الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استشارية أسرية تطالب بتخصيص كليات لتدريب معلمي الروضة

استشارية أسرية تطالب بتخصيص كليات لتدريب معلمي الروضة
30 سبتمبر 2011 21:52
يسيطر القلق على بعض الأسر، وعلى سير حياتهم العادي، وذلك خلال البدايات الأولى من الدخول المدرسي، خاصة إذا كان هؤلاء الصغار يخافون من المدارس، أو تعرضوا لتغيرات كثيرة في مدارسهم مما يشعرهم بعدم الأمان، غير أن خبراء تربية يشددون على ضرورة التعامل السليم مع هذه الحالة حتى لا تؤثر على مستقبل الصغار ونموهم النفسي والاجتماعي. يعترض القلق والخوف بعض التلاميذ في أيامهم الأولى من الدراسة، ويعانون من التغير في البيئة المحيطة فمن منزلهم الذي يعرفون كل من فيه ويألفونهم ويحبونهم إلى بيئة كبيرة مليئة بالأشخاص الغريبين الذين يعمقون شعور الخوف في نفوس الصغار. ومن هنا تبرز أهمية انتقاء معلمي مرحلة الروضة باعتبارهم خط المواجهة الأول لمخاوف الأطفال. تهيئة الطفل تقول غادة الشيخ، استشارية اجتماعية وأسرية “يعاني بعض الأطفال من الخوف والقلق بداية الدخول المدرسي، والأسباب عامة هي خروج الطفل من بيئة البيت الضيقة إلى بيئة أوسع وأشمل، بيئة عدد أفرادها أكبر من الأسرة العادية، والكل بالنسبة له يعد غريبا، وهناك أطفال لم يكن لهم مسبقا اتصال مع من هم خارج دائرة البيت فيصبح لديهم صعوبة في التواصل مع المحيطين بهم، وهناك أطفال يرتبطون ارتباطا لصيقا بأمهاتهم إلى درجة كبيرة”. وتضيف “يجب على الأهل تهيئة الطفل نفسيا قبل حلول موعد تسجيله في المدرسة، وذلك لتقريبه من تفاصيل الدراسة، وما سيكون عليه الحال، ومن المهم جدا مرافقة الطفل خلال الأيام الأولى لمدرسته والحديث مع مدرسيه لتقريبه من وضعه النفسي، كما يجب على الأهل تحبيب ابنهم في المدرسة بكل الطرق من خلال الحديث عنها وعن ميزاتها، كما يجب إشراكه في اختيار مستلزماته المدرسية من أقلام ومحفظة، وإغرائه عن طريق شراء الأشياء المحببة لديه، ولا ضرر إن قلنا له إن معلمتك من أهدتها إليك، وغيرها من الجزئيات التي تعني له الكثير”. وعن دور المدرسة في تحبيب الطفل فيها، تقول الشيخ إن مهمة المدرسة في هذا الباب تعتبر كبيرة جدا، وعلى عاتقها يقع عبء انسجام الطفل من عدمه مع بيئته الجديدة الأطفال، والعمل على إبعادهم عن بعض المشاكل النفسية التي قد يعانون منها طوال حياتهم الدراسية نتيجة المعاملة غير السوية في بداية ولوجهم المدرسة”. وتتابع “من المهم جدا أن تكون المدرسة واعية بما تقدمه للأطفال وبدورها الكبير في تحبيبهم لأجوائها، خاصة بالنسبة لأطفال الروضة، فهناك أطفال يعانون من ارتباطهم الشديد بأمهاتهم، وهذا يلزمهم تعامل خاص وتفهم لوضعيتهم النفسية، كما أن الفصل الواحد قد يشمل في بعض المدارس وهذا ما لا حظته بأم عيني في بعض المدارس، بحيث يوجد أكثر من 30 طفل في فصل واحد، وأظن هنا أن الأمر غير مرغوب فيه. وتوضح “المفروض أن يكون العدد أقل وتشرف عليه مدرستين، وتكون بيئة التدريس أكثر جمالية من ألوان وطريقة تصفيف الطاولات والكراسي، وطرق الحديث، كما يجب الاعتماد فقط على التلوين والشخبطات والابتعاد عن إرغام الطفل على الكتابة، بحيث تكون هذه الصفوف تهيئة نفسية لتحبيب الطالب في الدراسة مستقبلا، حتى لا تشكل حاجزا نفسيا أمامه مستقبلا، ليظل ذلك راسخا في ذاكرته، فهناك من استمر معه كره بعض المواد إلى ما بعد الدراسة نظرا لتصرف بعض المدرسين غير اللائق”. تجربة حقيقية تشدد الشيخ على ضرورة عدم إلزام الصغار على إنجاز تمارين في البيت، وتقول في هذا الصدد “بعض المدارس تصر على تعليم الصغار الحروف الهجائية في سن مبكرة، كما يلاحظ إرسال تمارين لإنجازها في البيت، وهذا يعتبر خطأ كبيرا في العملية التعليمية، إذ هناك تشديد كبير في بعض البلدان على عدم إجبار الطفل على الكتابة في سن الروضة الأولى، وإن حصل وتحقق من أن معلمة أصرت على الإمساك بيد الطفل لتعليمه الكتابة ولا يزال سنه صغيرا فإنها تتعرض للتحقيق معها، وذلك راجع لكون نمو الطفل ونظره أيضا لم يكتمل بعد، لهذا يجب على معلمات ومعلمي الروضة أن يكون لهم دراية بكل المفاهيم العلمية والنفسية للتعامل مع الصغار، وهذا لا يتم إلا عن طريق انتقاء جيد من طرف المدارس وإدراكها بمسؤوليتها المنوطة بها، وهذا ما لا نلاحظه في بعضهم، بحيث يحشرون أكثر من العدد اللازم في صف واحد، وهذا يفقد العملية التعليمية محتواها في صفوف الروضة، بحيث عملها يجب أن يقتصر على التهيئة السليمة لمراحل أكثر عمق”، مشيرة إلى أنه على مدرسي الروضة أن يخضعون لدورات ويتبعون أساليب ابتكارية لتحبيب الطفل في المدرسة. تذكر الشيخ تجربتها مع ابنها الصغير الذي كره المدرسة بسبب معلمة إنجليزي التي شدت على أذنه فانهار ورفض الرجوع إلى صفوف الدراسة، وأصيب بأمراض، وانقطع عن الدراسة لمدة سنة كاملة، إلا من دروس قليلة. وتوضح “ابني له وضع خاص، فبعد أن ولدته لم أتمكن من إرضاعه في نفس اللحظة بحيث تعرضت لنزيف حاد، دخلت على إثره لغرفة العمليات، هكذا وبعد خمس ساعات تقريبا من ولادته، وبمجرد ما بدأت بإرضاعه، جاءت الممرضة وسحبته بقوة من يدي، وأخذته للحاضنة نظرا لإصابته بهبوط في السكري، ولم أستطع معاودة إرضاعه إلا بعد 3 أيام، هذه الحالة النفسية انعكست على حياته فيما بعد وظل يتصرف من خلالها، بحيث أصبح متعلقا بي لدرجة غير عادية، بالإضافة إلى هذا الحادث فإن الفارق بينه وبين إخوانه كبيرا يناهز 12 سنة، ولهذا فهو له وضع خاص جدا وتعامل خاص أيضا في بيئة وسط الأسرة”. وتضيف “في بداية المدرسة في السنة الماضية سجلته في إحدى المدارس، وقدمت لمديرة المدرسة والمدرسات كل التفاصيل عن حالته النفسية، فكان أن تفهمت معلمة العربية ما قلت لها، بينما معلمة الإنجليزية عرّضته لصدمة نفسية فقد على إثرها حبه للمدرسة وعزف عن الرجوع لها مرة أخرى، فلسبب ما شدت على أذنه بقوة، ما جعله ينهار تماما، وكره المدرسة والرجوع إليها، فكنت أرغبه فيها بكل الطرق لكنه رفض تماما، ما دفعنا لإلغاء باص المدرسة، وكنت أوصله بنفسي، لكن رفض تماما الرجوع لصف الإنجليزي طوال السنة، وهكذا لم يدرس خلال سنة كاملة إلا تقريبا شهر في المعدل، مع أنني دفعت كل الرسوم”. وتتابع “هذا الوضع خلق عنده حاجز نفسي كبير، ورهبة من المدرسة، وأصبحت رحلتها عنده معانات كبيرة، ما جعله يبتكر الحيل الدافعية، ولم يصبح لجسمه مقاومة ضد الأمراض، بحيث يصاب بالحمى لأسابيع متتالية، وما يكاد يشفى من مرض حتى يصاب بأمراض أخرى”. فروق فردية لهذه الأسباب وانطلاقا من تجربتها وتجارب أطفال آخرين تعاين حالتهم النفسية من خلال عملها، ترى الشيخ أن أطفال الروضة يجب أن تكون لهم عناية خاصة جدا سواء من طرف الأهل أو المدرسة، وفي هذا الاتجاه تقول الشيخ يجب على كل أم أو أب أن يقوم بدوره أولا في تحبيب الطفل المدرسة، وذلك من قبيل الحديث معه وبرمجته نفسيا لذلك. وتشرح “هناك بعض الطرق التي نخاطب بها الطفل لتحبيبه في المدرسة، بحيث نجلس بقربه ونتحدث في أذنه بعد نومه بدقائق، ونكلمه عن المدرسة وعن إيجابياتها، ونقول مثلا أنت طفل ذكي، تحبك المُدرسة، أنت طفل مهذب، الجميع أصدقائك، بحيث نخاطب العقل الباطن، ويجب أن يستمر ذلك أسابيع أو شهر إلى أن نشعر باستقرار الطفل وتفاعله الجيد مع محيطه الجديد في المدرسة، ويجب أن نقوم بذلك، لأن هذا المحيط هو الذي سيقضي فيه أغلب أوقاته، ومنه سيتعلم خطوات حياته الأولى ومفاهيمها، أما من حيث المدرسين فيجب أن يتفهموا وضع كل طفل والفروق الفردية بينهم، خاصة أن الفصل يشمل أطفال من ثقافات متعددة وينحدرون من بيئات مختلفة، كما يجب مراعاة الفروق الفردية عند كل طالب”. ونظرا لأهمية الموضوع فإن غادة الشيخ تقول إن مدرسي الروضات يجب أن يكونوا مدربين علميا، تربويا ونفسيا للتعامل مع الأطفال، وتطالب بإحداث كلية متخصصة في علم التعامل مع الأطفال في الروضات وتخريج أطر متخصصة في تدريس هؤلاء الأطفال وتأسيسهم، وتضيف “في بعض البلدان هناك كليات تدريسها يقتصر فقط على تلقين الطلاب وتدريسهم وتطويرهم من أجل التدريس في الروضات، بحيث يكون تدريبهم شاملا كل الجوانب التي تخص التعامل النفسي والعلمي مع هذه الفئة، كما أنه لا يجب إجازة أي معلم في المدارس دون التأكد من خبرته في جميع الاتجاهات، لأنه سيتعامل مع أنماط مختلفة من الصغار، فهناك من تسببت له مشاكل نفسية وتخلف دراسي استمر معه طوال حياته نتيجة تعرضه لمعاملة غير سليمة”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©