الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عودة بوتين للكريملن... أي تكلفة للأميركيين؟

2 أكتوبر 2011 00:51
العودة المرتقبة لبوتين رئيساً لروسيا مجدداً في العام المقبل، تعني الاستقرار، كما تعني الجمود بالنسبة للروس. أما بالنسبة للدول المجاورة والولايات المتحدة، فعليها الاستعداد للتعامل مع رئيس خشن. من هنا يمكن القول، إن الفهم التام لنقاط قوة السيد بوتين - وروسيا- معاً يمثل شرطاً أساسياً لأي سياسة أميركية واقعية. وبصدور إعلان نهاية الأسبوع الماضي بأن بوتين سيكون هو مرشح الحزب الحاكم لانتخابات الرئاسة في عام 2012، فإن الرجل سيصبح بذلك أطول الزعماء الروس استمراراً في الحكم منذ جوزيف ستالين الذي حكم لمدة ثلاثين عاماً على وجه التقريب. فمن المعروف أن بوتين قد تقلد زمام الحكم - أولاً كرئيس ومن بعد ذلك كرئيس وزراء منذ عام 2000، وتوليه الرئاسة لفترة ثانية واستمراره فيها لفترتين رئاسيتين، معناه أنه سيظل في موقع المسؤولية لغاية عام 2024. وفي الوقت الذي سيتولى فيه بوتين الرئاسة، فإن الرئيس الحالي ديمتري ميدفيديف سيتولى منصب رئيس الوزراء. والسؤال هنا: هل سيرشح ميدفيديف بعد ذلك نفسه للرئاسة ويقوم بوتين بعد انتهاء مدتي خدمته كرئيس، بالتقدم مجدداً لشغل منصب رئيس الوزراء بتكليف من ميدفيديف الذي سيصبح رئيساً، بحيث تستمر لعبة التوالي هذه قائمة لغاية العام 2036؟ ومع تولي بوتين للرئاسة مرة ثانية، فإن روسيا تواجه احتمال مقايضة الاستقرار بالجمود. صحيح أن ميدفيديف قد تكلم خلال فترة حكمه عن عملية تحديث واسعة النطاق، ولا يني يؤكد على أنه يدعم بقوة إجراء انتخابات مباشرة لمجلس الاتحاد وهو الغرفة العليا في البرلمان الروسي. كما يتحدث أيضاً عن بناء" اقتصاد المعرفة في البلاد"، ولكن الحقيقة هي أنه لم ينجز سوى القليل في فترته الرئاسية. أما بوتين فيتحدث عن استيراد تقنيات غربية خاصة لتقوية صناعتي الدفاع والطاقة. وهذا النموذج ليس رائداً للتحديث وإنما من نماذج التحديث على النمط الروسي يقوم على محاولة اللحاق بالغرب، وهو نموذج مستمر منذ أيام بطرس الأكبر القيصر الروسي الصارم ذي الميول الغربية الذي جلب الأزياء الغربية والتكتيكات العسكرية لروسيا في وقت لم تكن تعرف عنها شيئاً، وهذا القيصر المؤسس لمدينة بطرسبرج مسقط رأس بوتين وميدفيديف معاً، يعتبر القدوة والبطل الذي يحاول بوتين احتذاءه. أما التحديث السياسي الذي يعتمد على العودة إلى الديمقراطية القائمة على تعدد الأحزاب (التي حاول يلتسين تطبيقها) فسيكون من الصعب إعادة إطلاقها في الفترة الثالثة الرئاسية لبوتين. لقد ظلت روسيا تمثل لغزاً لصناع السياسة الغربيين على مدى قرون، لكن إدارة أوباما تدعي أنها قد حققت نجاحاً كبيراً في سياسة" إعادة ضبط العلاقات مع روسيا" اعتماداً على العلاقة الشخصية الحميمة بين أوباما وميدفيديف بل إن الرئيسين أصرا معاً على أن سياسة إعادة ضبط العلاقات ستدخل البلدين في مرحلة جديدة من التعاون والصداقة. يشار في هذا الصدد إلى أن "هيريتيج فاونديشن" كانت تحذر دائماً من أن هذه السياسات سيتم معارضتها بمجرد عودة بوتين للحكم. الإدارة الأميركية الحالية تدعي أن سياسة ضبط العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة قد أتت أكلها. لكن من الصحيح أيضاً أن الهوة بين البلدين قد ظلت عميقة في العديد من الموضوعات الأخرى منها ما يتعلق بتوسيع "الناتو" شرقاً، ومنها ما يتعلق بموضوع والدفاع الصاروخي. ويشار في هذا السياق إلى أن أي تعاون قد قدمته روسيا كان مقابل تكلفة. ومن المتوقع أن يسعى بوتين بعد عودته مستفيداً في ذلك من النفوذ الجيوبوليتيكي الخاص لبلاده إلى دور أكثر بروزاً على الساحة الدولية. وسيكون على أوباما وغيره من القادة الغربيين التعامل معه في هذه الحالة على أنه الرئيس الأطول خدمة من بين قادة الدول العشرين الكبرى. كما يجب علينا ألا ننسى أن بوتين يسيطر على ثاني أكبر ترسانة في العالم كما سيكون لديه أيضاً موارد روسيا الاقتصادية الهائلة بما في ذلك احتياطي آمن من النقد الأجنبي مقداره 400 مليار دولار، بالإضافة إلى احتياطات الغاز والنفط وتشكيلة كبيرة من المواد الخام والمصادر الطبيعية التي ستكون كلها طوع بنانه. الشيء المهم في هذا الصدد أن بوتين لا يخفي عدم ثقته بالولايات المتحدة حيث يصفها بأنها دولة طفيلية على الاقتصاد العالمي، ويتهمها بأنها هي التي أحدثت الربيع العربي والثورات المخملية من خلال توسيع الميديا الاجتماعية التي يصعب السيطرة عليها، كما أنه يرفض الدور الذي يلعبه الدولار كعملة احتياطي عالمي. على الرغـم من كـل ذلـك هناك شـيء واحد واضح تمام الوضوح هو أن حكم بوتين الذي يتوقع أن يكون طويلاً وسيستمر لمدتين رئاسيتين سوف يمثل تحدياً صعباً للغاية للغرب وللولايات المتحدة ولجيران روسيا أيضاً. ارييل كوهين محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©