الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«سوق الورق» مسلسل يثير الجدل ويغضب الجامعات السورية

«سوق الورق» مسلسل يثير الجدل ويغضب الجامعات السورية
1 أكتوبر 2011 00:24
“سوق الورق” مسلسل سوري أغضب الأكاديميين وأقام جامعة دمشق ولم يقعدها!. الجامعة طالبت بوقف عرض المسلسل على الفضائيات، لا سيما السورية منها، لكن وزير الإعلام السوري رفض الطلب، فيما احتج أساتذة كلية الآداب والجامعات السورية الأخرى، واتخذت إجراءات عقابية بحق كاتبة المسلسل. فما حكاية هذا المسلسل، وما الذي يقوله؟ ولماذا أثار كل هذه الضجة؟ وماذا يقول أساتذة الجامعات؟ وبماذا يرد المخرج والمؤلفة؟ وما آراء المشاهدين لا سيما طلاب الجامعات منهم؟ يروي مسلسل “سوق الورق”، حكاية افتراضية عن الفساد في الجامعات، ويتطرق إلى معاناة بعض الطلاب مع أساتذة فاسدين، كما يدخل في تفاصيل حياة بعضهم، وعلاقاتهم الخاصة بأسرهم وبالآخرين. ويلعب دور البطولة في العمل النجم سلوم حداد بدور مدير الجامعة الفاسد “أبو حسام”، وهو متورط في الفساد وأب لشاب وفتاة، ومتزوج من سيدة “مرح جبر”، تتذمر من استمرار حياتها معه، وتعيش بحرية، وتقيم علاقة مع صديق زوجها ومع آخرين؟! ويقوم الفنان عبدالحكيم قطيفان بدور الدكتور عصام الأستاذ في الجامعة، ولكن شهادته مزورة، وهو يمثل حالة فساد صارخة، حيث ينغمس في علاقات نسائية متعددة. فساد وخيانة أما الفنان نضال نجم، فيلعب دور أستاذ بقسم اللغة الإنجليزية، وهو نزيه يواجه الفاسدين ويتصدى لهم. ويبرز من بين طلاب الجامعة المظلومين النجم باسل خياط بدور “مختار”، الطالب في السنة الأخيرة، والذي رسب خمس مرات في مادة واحدة ما يمنعه من التخرج ونيل الشهادة الجامعية، بسبب موقف كيدي من أستاذ المادة، وهو ما يجعله مضطراً للعمل في “مصبغة” لسد حاجاته المادية، بينما يشن عبر مواقع التواصل الاجتماعي حملة على الفساد في الجامعة. أما الفنان مكسيم خليل، فيلعب طالب جامعي يعاني معاناة شديدة بسبب مدير الجامعة الفاسد أبو حسام “سلوم حداد”. وإضافة إلى هذه النماذج من الظالمين والمظلومين، ومن الفاسدين وضحايا الفساد، فإن “سوق الورق” يسلط الضوء على الخيانة الزوجية ومشكلات الشباب السوري، وممارسات بعض أبناء المسؤولين، كما يرصد العلاقات بين مجموعة من طلاب الجامعة، وعلاقاتهم بأسرهم، فضلاً عن اقتحامه لعالم العلاقات بين أساتذة الجامعة بعضهم مع بعض، بحيث يعكس أجواء إدارة الجامعة، كشريحة من المجتمع السوري. ضجة كبرى من المفارقات في هذا المسلسل، أنه من إنتاج مؤسسة الإنتاج التلفزيوني الحكومية، وأنه جرى تصويره في ردهات ومكاتب وقاعات كلية الآداب في جامعة دمشق، حيث تقول أوساط الكلية، إنه جرت الموافقة على التصوير داخل الكلية دعماً للدراما السورية، ودون الاطلاع على سيناريو العمل؛ لذا كان الاحتجاج الأول وبداية الضجة الكبرى من كلية الآداب التي بادرت ـ وبعد عرض الحلقة الرابعة في الرابع من رمضان الماضي على قناة الدراما والدنيا السوريتين ـ إلى المطالبة بوقف عرض المسلسل. ثم اتسعت دائرة الاحتجاج فشملت جامعة دمشق وأساتذتها والجامعات السورية الأخرى العامة والخاصة، وانتفض نقيب الأساتذة الجامعيين الدكتور أحمد قنديلي، وقال في تصريح رسمي، إن هذا العمل يسيء لسـمعة جامعة دمشق والجامعات السورية التي حققـت نجاحـاً أكاديمياً مرموقاً. وأشار إلى الطريقة المبتذلة ـ حسب تعبيره ـ التي اعتمدها المسلسل لتوجيه الأنظار إلى قضايا غير صحيحة، لا سيما الجوانب الاجتماعية التي يعتقد الدكتور أنها زُجت في العمل زجاً بهدف التشويق والإثارة. وأضاف أن ما يميز هذا العمل هو تناوله لقضـايا متعددة بشـكل مضخّــم ومـبالغ فيه، فضـلاً عن سـقوطه في فـخ التعـميم، إذ لا ينفي نقيب أساتذة الجامعة وجود فاسدين فيها، إلا أن عددهم لا يتعدى أصابع اليد الواحدة! واعتبر الدكتور خالد حلبوني نائب عميد كلية الآداب في جامعة دمشق، أن مسلسل “سوق الورق” ليس له علاقة بالدراما، وانه عمل متجن. ومن جهته، اعتبر الدكتور محمد العمر الأستاذ في كلية الإعلام والناطق باسم جامعة دمشق أن المسلسل أهان العاملين في الجامعة وتطاول على أساتذتها، وبنى أحداثه على قصص مختلقة ومبالغ فيها. ويشكك الدكتور العمر في نوايا كاتبة العمل، ويرى أن فيه إساءة مقصودة للجامعة، نابعة من الحقد والتصميم على الإساءة المسبقة. الإعلام ترفض وقد طالبت الجامعة بوقف عرض المسلسل، وحملت وزارة الإعلام ورقابة التلفزيون السوري المسؤولية عن مرور هكذا عمل، إلا أن وزارة الإعلام رفضت وقف عرض المسلسل لا سيما أنه من إنتاج مؤسسة عامة تتبع لها، وكلف إنتاجه حوالي ستين مليون ليرة سورية. كما أنه حاز على الموافقة على إنتاجه وتصويره. وفي هذا السياق، يقول غياث سليطين مسؤول الرقابة في التلفزيون السوري: إن المسلسل لا يحمل إساءة لأحد بعينه، وأنه لا يستهدف جامعة دمشق وأساتذتها، وأن كل ما فيه حالات افتراضية قد تبتعد أو تتقارب مع الواقع. ويشير سليطين إلى أن العمل حاز موافقة لجنة الرقابة وفق معايير إبداعية ومهنية موضوعية. مفترية أم ضحية؟! كاتبة مسلسل “سوق الورق” هي آراء الجرماني، وهي تدخل ميدان الكتابة الدرامية لأول مرة، لكن المفارقة هنا أنها تحضّر رسالة لنيل شهادة الدكتوراه من كلية الآداب في جامعة دمشق تحت عنوان “النقد السيميائي للرواية العربية”، وقد كان مقرراً أن تقدم رسالتها خلال أيام عرض المسلسل، إلا أن كلية الآداب أحالتها إلى مجلس تأديب، وقررت إيقاف مناقشة رسالتها لنيل شهادة الدكتوراه. وتنفي آراء أن تكون قد قصدت التعرض لجامعة دمشق، وتقول إنها تحدثت عن جامعة افتراضية، لكن تصوير العمل في كلية الآداب أعطى الانطباع بأن المقصود هو جامعة دمشق، واعتبرت أن عملها الدرامي الأول يتطرق إلى المجتمع والتغيرات الحاصلة فيه، ومعظمها يجري خارج الجامعة. لكن كل هذه الدفاعات التي تبديها كاتبة العمل لا تجدي نفعاً أمام الاستياء الكبير الذي شعر به أساتذة الجامعة عموماً، من هذا الهجوم الكاسح على مراكزهم العلمية، استناداً إلى افتراضات وحالات غير موجودة أحياناً ومبالغ فيها كثيراً أحياناً أخرى. كما أن ما أثار الاستياء هو تصوير مدير الجامعة بشخص الرجل المتهتك الذي لا يحترم أي قيمة، فيما زوجته تنتقل من أحضان صديقه إلى أحضان أخرى! وهو ما اعتبره بعض الأساتذة افتراء وتطاولاً وتجنياً غير مبرر وغير جائز أو مقبول. آراء مشاهدين تفاوتت آراء المشاهدين لا سيما من طلاب الجامعات حول ما قدمه “سوق الورق”، فأحد الخريجين القدامى عدنان شماس يرى أن المسلسل قدم صورة لا تليق بحرم الجامعة وقدسية العلم، بينما قالت الطالبة سمية صدقي “سنة ثالثة علوم”: هناك حالات قليلة قد تحدث أوردها المسلسل مثل عدم نجاح طالب متفوق في مادة معينة مقابل نجاح طالب متأخر، لكن معظم ما شاهدته كان مبالغاً فيه، وقد سألت نفسي: هل ما شاهدته في هذا المسلسل يجري حقاً في جامعاتنا، وحتى الآن أنا لا أصدق. أما عزمي ناصر “سنة ثانية اقتصاد”، فيقول: أنا أسمع أن بعض الأساتذة في كليات أخرى يمكن أن يضمنوا النجاح لطالب ما في مادة معينة، لكني لم أعايش هذا الأمر. وتستغرب لبانة خليل “سنة رابعة آداب” كيف يمكن تصوير أرفع منصب جامعي بهذه الصورة غير الأخلاقية، وكيف يمكن تصوير الجامعة وكأنها “سوق للفساد”؟. أما أحمد جبري “دبلوم حقوق”، فيقول إن المسلسل اخترع أحداثاً، وأضاف قصصاً لا تمت إلى الجامعة بصلة، وأنا أستغرب الخوض في الحياة الاجتماعية لأساتذة الجامعة المفترضين وتصويرهم بهذه الصورة الخليعة والمنفلتة من أي قيمة أخلاقية واجتماعية، وبصراحة هذا “عيب”!. وتؤيد سناء أحمد بعض ما جاء في المسلسل، لكنها تتحفظ على المبالغات الفاقعة التي وردت فيه، وتستغرب كيف قامت مؤسسة الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني بإنتاج هكذا مسلسل، وكيف تقوم قناة “سوريا دراما” بعرضه. ومن المؤكد أن الضجة التي أثيرت حول المسلسل، رغم أنها تعاظمت خلال عرضه، كان يمكن أن تتفاقم أكثر، لولا أن السوريين أساتذة وطلاباً مشغولون بالأزمة وبالأحداث التي يعيشها وطنهم. مناصب افتراضية يقول مخرج العمل أحمد إبراهيم أحمد: إنه اختار جامعة دمشق مكاناً للتصوير، لكنها لم تكن هي المقصودة، ويضيف: لقد تحدثنا عن مناصب افتراضية غير موجودة في الواقع، فمثلاً لا يوجد منصب “مدير جامعة” في جامعة دمشق، وذلك كي لا نسيء إلى المراكز العلمية، أو نهاجم أشخاصاً معينين.
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©