الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشرطة الأفغانية ومعضلة بناء الثقة

الشرطة الأفغانية ومعضلة بناء الثقة
9 مارس 2009 01:56
في البداية كانت المهمة تقتصر على التواصل مع الأهالي والتعرف على القرية الأفغانية من خلال زيارة مدير المدرسة والتحدث إلى الناس، لكنها انتهت بلقاء أقل حميمية مما كان مخططاً له عندما شرع الجنود الأميركيون وعناصر الشرطة الأفغانية المرافقة لهم في تفتيش المزارع وتقليب أكوام القش والتبن بحثاً بلا جدوى عن أسلحة مفترضة وسط ذهول الأهالي، الذين طغى عليهم الصمت طيلة فترة التفتيش· وقد سعت الدورية التي سيرها ''ستيف نيبوادا''الملازم في الجيش الأميركي، ''ومعه 17 عنصراً من مجموعته إلى توسيع جهود الجيش الأميركي في أفغانستان، رغم أن هذا الهدف يضيع وسط الرسائل الملتبسة التي تصل إلى السكان المتوجسين، والذين لم يعودوا يعرفون بمن يثقون في أفغانستان· وفي إطار العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش الأميركي في محافظتين ريفيتين جنوب العاصمة كابل، تم تحديد مجموعة من الأهداف التي يتعين بلوغها مثل تحسين الوضع الأمني وتقليص التأييد الشعبي لمتمردي ''طالبان''، وتطوير أداء الشرطة والجيش الأفغانيين، بالإضافة إلى إقامة الحكم الرشيد وتعزيز الاقتصاد، ثم تحسين البنية التحتية مثل توفير الماء وشق الطرق· وعلى جميع الصعد، يقر القادة العسكريون أن مهمتهم دونها العديد من التحديات أهمها على الإطلاق معضلة الموازنة بين حماية الجيش الأميركي لأفراده وملاحقة المتمردين دون الإساءة للسكان في المناطق الريفية الهادئة· وفي هذ السياق، يقول العقيد ''ديفيد هايت''، القائد المحلي لثلاثة آلاف جندي من اللواء المقاتل الثالث للفرقة العاشرة من الجيش الأميركي ''إننا لا نحتاج من الناس أن يكنّوا لنا الود، لكننا بحاجة إلى ثقتهم بأننا هنا لمساعدتهم لتحقيق بعض التقدم، ومع أن المتمردين لا يستطيعون التفوق علينا في ساحة المعركة، إلا أننا نجد صعوبة في إقناع الأفغان بالوثوق في الحكومة''· وكما أوضح الملازم ''نيبودا'' لجنوده قبل الشروع في الدورية تحتاج المهمة إلى إقامة توازن دقيق بين الشك واحترام الأهالي، وقبل الخروج من قاعدة العمليات المتقدمة في ألتيمور والتوجه إلى قرية ''براكي براك'' التي يعتقد أنها مخترقة من قبل عناصر ''طالبان'' أعطى تعليماته للجنود بتوخي أقصى درجات الحذر والاستعداد لإطلاق النار متى ما تطلّب الأمر ذلك، لكن مع الحرص أيضاً على عدم إيذاء المدنيين، أو إهانتهم، كما طلب إلى رجاله استخدام تكتيك ''الصراخ والدفع'' مع أي شخص يُبدي سلوكاً عدائياً قبل اللجوء إلى العنف· وفيما كان موكب الدورية المكونة من آليات عسكرية مصفحة يتجه نحو القرية استدار الجندي المسؤول عن الرشاش في أعلى الدبابة إلى زملائه وهو يصرخ بأعلى صوته ''هل جئتم ببعض الحلوى للأطفال؟''· وبعد الخروج من الطريق الرئيسية، التزم الموكب خط الوسط، وهي التقنية التي تستخدم عادة لتفادي العبوات المتفجرة المزروعة على جنبات الطرق، وكان الموكب أيضاً يطلب من السيارات القادمة التوقف· وعندما وصلت القافلة العسكرية إلى مشارف القرية، ترجل الجنود من آلياتهم ودلفوا إلى القرية وأصابعهم على الزناد، وفيما انشغل البعض بتوزيع الحلوى على الأطفال المتحلقين، اهتم آخرون بإيقاف السيارات وإقامة نقطة للتفتيش، حيث سرعان ما تحلق بعض الرجال بالجنود ليراقبوا ما يجري دون أن ينبسوا بكلمة· لكن وأثناء الأحاديث الجانبية مع الصحفيين في ذلك المساء، عبر الأهالي عن مشاعر متضاربة حول الوجود الأميركي في قريتهم، ففيما قال البعض إنهم يخشون ''طالبان'' وعبروا عن امتنانهم للجيش الأميركي أكد آخرون أن تنامي أنشطة القوات الأميركية في المنطقة قد تستقطب عناصر ''طالبان'' لشن المزيد من الهجمات· وفي هذا الإطار أيضا يقول ''محمد كبير'' أحد سكان القرية: ''إننا نحتاج فعلاً للمساعدة، فطالبان تأتي ليلاً وتحرق شاحناتنا، لكن موظفي الحكومة لا يقومون بشيء عدا البقاء في مكاتبهم خوفاً على أنفسهم''، إلا أنه يضيف ''لسنا مرتاحين للوجود الأميركي هنا لأنه سيستقطب طالبان وستزداد الأمور سوءا بالنسبة لنا''· ويرى أحد ضباط الشرطة الأفغان أن البلاد ستنهار وستدخل مرحلة الحرب الأهلية بسبب الصراع بين الميلشيات المختلفة، لا سيما إذا ترك الأميركيون وحلف شمال الأطلسي أفغانستان لمصيرها، ويضيف الملازم ''محمد إسماعيل'' في الشرطة الأفغانية ''إن طالبان تريد أن تحكم بنفس الطريقة التي كانت تحكم بها من قبل، لكن الناس لا يريدون العيش تحت القمع، وإذا غادر الأجانب ستعم الفوضى وسيندلع الصراع''· وفي المناطق الريفية مثل محافظة لوجار، لا توجد سوى عناصر الشرطة الأفغانية التي تجوب المناطق النائية بطلب من الأهالي والسكان المحليين الذين يفضلون رجال أمن أفغان مسلمين يستطيعون التواصل معهم بسهولة ويحترمون التقاليد الاجتماعية السائدة· لكن مسؤولين في الجيش الأميركي يقولون إن الشرطة مازالت ضعيفة التدريب وتنقصها التجهيزات الأساسية، كما أنها تعاني من الفساد، لذا فإنه من المهام التي يعكف عليها المسؤولون الأميركيون في هذه المرحلة بناء قدرات الشرطة الأفغانية والارتقاء بأدائها ليصل على الأقل إلى مستوى الجيش الذي يسبق، حسب المسؤولين، الشرطة بمراحل عديدة· وعن هذه المهمة يقول العقيد ''هايت'' الذي يشرف على القوات الأميركية في المحافظات الجنوبية ''إن أصعب المهمات التي تواجهنا هي بناء الثقة في مؤسسة الشرطة''، وفيما يتعلق بالتدريب والمعنويات، يؤكد المسؤول الأميركي أن الشرطة الأفغانية متأخرة بحوالي خمس سنوات عن الجيش، الذي قطع أشواطاً مهمة وبات مؤهلاً للاضطلاع بأدوار مهمة في المستقبل· لكن وفيما كان الموكب الأميركي يتوجه إلى المدرسة المقرر زيارتها، وصلت تعليمات مفاجئة تطلب منهم القيام بعملية تفتيش بعد وصول معلومات عن وجود مخبأ للأسلحة· ولساعتين متتاليتين انتقل الأميركيون والأفغان من بيت لآخر بحثاً عن الأسلحة المفترضة، تلاحقهم أعين النساء المتواريات والأطفال الخائفين· وفي نقاش جرى مؤخراً بين ضباط في الجيش الأميركي ومسؤولين أمنيين أفغان، اتفق الطرفان على قصور أداء الشرطة الأفغانية والحاجة الملحة لتأهيلها بالتدريب والمعدات، لاسيما وسط التهم التي توجه إلى الشرطة الأفغانية باعتبارها إحدى المؤسسات الفاسدة في أفغانستان· باميلا كونستابل- أفغانستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©