الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جنوب السودان.. الطريق إلى الإفلاس

6 مارس 2016 00:58
قال محللون إن اقتصاد جنوب السودان يمكن أن ينهار تماماً خلال أسابيع إذا لم يتم الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية. ويُشاهد الآن المهجّرون في قوافل وهم يتسكعون بجوار جدار الأسلاك الشائكة المقام حول قاعدة تابعة للأمم المتحدة في العاصمة جوبا. وعندما عاد وفد مفاوض من متمردي جنوب السودان الشهر الماضي إلى العاصمة جوبا، الواقعة تحت سيطرة الحكومة، بعد عامين من الحرب، كان كثير من اللاجئين يعتقدون أنه سيكون في وسعهم العودة إلى بيوتهم التي فرّوا منها. إلا أن التوقعات المتعلقة بالتوصل إلى سلام راسخ بدت ضئيلة للغاية بعد أن فوّت الطرفان، الحكومة والمتمردين، خلال الأسبوع الماضي فرصة الالتزام بالموعد النهائي لتشكيل حكومة ذات تمثيل قوي للطرفين ووضع حد للحرب القائمة بينهما. وكان كل من الرئيس «سيلفاكير» المنتمي إلى قبيلة الدينكا، وغريمه قائد الثوار «رياك مشار» المنتمي إلى قبيلة النوير، قد وقعا اتفاق سلام في شهر أغسطس الماضي، إلا أن القتال تواصل بين الطرفين بعد ذلك دون انقطاع، وكان «مشار» أدلى بتصريح في أواخر شهر يناير الماضي في العاصمة الأوغندية كمبالا أكد فيه أنه لن يعود إلى جوبا، بسبب الخروقات المتعلقة باتفاقية السلام من طرف غريمه سيلفاكير. وفيما يتعلق بالأوضاع المالية في جنوب السودان، وبعد استشراء ظاهرة السوق السوداء لتجارة العملات، ارتفع الطلب على الدولار الأميركي حتى بلغ قيمة عالية في العاصمة جوبا إلى الحد الذي أفقد الناس ثقتهم في عملتهم الوطنية. ومنذ شهر ديسمبر الماضي، انخفضت قيمة جنيه جنوب السودان بأكثر من 90 في المئة على خلفية المفاوضات الشاقة والطويلة بين الرئيس سيلفاكير وزعيم المعارضة رياك مشار، حول تشكيل حكومة وحدة وطنية، بعد مضي أكثر من عامين على اندلاع الحرب الأهلية بين الطرفين، وكان هناك انقسام في الرأي ضمن أوساط السياسيين في جوبا فيما يتعلق باحتمال نجاح هذه المفاوضات، إلا أن افتقار الحكومة لخطة واضحة المعالم، إلى جانب انخفاض أسعار النفط على المستوى العالمي الذي يعد مادة التصدير الأساسية للبلاد، كانا سبباً في انخفاض الاحتياطي المالي المحلي، ويحذر اقتصاديون الآن من انهيار اقتصادي شامل ووشيك يمكن أن يقع خلال أسابيع قليلة إذا لم تتلقَّ دولة جنوب السودان مساعدات مالية عاجلة. وخلال حوار صحفي أجرته صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» مع وزير مالية جنوب السودان «دافيد دينج أثورباي»، ندّد فيه بالسياسة المالية الفوضوية التي تعود لرغبة بعض الدول الأجنبية في تغيير نظام الحكم في جوبا وإسقاط الحكومة الحالية. وقال: «إذا نفد مخزوننا من الدولار، فلن يبقى أمامنا سوى الاعتماد على جنيه جنوب السودان»، وأشار إلى أن الحكومــــة ســــتواجه صعوبة كبيرة في دفع مرتبات موظفيها ما لم يصلها تمويل عاجل من الخارج، وكذلك أشارت سفيرة الولايات المتحدة في جنوب السودان «ماري كاترين في» إلى أنه ما لم يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية في جنوب السودان، فلن تكون هذه الدولة الفتيّة مؤهلة للحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي أو من البنك الدولي. وقال محللون إن الانهيار المالي للبلاد سينعكس بقوة على قطاعات الخدمات العمومية، ويزيد مشكلة نقص المواد الغذائية تعقيداً، ولاشك أنه سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية المتردّية للسكان. ويشار إلى أن واحداً من كل خمسة من سكان البلاد قد نزح عن بيته بسبب الحرب الأهلية. وفي يوم الإثنين الماضي، حذرت الأمم المتحدة من أن ربع شعب جنوب السودان يحتاج إلى مساعدات غذائية عاجلة، وأن نحو 40 ألفاً منهم أصبحوا على شفا كارثة مجاعة. وكذلك قال «أليكس دو فال» المدير التنفيذي للمؤسسة العالمية للسلام عبر رسالة منقولة بالبريد الإلكتروني: «يبدو الوضع هناك كئيباً في وقت يشهد فيه النظام حالة تفكك حقيقية. ولا يبحث السياسيون إلا عن بعض الأساليب التي يحصلون من خلالها على بعض الدولارات، مثل بيع الأراضي، إلا أن القاع لم يعد بعيداً عنهم». وفي هذا السياق يقول أيضاً خبير في تجارة الأوراق المالية: «لقد قاموا بطباعة كميات ضخمة من جنيه جنوب السودان، ونظراً لتغير الأسعار فإن الجميع يلهثون وراء الدولارات ويدسونها في جيوبهم لأنهم يجهلون ما يمكن أن يحدث فيما بعد». *محلل سياسي أميركي مقيم في «جوبا» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©