السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإمارات أرست نموذجاً يحتذى في الالتزام بالضمانات النووية الدولية

الإمارات أرست نموذجاً يحتذى في الالتزام بالضمانات النووية الدولية
15 فبراير 2010 01:12
أكد الرئيس المشارك للجنة الدولية لمنع الانتشار النووي ونزع الأسلحة وزير الخارجية الأسترالي السابق جاريث إيفانز، أن استضافة دولة الإمارات العربية المتحدة لمقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، كان دليلاً قاطعاً على ما تتمتع به هذه البلاد من مكانة عالمية مرموقة، وسبباً كافياً لضمان نجاح المنظمة نفسها. وشدد البروفيسور إيفانز في حديث لـ “الاتحاد” على هامش ندوة نظمها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أن دولة الإمارات بعثت برسالة عالمية لا لبس فيها خاصة إلى البلدان التي تطمح إلى الإفادة من التكنولوجيا النووية السلمية، مؤداها أنها ترفض بشكل مطلق الأسلحة النووية، كما أنها وبالقدر ذاته، أرست أنموذجاً يحتذى في الالتزام بالضمانات النووية الدولية والشفافية الكاملة إزاء برنامجها للطاقة النووية السلمية. فيما يلي نص الحوار: - هل لنا أن نتعرف إلى أهداف زيارتكم للإمارات؟ - زيارتي لدولة الإمارات العربية المتحدة لها ثلاثة أهداف، أولها مشاركتي في اجتماع نظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية يومي 9 و 10 فبراير الحالي حول “القوى الناشئة والأمن الدولي” في الشرق الأوسط. شخصياً، أعتبر هذا اللقاء مساهمة بالغة الأهمية من دولة الإمارات كونها بادرت ضمن قضايا عديدة، بطرح قضية “الحوكمة” من جوانب مختلفة، ولعل أهمها مسألة نزع التسلح ومنع الانتشار النووي. هذا البند الأخير يكتسب أهميته البالغة في ظل إخفاقات عديدة في عمليات التحقق من مدى التزامات الدول مع تسجيل خطوات تراجعية خاصة في المناطق الأكثر تفجراً في العالم. أما الغرض الثاني للزيارة فيرتبط بتهنئة الإمارات على القرار المهم جداً الذي اتخذته قيادتها بامتلاك تكنولوجيا الطاقة النووية للأغراض السلمية. ومن المقرر أن تتوافر البلاد على 4 مفاعلات بحلول 2020. الأمر المهم للغاية في هذا المضمار، هو أن الإمارات أرست نموذجاً جديراً بأن يحتذى من قبل الدول الأخرى التي تطمح إلى تطوير برامج مماثلة للإفادة من إمكانات الطاقة النووية السلمية، وذلك من خلال تأكيد التزامها الصارم بالضمانات الدولية الشاملة التي تكفل عدم الانحراف بالبيئة النووية من استخدامات مدنية مشروعة إلى أغراض التسلح المحظورة. بمعنى آخر، أحسنت الإمارات صنعاً بتعزيزها لمفهوم الضمانات الشاملة من خلال تأكيدها على عدم توظيف مخرجات برنامجها للطاقة النووية السلمية، في أي وقت من الأوقات، لأغراض غير سلمية. ولا بد من التنبيه إلى أن الإمارات لا تزال متمسكة أيضاً، بدعم المبادرات الدولية الأخرى في هذا المجال، على غرار مشروع إنشاء بنك عالمي للوقود النووي وهو نافذة مهمة لتوفير الوقود النووي من خلال آلية تلعب دوراً مهماً في منع الانتشار النووي. كما لا بد لي أن أشدد في هذا المقام، على أن دولة الإمارات العربية المتحدة، بالتزامها الصارم بالضمانات والمعايير النووية الدولية، تبعث برسالة واضحة إلى العالم مفادها أنه “لا للسلاح النووي، ونعم للإفادة القصوى من الطاقة النووية السلمية”. هذا الموقف كان واضحاً منذ بداية فكرة برنامج الطاقة النووية السلمية ولمسته تماماً في لقاءاتي مع قادة الدولة والمسؤولين المعنيين مباشرة بهذا البرنامج. ثمة هدف ثالث للزيارة وهو مرتبط بالعلاقات الثنائية القوية بين الإمارات وأستراليا وهي أواصر تحرز نجاحات متطورة على كافة الصعد، وليس أبلغ دليلا من النتائج التي تمخضت عنها الزيارة الأخيرة لسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية إلى أستراليا. - كيف تقيمون اختيار الإمارات كمقر للوكالة الدولية للطاقة المتجددة “ايرينا” والدور المستقبلي لهذه المنظمة في ظل الإمكانات التي توفرها لها الدولة؟ - لا شك أن الإجماع الكبير على اختيار الإمارات لاستضافة مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، دليل قاطع على المكانة العالمية التي تحظى بها الإمارات والتي تعرف على نطاق العالم، بأنها توظف مواردها على نحو بناء جداً، وهذا نابع من سياساتها المتوازنة وانفتاحها على العالم من خلال مواقفها الإنسانية المشرفة ومساعداتها التنموية الضخمة. كما أن اهتمام القيادة الإماراتية من وقت مبكر برفد البلاد بواحدة من أفضل البنيات الأساسية في العالم، سبب آخر جدير بالتأمل. عليه، فإن تلك المقومات كفيلة بتعزيز تنافسية البلاد وكفيلة أيضاً بضمان النجاح الباهر للوكالة الدولية للطاقة المتجددة. - ثغرات التحقق في المشاريع النووية التي أشرت إليها آنفاً، فتحت الباب على الأقل “نظرياً” لعمليات انتشار، الأمر الذي زاد المخاوف من إلمام الجماعات الإرهابية بالتكنولوجيا النووية العسكرية، بل زاد المخاطر من وقوع سلاح نووي بيد جهة متطرفة، آخذين في الاعتبار السوق السوداء والاضطرابات في بعض الدول النووية، إذاً ما هي الضمانات التي تعمل عليها منظمتكم والوكالة الدولية للطاقة الذرية، لتجنيب البشرية كارثة مدمرة؟ - هذا الأمر مقلق جداً خاصة أن هناك ثغرات في المعاهدة الدولية لمنع الانتشار النووي، وثمة ثغرات مماثلة في نظام التفتيش والضمانات النووية وآليات تطبيقها. ولعل من المفيد جداً العودة إلى الأنموذج الإماراتي في مجال الطاقة النووية السلمية، فالإمارات وقعت بروتوكولاً إضافياً يسمح بعمليات تفتيش متعددة الأوجه، ما يؤكد مرة أخرى التزامها الصارم بالشفافية في إطار وضوح تام للأهداف. ولا شك أن تعزيز الضمانات الذرية وتطبيقها على نحو فعال، إضافة إلى عمليات التفتيش الشامل والتزام الدول بالشفافية التامة، هي الأدوات المتاحة حالياً، للتأكد من عدم الانحراف بالبرامج النووية المدنية، إلى أغراض عسكرية أو اتخاذها مظلة لتطوير أسلحة نووية. نحن نرجح أن يشهد العالم توسعاً سريعاً في برامج الطاقة النووية المدنية خلال العقود المقبلة، في ضوء التغيير المناخي ودور الطاقة الأحفورية فيه، وهذا بدوره يمثل خطراً إضافياً بما يمكن أن يترتب عليه من عمليات انتشار. هنا تبرز الحاجة الملحة لتعزيز دور الوكالة الذرية باعتبارها الجهة الأكثر فعالية في عمليات الرصد والتحقق، وهي الجهة المنوط بها إبقاء مجلس الأمن الدولي على إطلاع بتطورات البرامج النووية في كافة أرجاء العالم. من جانب آخر، نحن نعول كثيراً على نهوض الدول بمسؤولياتها تجاه عملية عدم الانتشار النووي وسد الثغرات التي يمكن أن ينفذ الإرهابيون عبرها. وفي هذا المقام، نعمل على ترسيخ مفهوم عام يعنى بتغيير النظرة السائدة لاستخدام الأسلحة النووية من كونها تحتل موقعاً مركزياً في الاستراتيجيات الدفاعية، إلى أداة هامشية في إدارة الصراعات والأزمات تمهيداً إلى إلغاء دورها تماماً. ومن هنا، نحن نطرح في تقريرنا الذي أنا بصدد الترويج له حالياً في نحو 26 دولة، “خارطة طريق” لعالم خال من الأسلحة النووية، ونعمل على إسقاط مشروعيتها تماماً في نهاية المطاف. ونشير هنا إلى أن الأسلحة النووية لعبت خلال فترة الحرب الباردة بين القوتين العظميين، دوراً رادعاً ومنعت نشوب حرب نووية، رغم الحروب التقليدية الأخرى التي اندلعت في مناطق عديدة من أنحاء العالم. وربما كان الخطر وقتئذ أقل كثيراً مقارنة بالوقت الراهن، كون اللعبة كانت بيد دولتين كبيرتين. أما الوضع الآن، فهو أكثر تعقيداً باعتبار وجود 7 دول نووية معروفة إضافة إلى كوريا الشمالية ودول أخرى مشتبه بامتلاكها أسلحة ذرية أو برامج تتطور بهذا الاتجاه. ونلاحظ في هذا المقام، أن عدم نشوب حرب نووية أثناء فترة الحرب الباردة كان مجرد “ضربة حظ”، لأنه كان بالإمكان وقوع كارثة لمجرد خطأ بسيط في الحسابات، ونؤكد مجدداً أن الخطر الماثل حالياً، أكبر مما كان عليه الحال بالفترة الممتدة من نهاية الحرب العالمية الثانية إلى نهاية الحرب الباردة، خاصة مع تزايد فرص حصول الإرهابيين على سلاح نووي، علماً بأنه لا توجد كوابح تمنع الجماعات المتطرفة من الزج بهذا السلاح الفتاك في المعركة. - هذه المخاوف تقودنا إلى التساؤل بشأن مخاطر سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط بما للمنطقة من أهمية بالغة في الاستراتيجية الدولية، آخذين في الاعتبار البرنامج النووي الإسرائيلي والشبهات القائمة بشأن الطموحات النووية الإيرانية! - أتفق تماماً مع الرأي القائل بوجود مخاطر حقيقية من سباق تسلح نووي في المنطقة، خاصة إذا ما امتلكت إيران سلاحاً ذرياً وهو أمر يشكل خطراً لن تطيقه المنطقة ولا المجتمع الدولي بأسره، ولا شك أن ثمة قلق على نطاق واسع من أن مصر والسعودية وتركيا وسوريا لن تقف مكتوفة الأيدي في حال ما حصلت إيران على سلاح ذري، ما يفتح الباب لسباق تسلح خطير في المنطقة. وأوضح بالقول إنني لا أميل إلى القفز للاستنتاج بأن طهران مصممة على امتلاك سلاح ذري، بقدر ما أنها يبدو مهتمة أكثر بالظهور للعالم بأنها تمتلك منشآت نووية قادرة على إتقان دورة تخصيب اليورانيوم، ما يعد نظرياً خطوة أساسية باتجاه تصنيع قنبلة ذرية. ولا أذيع سراً بالقول إنني أجريت لقاءات عديدة مع مسؤولين إيرانيين قبل نحو 3 سنوات ولمست منهم أنهم يدركون تماماً المخاطر التي يواجهونها إذا ما قفزوا لتطوير سلاح نووي. بجانب ذلك، أعتقد أن إيران لا تتوافر حالياً على القدرات التقنية التي تمكنها من إنتاج سلاح ذري، لكن ربما لن يطول بها الوقت لإتقان هذه العملية المعقدة. أعتقد أن الحل المتاح هو إبقاء نوافذ الحوار مشرعة مع طهران لإقناعها بضرورة التزام الشفافية الكاملة في أنشطتها النووية، وهذا لن يتحقق إلا بموافقتها على عمليات تفتيش فجائية دون قيود أو شروط. وتنهض هنا أيضاً، أهمية رسالة الإمارات القوية برفضها للأسلحة النووية وعدم الانحراف ببرنامجها للطاقة النووية لأغراض عسكرية. - الحديث عن ملابسات البرنامج النووي الإيراني، لا يمكن أن يكتمل إلا بربطه بالقدرات النووية الإسرائيلية والطموحات التوسعية لتل أبيب وتهديدها المستمر لكل من يحاول تغيير المعادلة لخلق توازن في المنطقة! - دعني أقول بوضوح إن التشكيك في عدم امتلاك إسرائيل لأسلحة نووية لم يعد مجدياً، بل هي تمتلك أكثر من مئتي قنبلة ذرية. وعليه، لا بد من اتخاذ الترتيبات التي تقنع تل أبيب في آخر المطاف، بالانضمام إلى الآلية الدولية لنزع الأسلحة ومنع الانتشار النووي. الوضع القائم حالياً يخلق توتراً مستمراً في المنطقة، ولا بد من الإشارة هنا إلى أن إيران تعرضت من قبل لتجربة مدمرة خلال حربها مع نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. أعتقد بضرورة الاستمرار في الحوار لنصل إلى شرق أوسط خالٍ من أسلحة الدمار الشامل، وهو هدف لا بد أن يقترن بالجهود المبذولة لتحقيق السلام في المنطقة. كما ينبغي أن نقر بأن كافة دول المنطقة لديها ما يكفي من الأسباب للقلق على أمنها، والحل المتاح هو طرح كافة تلك المشاغل والمخاوف على بساط البحث والنقاش. وأشير هنا إلى أن “خارطة الطريق” التي وضعتها منظمتنا، تلحظ إمكانية اقتناع إسرائيل في يوم من الأيام، بالتزام الشفافية بشأن قدراتها النووية والأنشطة المرتبطة بها. - هل من نجاحات حققتها لجنتكم على صعيد منع الانتشار النووي ونزع الأسلحة، وهل أنت متفائل بإحراز تقدم في هذا الملف الحساس؟ - نعم أنا متفائل، لأننا نجحنا من قبل في تفكيك البرنامج النووي لجنوب أفريقيا ودمرنا أسلحة ذرية. كما تمكنّا أيضاً من الحيلولة دون انضمام البرازيل والأرجنتين إلى النادي النووي العالمي في وقت كانتا فيه قاب قوسين من إنتاج أسلحة نووية. وبدورها، بادرت ليبيا بالكشف عن مسيرة برنامج نووي مماثل وتم تفكيكه، لكن المسيرة لا تزال طويلة، فرغم انتهاء الحرب الباردة قبل 20 عاماً، لا يزال هناك 23 ألف رأس نووية على الأقل منتصبة بطاقة تدميرية تعادل 150 ألف مرة للقنبلة الذرية التي دكت هيروشيما. كما أنه لا يزال نصف مجموع رؤوس هذه الترسانة النووية جاهز للإطلاق، ناهيك أن لكل من الولايات المتحدة وروسيا أكثر من ألفي سلاح نووي في حالة استنفار قصوى بدرجة الخطر وهي جاهزة للإطلاق ضمن فسحة زمنية تتراوح بين 4 و8 دقائق. نحن نسعى في الوقت الراهن لإحراز خفض في الترسانة النووية بمعدل 10%، وإذا ما مضى الأمر قدماً على هذا المنوال خلال السنوات الخمس عشرة المقبلة، سيكون العالم وقتئذٍ أكثر أمناً، آخذين في الاعتبار استئناف المفاوضات الأميركية الروسية بشأن معاهدة بديلة لـ “ستارت - 1” بشأن خفض الأسلحة النووية بين الدولتين والأمل في توصل الدولتين إلى تفاهم بديل قريباً يسفر عن مزيد من التخفيض في ترسانتيهما النوويتين.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©