصفر مثقلاً بمواريث سلبية ثقيلة؟ وفي إجابته استعرض كيف كانت الحال في إمارات الستينات، وحجم التحديات التي كانت تواجه بناء الدولة بكل ما تعنيه الكلمة، مؤكداً أن الأمر لم يكن هيناً أبداً، وقال الحسن: في هذه المدينة التي تجتمعون فيها، قبل 50 عاماً، لم يكن هناك سوى فندق صغير، وثلاث مقاهٍ شعبية، ومطعمين متواضعين، ومدرستين يدرس فيهما نحو مئتي تلميذ، وكان الإرث ثقيلاً لأبعد الحدود ليس على القادة المؤسسين لاتحاد دولة الإمارات بل على عامة الناس أيضاً، وانتقلت الإمارات من القبيلة إلى الدولة، دولة سيدة نفسها، تدير شأنها الداخلي والخارجي ومصالحها وتجارتها. واستعرض الحسن عدداً من التحديات المعاصرة التي تواجه الدولة الوطنية بشكل عام، وما يشهده العالم من تحولات على الصعد كافة، وقال: إن السؤال المطروح اليوم هو: كيف سيكون تأثير هذه التحولات على الهياكل الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، أمناً وحداثة وتقدماً ونماءً وانتماءً وحقوق إنسان؟ كما يبرز كذلك سؤال الثقافة المتمثل في أي ثقافة نريد، وأي مواطن نريد في المستقبل؟ وسرد الدكتور يوسف الحسن قائمة بالدلالات ذات الصلة بتجربة الإمارات، من بينها أن النموذج الإمارتي الفيدرالي الاتحادي حقق نجاحاً غير مسبوق على مستوى الوطن العربي، في مقابل تجارب عربية تشكلت عبر نحو قرن، ووصلت الآن إلى حالة من التفكك، كما قدم هذا النموذج تجربة تحديثية متطورة، ومنفتحة على الحكمة والمعرفة، وتجربة تنموية، واقتصاداً معرفياً تنافسياً، ومجتمعاً وطنياً متماسكاً وملتحماً، وتجربة ناجحة في امتلاك المزاج الوفاقي والاعتدال والتوازن في النزاعات الإقليمية والدولية، وتجربة تحمل مفهوم ومعايير «الخير العام» والعطاء الانساني والنخوة التلقائية في الخطاب والسلوك، من دون حسابات خاصة وأجندات سياسية، فتأسست دولة الرفاه، فاحتفظت بخصوصيات، منها التحدي المتعلق بالمركز الأول في التنمية البشرية وفي التنافسية، وفي مؤشرات الرضا والسعادة والعطاء الإنساني والأمن ومواصلة التكيف مع متطلبات العولمة الليبيرالية، وغيرها من التحديات. أما في ما يتعلق بسؤال الثقافة في علاقتها بالتنمية، فأكد الحسن أن التنمية الثقافية الناجحة لابد أن تتماهى مع الشمولية في ميادينها، والتوازن في حقولها، والتجاوب مع حاجات الانسان وتطلعاته، وتكون نابعة من الذات، ومتطلعة الى التجدد والتفاعل مع الآخر، وذات علاقة تبادلية مع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأن تتسع الثقافة لأكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع، وألا تقتصر على النخبة، بل تمتد إلى الجماهير الواسعة، لتصبح الثقافة نمط عيش مشترك، فكراً وسلوكاً وطرق حياة، ومن خلال ذلك تتشكل الهوية الثقافية، وتصبح الثقافة قوة للبقاء، تعبر عن الناس وترفدهم برؤية عامة للعالم والكون والأشياء. وتعرض ماجد بوشليبي إلى بعد آخر من التنمية الثقافية، مستعرضاً التجربة الثقافية الإماراتية تاريخياً، مؤكداً في البداية ما حققته الشارقة من نهضة ثقافية، كانت وليدة التواصل الحضاري عبر الكثير من المراكز الثقافية، والمشاريع المشتركة والمنتديات الثقافية. وأكد الباحث على مفهوم الديبلوماسية الثقافية، وهي أنجع وسائل القوة الناعمة في عصر المعلومات كما يقول (كيم هواجانج)، حيث تعمل على تشكيل الجسور والتفاعلات الدولية، وتحديد الشبكات والمجالات التي يمكن ولوجها داخل الثقافات الأخرى، وتجاوز الحدود الوطنية، مشيراً إلى أن أهدافها الأساسية هي التبادل الثقافي الذي يشكل محركاً أقوى في بناء التنمية، وصناعة علاقات دولية متوازنة، تهدف إلى بناء سمعة للإمارات، وتعبر بشكل حقيقي عن الشعب ومعدنه الكريم، وتكون أساس التعاملات السياسية والاقتصادية، المبنية على الكفاءة والتوازن والثقة والمصالح المشتركة، والتعريف بالإمارات والإسلام المتسامح المعتدل، ونبذ العنف والإرهاب، ونقل وتبادل المعارف والخبرات والاستثمار في المستقبل، وكل ذلك عبر وسائل مختلفة، من خلال الفعاليات الثقافية والمهرجانات والمعارض والسياحة الثقافية والشراكات الثقافية والمتاحف ومعارض الكتب والجوائز، واحتضان مقرات المنظمات الدولية، والمشاركات الدولية الثقافية وأكثرها حضوراً المسرح الذي شهد تألقاً منذ سبعينيات القرن الماضي. واختتم بوشليبي مداخلته بالقول: الإمارات تمتد أذرعتها بين المشرق والمغرب، وتتوازن في علاقتها مع الجميع، وتملك إرثاً حضارياً وثقافياً، يعبر عن المنطقة والأرض والشعب وعلاقتهم بين أنفسهم حكاماً ومحكومين، في نموذج إنساني رائع. ولذلك فإن الديبلوماسية الثقافية في أي استراتيجية متعلقة بالثقافة لا بد أن تأخذ جانباً كبيراً من التوازن بين ما يقدم وما يمثل حقيقة هذا المخزون الإنساني والتنموي المثال على مستوى العالم. وتحدث الدكتور حسن الصبيحي عن دور الجامعات في تحقيق التنمية الثقافية الشاملة، ورفد الساحة الثقافية بالعديد من الخريجين الجامعيين الذين ساهموا في تفعيل الحراك الثقافي في الدولة. وانطلق الصبيحي من رؤية المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في بناء الإنسان وتنمية الدولة على أسس قوية ومكينة حتى أصبحت الإمارات اليوم مركزاً ثقافياً رائداً ومتميزاً. وعاد الصبيحي إلى تأسيس الجامعات في الإمارات، مبرزاً دورها في تحقيق التنمية، مستعرضاً طبيعة المناهج العلمية التي تدرّسها ومواكبتها لسوق العمل، معرجاً في السياق نفسه على دور الإعلام في الإمارات في بلورة الوعي الثقافي، وتقدم التنمية في الدولة، والانتقال من الحياة البسيطة إلى حياة الرفاه والتقدم. آخر الأمسيات اختتمت الأمسيات الشعرية التي أقيمت على هامش اجتماع المكتب الدائم الذي احتضنته العاصمة أبوظبي من 20 إلى 22 يناير الماضي بأمسية شعرية عربية قدمتها الشاعرة الهنوف محمد، وشارك فيها كل من: ميسون صقر القاسمي، حبيب الصايغ، كريم معتوق من الامارات، مبارك سالمين من اليمن، صلاح الدين الحمادي ومحمد دلال من تونس، الجوهرة القويضي من الكويت، شيرين العدوي وسمير درويش من مصر، سماء عيسى من عمان، وأحسن خراط من الجزائر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©