الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

جيل جديد من شركات النفط العملاقة تنافس «أوبك»

جيل جديد من شركات النفط العملاقة تنافس «أوبك»
30 سبتمبر 2011 21:45
بدأت البرازيل في بناء غواصات نووية بغرض حماية الاكتشافات النفطية البحرية الضخمة الجديدة، بينما يتسارع إنتاج كولومبيا للمستوى الذي يقارب إنتاج الجزائر وليبيا قبل الحرب، في غضون السنوات القليلة المقبلة. وتعقد “أكسون موبيل” اتفاقيات جديدة في الأرجنتين حيث بشرت مؤخراً بأكبر اكتشاف نفطي لها منذ ثمانينات القرن الماضي. ولأول مرة خلال عقود من الزمان، ربما تمثل الأميركيتان الهدية المقدمة لقطاع الطاقة العالمي حيث تحولت أنظار شركات النفط الغربية صوبها في سباق لاكتشاف مجموعة كبيرة من حقول النفط. ويقول المؤرخ النفطي الأميركي دانيل ييرجين “يعد ذلك تحولاً تاريخياً مما يذكر بحقبة ما قبل الحرب العالمية الثانية عندما كانت تمثل أميركا وجيرانها في نصف الكرة الأرضية المصدر الرئيسي للنفط. ومن المتوقع ولحد ما، إعادة توازن جديد مع عودة نصف الكرة الغربي للاكتفاء الذاتي مرة أخرى”. وتبدو الصورة متشابهة في أنحاء مختلفة من الأميركيتين حيث تستعد شركة صينية للتنقيب عن النفط في المياه الكوبية، بينما اقترح مسؤول كندي على العاطلين الأميركيين التوجه نحو كندا لملْ الوظائف الشاغرة الجديدة في الرمال النفطية الكندية. كما تقع واحدة من الاكتشافات الكبرى في القارة في حقل للنفط الصخري في سهول ولاية داكوتا الشمالية بإنتاج يصل إلى 400,000 برميل في اليوم. وبات الانتعاش النفطي في نصف الكرة الغربي واضحاً للعيان على الرغم من إغفال اثنين من مصادر الطاقة التقليديين فنزويلا والمكسيك. ويعتبر الاحتياطي النفطي في فنزويلا الآن أكبر من السعودي مما يضعها على رأس قائمة دول “الأوبك”. وفي حالة تحررها من قومية الموارد المتأصلة، ربما يرجح الميزان لصالح كفة نصف الكرة الغربي. وفي حقيقة الأمر، تبقى الكيفية التي تغير بها شركات النفط الجديدة في الأميركيتين ميزان الطاقة العالمية، مسألة مفتوحة. كما في مقدور الشرق الأوسط الاستمرار في التأثير في أسعار النفط لحد كبير حيث تتميز حقوله النفطية بقلة تكلفتها بالإضافة إلى الاحتياطات الضخمة التي تزخر بها أراضيه. وعلاوة على ذلك، لا تزال الأميركيتان تتنافسان على الاستثمارات مع بعض دول النفط الغنية مثل جزء المحيط المتجمد الشمالي التابع لروسيا ومياه غرب أفريقيا. وربما تقف معاناة العمال وعمليات اختطافهم عثرة في طريق زيادة الإنتاج في كولومبيا كما كان الحال في الوضع الأمني من قبل. ولا تزال التحديات البيئية والمالية قائمة فيما يخص رفع معدل إنتاج نصف الكرة الأرضية أيضاً. وتؤكد عمليات النفط الجديدة في الأميركيتين على أن التقنية متفوقة على الجيولوجيا خاصة في اثنين من أكبر اقتصادات المنطقة أميركا والبرازيل. وكان من المعتقد أن لا فائدة من السجيل النفطي وحقول النفط الصخرية في تكساس وداكوتا الشمالية قبل الشهرة التي اكتسبتها طرق اكتشاف النفط المتمثلة في الحفر الأفقي وتفجير المياه والكيماويات والرمال الموجودة بين الصخور لتمكين النفط من السريان بحرية أكثر. وفي الوقت الذي يدور فيه جدل حاد حول قضية تلوث المياه نتيجة عمليات التفتيت، أثبتت التقنية جدواها في إنتاج النفط في أميركا بإنتاج كلي من الصخور النفطية من المتوقع أن يصل إلى ما يزيد عن 2 مليون برميل يومياً بحلول العام 2020. ويُذكر أن أميركا تنتج بالفعل نصف ما تحتاجه من النفط، لذا ربما تساعدها الزيادة في التخلص من الاعتماد على النفط الخارجي. كما أن التحديات التي تواجه حقول النفط البحرية في البرازيل التي تقع على عمق يصل إلى 6,000 قدم (1,830 متر) من التراكمات الملحية والمائية التي تكونت من تبخر المحيطات القديمة، أكبر من تلك الموجودة في أميركا. وتزيد استثمارات شركة الطاقة البرازيلية “بيتروبراس” التي تطمح في تجاوز “أكسون موبيل” كأكبر شركة لتجارة النفط في العالم، عن 200 مليار دولار لتحقيق أهدافها. ويقول بيدرو كورديرو مستشار الطاقة في البرازيل لشركة “بين و شركاه” “من المنتظر أن تصبح البرازيل قوة نفطية كبيرة بحلول نهاية العقد الحالي ليتساوى إنتاجها مع إيران”. ويرى بيدرو أن إنتاج البرازيل من النفط سيبلغ 5,5 مليون برميل في اليوم بحلول العام 2020، مما كان عليه عند أكثر من 2 مليون برميل في اليوم فقط. ومن المتوقع أن يسهم تراكم المشاريع الإنشائية في توسيع دائرة الحقول النفطية البحرية في البرازيل. لكن يؤكد بروز المشاريع المرتبطة بالطفرة النفطية مثل بناء السفن والجهود الإستراتيجية لبناء الغواصات النووية لحماية آبار النفط، على خطة البرازيل الرامية إلى استغلال موارد الطاقة للتفوق على القوى العالمية الأخرى في نصف الكرة الأرضية. ويقول مارسيو ميلو المهندس الجيولوجي السابق في “بيتروبراس” والمدير الحالي لشركة “أتش آر تي” للنفط بالبرازيل “لا تشهد أي منطقة أخرى في العالم مثل هذه الاستثمارات، حيث يمثل هذا العقد فرصة مواتية للنمو”. ويقول محللو النفط إن وضع الطاقة الجديد الذي يتميز به نصف الكرة الأرضية، يمثل تحد بالفعل لحالة الهيمنة التي تميزت بها منظمة “أوبك” لوقت طويل. وتحتل كندا مثلاً قائمة الدول المصدرة للنفط لأميركا تليها المكسيك. وعلاوة على ذلك، تضاعف إنتاج كندا من النفط المستخرج من الرمال ليبلغ 3 مليون برميل في اليوم بحلول العام 2020، بالإضافة إلى الجهود المبذولة الآن لبناء خط أنابيب يصل إلى ساحل الخليج الأميركي. وانضم مستثمرون من مناطق أخرى خاصة شركات النفط الصينية سواء إلى حقول النفط الملحية في البرازيل أو للصخرية في أميركا. وتبحث هذه الشركات عن تأمين احتياطات نفطية جديدة أو عن كسب خبرات تساعدها في استخراج النفط من التكوينات الصخرية المشابهة في بلدانها. وتختلف نظرة أميركا عن البرازيل للقضايا خاصة أن إدارة الرئيس الأميركي أوباما لا تزال مترددة في تحقيق الطموح الأميركي بالحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن، لكن تعمل القوتان الأكبر في النصف الآخر من الكرة الأرضية على تقوية روابط الطاقة بينهما مما يزيد من متانة علاقاتهما الاقتصادية الواسعة. وبينما خفضت أميركا وارداتها النفطية من دول منظمة “أوبك” بما يزيد عن المليون برميل في اليوم، برزت كل من البرازيل وكولومبيا كمصدر أساسي للنفط الأميركي متفوقتين على دولة الكويت. وأكد الرئيس الأميركي أوباما في زيارته للبرازيل في مارس الماضي ضرورة أن تصبح أميركا “الزبون الرئيسي” للنفط البرازيلي فور ارتفاع معدل إنتاج النفط من الحقول الجديدة. وعاد المسؤولون الأميركيون مرة أخرى للتفاوض في أغسطس مع التركيز هذه المرة على التعاون في مجال النفط البحري والوقود الحيوي. وتقترب أميركا من تجاوز البرازيل كأكبر مصدر للإيثانول في العالم في الوقت الذي ترتفع فيه صادرات ذرة الإيثانول الأميركية للبرازيل. ويُعزى هذا التحول إلى عوامل تتضمن ضعف محصول قصب السكر المستخدم في البرازيل لإنتاج الإيثانول، وارتفاع تكاليف الأراضي الزراعية والأيدي العاملة. وقادت السعة الإنتاجية لنصف الكرة الأرضية التي تكفي لطلب أنواع الوقود المستخلص من الموارد غير التقليدية سواء كانت من الإيثانول أو السجيل النفطي، إلى مقدرتها على منافسة بلدان مثل ليبيا والعراق التي تملك احتياطات كبيرة من النفط بيد أنها تواجه عقبات استخراجه من باطن الأرض. وتقول آمي ميرز المدير المساعد في برنامج الطاقة التابع لجامعة “رايس” الأميركية بولاية تكساس “تنعكس الأحداث التي تجري في الشرق الأوسط سلباً على إنتاج النفط، مما يثير غضب الدول المصدرة الكبرى في العالم وذلك منذ تحول بوصلة الإنتاج في اتجاه آخر”. نقلاً عن: «إنترناشونال هيرالد تريبيون» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©