الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

ملفين بيرغس يواصل بحثه في حياة المراهقين أدبياً

ملفين بيرغس يواصل بحثه في حياة المراهقين أدبياً
1 أكتوبر 2011 01:34
صدر حديثاً للروائي البريطاني «ملفين بيرغس» رواية بعنوان « اهزم الأعداء» وهي رواية يستكمل فيها بيرغس البحث في حياة فئة مهمة من فئات المجتمع «المراهقون». نشر بيرغس المولود في عام 1954 روايته الأولى «عواء الذئب» عام 1990، أما أكثر أعماله إثارة للجدل فهي رواية «إدمان» الصادرة عام 1996 وروايات أخرى تتناول مشكلات المراهقين الأخلاقية، ويلقب البعض بيرغس بعميد رواية الناشئة المعاصرين، والأكثر إثارة للجدل، بالنظر إلى الموضوعات التي يتناولها في كتاباته، وهي تتسم أساساً بالجرأة، كما أن معظم شخصياتها الرئيسية واقعية. رواية «اهزم الأعداء» الصادرة في سبتمبر 2011، وهي موجهة للأطفال من سن الثالثة عشرة، مبنية على أحداث وشخصيات واقعية يلقى عليها الضؤ من خلال مقابلة المؤلف لشخوصها في أماكن وجودها لحظة كتابة العمل. وفيما يشبه البحث الميداني يشرع في اختيار عينته من المشاركين وموضوعه وهو حياة هؤلاء المراهقين ( المستبعدين ) من المجتمع، المودعين في إحدى دور الرعاية الاجتماعية في بريطانيا. وبخلاف النتيجة التي يتوصل إليها المشرفون التربويون والمعلمون، يخرج بيرغس بنتيجة أن هؤلاء الأطفال ليسوا سوى ضحايا لانطباعات الآخرين، فهم ليسوا حقيقة مؤزَمين وإنما هم مأزومون. وبالنسبة له هم أبطال هذا العصرالذين يسعون إلى إقناعنا بوجهة نظرهم. وكل ما هنالك أن لهم أولويات أخرى غير تلك التي يوفرها كل من البيت والمدرسة التقليديين. إن ثمة رسالة أخلاقية تطل من هنا، رسالة تتعلق بالطفولة المسروقة والأحلام المصادرة التي تحتاج إلى الاكتشاف من أجل المساعدة وليس الحرمان من دفء حياتنا الاجتماعية. وحسب الإحصاءات الرسمية كما يقول المؤلف فإن أكثر من خمسة آلاف مراهق من طلاب المدارس تركوا مقاعد الدراسة بين عامي 2009 و2010 على نحو مأساوي، كما أن الظاهرة مستمرة بشكل منتظم، وفيما يودع البعض في دور الرعاية فإن البعض الآخر يبقى متسكعاً ما يعطي إنذاراً بالخطر. ذلك هو ما يجسده أبطال الرواية الثلاثة (بيلي وروب وكريس) وهم شخصيات شريرة وبائسة حسب ما يثار حولها من مناظرات اجتماعية. هؤلاء يلتقيهم القارئ في إحدى دور رعاية الأحداث بإحدى المناطق البعيدة عن العاصمة البريطانية، ليستمع إلى قصصهم. والواقع أن هؤلاء المراهقين المجتثين من المجتمع يرتبط كل منهم بالآخر بعلاقة صداقة قوية ربما كانت تعوض عن ذلك. إحدى هذه الشخصيات بيلي وهي فتاة سيئة السمعة، كما يجمع الآخرون، مشاكسة، ذات ميول عدوانية، وخطرة على غيرها من الأطفال، حسب سجلها الدراسي وحسب المحيطين بها في الحي الذي تقطنه الأسرة. ربما كان تركيز الكاتب على هذه الشخصية على نحو أكبر وعلى حساب الشخصيات الأخرى بما فيها «مشرفو دار الرعاية»، فهو يستدرج القارئ لاستكشاف عالم مختلف إلى حد ما فيما يتعلق بالفتيات المراهقات لدى تعرضهن للمشكلات، وكيف يتحولن إلى متمردات. وأياً كان فإن قدرة بيرغس على الربط بين شخوصه بإحكام على الرغم من تنوع خلفياتها ربما كان تعويضاً عن ذلك. بالنسبة لماضيها القريب بيلي تفصل من المدرسة وتوضع في رعاية بعض الأسر لفترات زمنية، وبفعل سلوكها المتمرد تفر من هذه الأماكن على نحو يجسد ضربة موجعة للقوانين الاجتماعية السائدة لتودع في نهاية الأمر في دار لرعاية الأحداث. أما ماضيها البعيد فهو لايقل مأساوية عن ذلك، فهي على خلاف دائم مع أمها المريضة نفسياً التي لاترغب بوجودها في البيت. وبما أن الظروف كانت تحتم عليها تسيير أمور الحياة في منزل الأسرة بما في ذلك رعاية أخوتها الصغار، فإن ذلك كان كافياً لجعلها تستشعر الظلم في مرحلة مبكرة من حياتها. أما الظلم كما تراه «هانا» إحدى مشرفات الدار فهو أن تسرق طفولتها ولا يمنحها الآخرون الحب الذي تحتاج إليه بل وعلى العكس من ذلك تتعرض للاعتداء عليها بشكل وبآخر. إنها ومن أجل ذلك تكره المدرسة وتحارب المجتمع اللذين يقرران طردها بسبب تعبيرها الوحشي الرافض للظلم. أما روب، الصبي الضخم المتنمر، حسب هانا، فهو لايدخر وسيلة لإيذاء الآخرين فيما يبدو كما لو أنه إثبات للذات المهانة التي تذلها معاملة زوج الأم وعجز الآخرين عن حمايته. وحين تضربه بيلي بأخمص قدميها أثناء عراكهما في المدرسة يبدو ضعيفاً ويبدو الأمر مثيراً للضحك والتعاطف في آن، إذ يتنامى لديه شعور بالقلق على رجولته. والواقع أنه اللقاء الأول بين الشخصيتين. أما كريس فهو ابن الشريحة المتوسطة من المجتمع ممن تتوافر لأبنائها معظم متطلبات الحياة. ولعل ذلك ما يثير لدى والده السؤال عن السبب الذي يدعوه إلى كره مدرسته الراقية وافتعال المشكلات لأسرة بعيدة كل البعد عن العنف. لكن ما يدركه الأبوان عن ابنهما في وقت متأخر هو أنه ظل يعاني لسنوات طويل من مشكلة صعوبة القراءة ما كان يتسبب في كرهه للتعلم. «اهزم الأعداء»، رواية تثقيفية. وإذا كان المؤلف قد اقتبسها من الواقع فهي بلاشك عملية صعبة بالنظر إلى صعوبة تحويل الواقع المعاش إلى عمل قصصي يحمل بصمة إبداعية في المقام الأول، فهو في نهاية الأمر ليس باحثاً اجتماعياً. وربما كان بيرغس قد انطلق من أن اقتراب الإبداع من الواقع يجعله أكثر إسهاماً في حل مشكلات مجتمعاتنا الإنسانية المعاصرة.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©