السبت 4 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الاستثمارات الصناعية بمصر «في مهب الريح»

الاستثمارات الصناعية بمصر «في مهب الريح»
2 أكتوبر 2011 00:43
انتهت وزارة الصناعة والتجارة المصرية من وضع آليات جديدة لمنح التراخيص الصناعية في كافة الأنشطة على ضوء الأزمة التي أثارها الحكم القضائي ببطلان إصدار تراخيص لمستثمرين يعملون في مجال صناعة الحديد وهي شركات “حديد عز” و”طيبة” و”بشاي” و”الجارحي”. وتستهدف الآليات الجديدة بث الثقة لدى المستثمرين الصناعيين بعد الصدمة التي سببها الحكم القضائي حيث صدر الحكم بعد نحو ثلاث سنوات من حصول هؤلاء المستثمرين على تراخيص إنشاء المصانع وتم ضخ مئات الملايين من الجنيهات كاستثمارات في تأسيس المصانع سواء جرى تدبير هذا التمويل بمعرفة المستثمرين أنفسهم أو عبر الحصول على قروض بنكية وجاء الحكم ليضع هؤلاء المستثمرين في مأزق تسعى وزارة الصناعة إلى إيجاد مخرج سريع له. ورغم تطمينات صدرت من وزارة الصناعة واجتماعات دعت اليها هيئة التنمية الصناعية ضمت مسؤولين حكوميين وقيادات مصرفية مع أصحاب المصانع لبحث حل الأزمة والتوصل الى اتفاق وشيك فإن ردود الأفعال السلبية لصدور الحكم في أوساط المستثمرين دعت الحكومة المصرية الى سرعة بحث البدائل والآليات الخاصة بمنح تراخيص المصانع مستقبلا حتى تهدأ أطراف السوق وتتضمن الآليات الجديدة طرح تراخيص المصانع لا سيما في المجالات الحيوية وذات الطبيعة الخاصة وفي مقدمتها صناعات الحديد والألومنيوم والكابلات الكهربائية والأسمدة والأسمنت والسيراميك والبويات في مزادات علنية يتقدم اليها جميع المستثمرين بشرط اجتياز مرحلة التأهيل الفني لدخول المزايدة حيث لن يحق لمن لايجتاز الشروط الفنية الخاصة بطبيعة الصناعة الراغب في الحصول على رخصة بها دخول هذه المزايدات التي سوف تقتصر على العروض المالية وتحديد رسوم الحصول على الرخصة. ووفقاً لهذه الآلية سوف يتم تحديد سعر مبدئي لقيمة كل رخصة صناعية على حدة وتتوقف هذه القيمة على طبيعة النشاط ومدى احتياج السوق المحلية لهذا المنتج ومستوى الربحية الذي يحققه المستثمر في هذا المجال وطبيعة الدعم الذي تحصل عليه هذه الصناعة سواء فيما يتعلق بالأراضي أو المواد الخام أو الطاقة اللازمة للتشغيل وفي المقابل احتساب حجم الاستثمارات المطلوبة وعدد فرص العمل التي سوف يوفرها المشروع وقيمة الضرائب المتوقع تحصيلها لحساب الخزانة العامة بعد التشغيل ودور المنتج الصناعي في سد احتياجات السوق المحلية وخفض أسعاره على المستهلك النهائي أو دور مثل هذه المصانع الجديدة في كسر احتكارات قائمة في مجالات صناعية بعينها أو دورها في تعزيز القدرة التصديرية في هذا المنتج أو درجة اعتمادها على المواد الخام المحلية أوالسعر الذي تحصل به هذه المصانع على المواد الخام. وحسب معلومات حصلت عليها “الاتحاد” فإن هناك اتجاها لإلغاء نظام سداد قيمة الرخصة الصناعية فور حصول المستثمر عليها لوزارة الصناعة واستبدال ذلك بالحصول على نسبة محدده من عوائد التشغيل لمدة زمنية تتراوح بين 10 و15 عاماً، وذلك في إطار التيسير على المستثمرين وعدم تحميلهم بأعباء مالية ضخمة عند بداية تأسيس المشروع الأمر الذي كان يدفع الكثيرين من ذوي الملاءة المالية المحدودة عن العزوف عن خوض المنافسة للحصول على هذه التراخيص وترك المجال لأصحاب رؤوس الأموال الضخمة خاصة في صناعات الحديد والأسمنت والأسمدة الأمر الذي ترتب عليه اقتصار هذه التراخيص على عدد محدود من المستثمرين مما أدي الى احتكارات ضخمة أضرت بالسوق والمستهلك. ويعزز من هذا الاتجاه ما كشفت عنه الأزمة الأخيرة الخاصة بالحكم القضائي لمصانع الحديد حيث تبين أن معظم هذه الشركات حصلت على تمويل مصرفي كبير مقارنة بمعدلات التمويل الذاتي الذي جرى تدبيره بمعرفة أصحاب المشروعات وبالتالي أصبحت البنوك طرفا في الأزمة ومن ثم فإن عدم تحصيل قيمة التراخيص فورا سوف يؤدي الى توجيه الاقتراض المصرفي في حالة حدوثه الى المشروع ذاته بدلا من استخدامه لسداد رسوم الرخصة مما يؤدي لأعباء مالية كبيرة على المشروع قبل التشغيل، لاسيما في ظل ارتفاع قيمة التراخيص والتي تدور في المتوسط حول نصف مليار جنيه للرخصة الواحدة وارتفاع الفوائد المصرفية على القروض وبعد المسافة الزمنية بين توقيت الحصول على الرخصة ومزاولة النشاط الفعلي والتي قد تمتد لأكثر من 5 سنوات يستغرقها إنشاء المصنع ودخوله حيز الانتاج وبالتالي سوف تتضاعف فيه الرخصة على أصحاب المصانع. ويأتي هذا التوجه في إطار تعليمات جديدة صدرت للبنوك مؤخرا بضرورة عدم تجاوز نسبة تمويل المشروعات قيمة رأس المال الفعلي المدفوع والذي يتم سداده بمعرفة مؤسسي المشروع لعدم تكرار الأخطاء التي شابت عمليات إنشاء مشروعات سابقة حيث كان أصحاب المشروعات يقترضون من البنوك عدة أضعاف قيمة رأس المال المدفوع مما يؤدي إلى خلل مالي مستمر تتحمله البنوك حال فشل المشروع أو في حالة حدوث مستجدات طارئة سياسية أو قانونية أو اقتصادية مثلما حدث مؤخرا في تراخيص مصانع الحديد ومن ثم تسعى هذه التعليمات إلى تجنيب البنوك المخاطر المترتبة على عدم إمكانية الاستمرار في المشروع لأي سبب. وحسب هذه المعلومات أيضا فإن النظام الجديد لمنح تراخيص المصانع في مصر سوف يتضمن التزام الحكومة بمنح المستثمر في حالة حصوله على الترخيص خطاب ضمان يتضمن تعهدات حكومية بعدم إلغاء الترخيص، إلا إذا خالف المستثمر شروط منح الرخصة وكذلك الالتزام بتوصيل الطاقة للمصانع وفقا لأسعار سوف تكون معلنة عند كل ترخيص حسب نوع الصناعة وفي المقابل سوف توقع غرامات وعقوبات قاسية على المستثمر في حالة عدم الاستمرار في المشروع أو عجزه عن تدبير التمويل اللازم بمعرفته حال رفض البنوك منحة التمويل المطلوب. وتستهدف هذه الخطابات تحديد العلاقة المستقبلية بين الحكومة ومستثمري القطاع الصناعي على نحو أكثر شفافية يشمل التزامات متبادلة بين الطرفين ويمنع حدوث أزمات تترتب عليها أضرار مالية بطرفي التعاقد وتؤثر سلباً على سمعة ومناخ الاستثمار الصناعي في مصر. ويرى مستثمرون صناعيون أن الآلية الجديدة من شأنها تنقية مناخ الاستثمار خاصة في القطاع الصناعي الذي يعد ركيزة التنمية في آي بلد ويسهم في جذب استثمارات أجنبية ضخمة الى هذا القطاع الحيوي لا سيما أن هناك فرصا واعدة في القطاع الصناعي في مصر ويمثل جاذبية كبيرة للمستثمرين استنادا الى حجم السوق التي تضم 85 مليون مستهلك مع معدلات زيادة سكانية كبيرة وكذلك رخص تكلفة الطاقة حتى الآن مقارنة بدول مجاورة ورخص تكلفة المواد الخام والعمالة وغيرها من عناصر الانتاج مما يفسر هجوم المستثمرين الأجانب على صناعات محددة في مصر خلال السنوات الأخيرة خاصة صناعات الحديد والأسمنت والأسمدة التي تتمتع بطلب عالي في السوق المحلية وتحقق أرباحا لاتحققها نفس هذه المشروعات في بلدان أخرى بما فيها البلدان الأكثر نموا أو ذات الدخل الفردي المرتفع. ويقول خليل قنديل، رئيس شعبة الصناعات المعدنية في اتحاد الصناعات المصرية، إنه رغم أن الأزمة الأخيرة الخاصة بالمصانع التي صدر حكم بشأن سحب تراخيصها في طريقها إلى الحل، فإنه من الضروري البحث عن آلية جديدة لمنح تراخيص المصانع، خاصة في هذه الفترة الملتبسة والتي تتسم بالارتباك وغموض الرؤية الحكومية بشأن التنمية المستقبلية ودور القطاع الخاص المصري والعربي والأجنبي في هذه التنمية. ويؤكد أن هناك تجارب عالمية معروفة في قضية منح التراخيص الصناعية ويجب دراسة هذه التجارب وأخذ ما يناسب الظروف المصرية لأنه ليس للمستثمر ذنب في حدوث أي أخطاء تتعلق بالإدارة الحكومية خاصة أن هذا المستثمر لا يعد طرفاً وحيداً في المعادلة فهناك البنوك التي قد تكون شريكة بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق منح تمويل في المراحل الأولى فإذا تم إلغاء التراخيص بعد إنفاق عشرات الملايين من الجنيهات فسوف يحدث ضرر كبير لمختلف الأطراف وفي مقدمتها البنوك التي قد تكون منحت تمويلاً.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©