الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الثوار الليبيون... وتحدي جمع السلاح

الثوار الليبيون... وتحدي جمع السلاح
2 أكتوبر 2011 00:51
أمام مستودع ضخم للأسلحة في العاصمة طرابلس تصطف مجموعة من الشاحنات الكبيرة مكشوفة الظهر محملة بالألغام والقذائف والصواريخ قبل أن تنقل بعيداً إلى الجبل الغربي، فبعد شهر تقريباً من استيلاء الثوار على طرابلس وإرغامهم للعقيد القذافي على الهرب والتواري عن الأنظـار يعمل عناصر بعض مليشيات الثوار على جمع كل ما تقع عليه أيديهم من السلاح الذي غالباً ما يأتي من مستودعات كبيرة تُركت بدون حراسة. ولكن بعض المليشيات التي لعبت دوراً في إسقاط النظام بالكاد تعترف بسلطة الحكومة المدنية الجديدة فيما بدأت تبرز بعض مظاهر التنافس بين العسكريين والمدنيين، الأمر الذي يثير قلق المسؤولين الأميركيين وجماعات حقوق الإنسان التي تراقب الوضع في ليبيا. وعن هذا الموضوع يقول "نعمان بن عثمان"، المعارض السابق لنظام القذافي والمحلل البارز في مركز "كويليام" بلندن: "حتى نتوفر على جيش وطني سيستمر السلاح في تهديد الأمن"! وترى الحكومة الأميركية أن احتمال سقوط مستودعات السلاح الليبي في أيدٍ خطيرة يبقى قائماً ويثير القلق، فالأميركيون يخشون من وصول الآلاف من صواريخ "أرض جو" التي لا يعرف أين ذهبت، لاسيما تلك المحمولة على الكتف، إلى عناصر تابعة لـ"القاعدة" قد تستخدمها لإسقاط الطائرات المدنية. وأكثر من ذلك تمثل الكميات الكبيرة من المتفجرات، التي يُعتقد أنها أكبر مما تركه نظام صدام في العراق، خطراً حقيقيّاً على الأمن الليبي، لاسيما إذا تمكن القذافي من الهرب خارج البلاد واستغل موارده المالية الضخمة لتمويل حركة تمرد وإرهاب ضد الثوار. وهذه المخاوف يؤكدها "بيتر بوكاريت"، مدير الطوارئ في منظمة "هيومان رايتس ووتش" بقوله: "فيما يركز المجتمع الدولي على الصواريخ المحمولة بالكتف يبقى الخطر الأكبر في ليبيا متمثلاً في المتفجرات والأسلحة التي يمكن استخدامها ضد الغرب كما هـو عليـه الحـال فـي العراق وأفغانستان"، مضيفاً أن "وجود مستودعات من السلاح غير محروسة بالإضافة إلى قائد سابق ما زال هارباً يستطيع تسخير الأموال لتأجيج الصراع ناهيك عن قسم من السكان ما زال يؤيده كل ذلك يمثل خطراً على ليبيا". ويشير "بوكاريت" إلى بعض مستودعات السلاح التي تعرضت محتوياتها للنهب خلال الأيام التي أعقبت سقوط طرابلس، وبعض تلك الأسلحة ربما شق طريقه إلى السوق الدولية، محذراً من أن ذلك قد يزعزع الأمن في محيط شمال أفريقيا من تشاد إلى السودان ومن مالي إلى الجزائر". ومع أنه من الأفضل جمع مليشيات الثوار للأسلحة بدل وقوعها في أيدي المتطرفين، إلا أن الأمر مع ذلك يثير قلق المراقبين الذين يتوقون إلى ليبيا مستقرة تحت قيادة عسكرية موحدة تؤول فيها السلطة لقيادة مدنية تنبثق من صناديق الاقتراع وليس عبر فوهات البنادق، وهو ما أكده أحد القادة العسكريين في طرابلس، رفض الكشف عن اسمه لحساسية الموضوع، قائلاً "إن انتشار السلاح يشكل معضلة حقيقية بالنسبة لنا". وفيما ينتهي المطاف بجزء كبير من الأسلحة في جبل نفوسة الذي يعد موطن البربر الليبيين يذهب البعض الآخر إلى مصراتة، المدينة الساحلية التي لعبت دوراً حيويّاً في مقاومة كتائب القذافي خلال الثورة. وفي هذا السياق يقول القائد العسكري الذي رفض الإفصاح عن هويته "إن هذه المجموعات التي تنقل السلاح إلى مناطقها لا تكاد تلتزم بتوجيهات أية سلطة ولا بأية رقابة، وهي مناطق عانت كثيراً تحت حكم القذافي خلال الشهور الأخيرة من عمر الثورة ولذا يعتقدون أن كل ما يقومون به مبرر". ومن بين أشد الخلافات التي برزت إلى السطح بعد انهيار نظام القذافي تلك التي اندلعت بين الإسلاميين والليبراليين، وبين الألوية العسكرية المتمركزة في طرابلس وبين تلك المستقرة في الجبل الغربي، وبخاصة في بلدة الزنتان، حيث رفضت الألوية العسكرية المنحدرة من الجبل الغربي مغادرة طرابلس حتى تجمع ما يكفي من السلاح، كما يتردد بعضها في الانصياع للقيادة المدنية. وفي هذا الصدد يقول "علي كوبا" من الزنتان الذي تستقر قواته في مطار طرابلس الدولي "نحن نريد الدخول تحت مظلة الجيش الوطني، ولكن من السابق لأوانه تنفيذ هذا الأمر، فنحن ما زلنا نبحث عن الأسلحة في هذه المنطقة التي يقدر عددها بحوالي 12 ألف قطعة، ونريد الانتهاء من هذه المهمة قبل الانضمام إلى الجيش الوطني". ويرى بعض المراقبين السياسيين أن المقاتلين من جبل نفوسة ربما يعملون على جمع السلاح في هذه المرحلة خوفاً بعدما عانوا كثيراً تحت حكم القذافي، أما في مصراتة فيصر المقاتلون على أنهم يدافعون عن الحريات التي ماتوا من أجلها، وهو ما يوضحه القائد العسكري لمصراتة، "سالم جحا" قائلاً: "لن نسلم أسلحتنا أبداً حتى يدير البلاد من يستحق ذلك، فنحن ندعم شرعية المجلس الوطني الانتقالي، ولا نبحث عن منافع سياسية أو مالية أو اقتصادية". والأمر نفسه يؤكده "محمد بالراس علي"، المسؤول الكبير في مجلس مدينة مصراتة وأحد أعضاء الفريق الذي يحاول ضمان استقرار ليبيا بعد عقود من حكم القذافي، قائلاً "حتى نتوفر على برلمان منتخب وحكومة منتخبة، ورئيس منتخب فإننا لن نسلم السلاح". سيمون دينر - طرابلس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج ميديا سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©