الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المضمون والجوهر يحددان موقف الإسلام من الفنون

المضمون والجوهر يحددان موقف الإسلام من الفنون
16 أكتوبر 2014 21:25
أكد علماء الدين أن الإسلام الحنيف لا يعادي الفن الجيد الذي يبني ولا يهدم، ويصلح ولا يفسد، والذي يعمل على تحقيق الأهداف السامية داخل المجتمعات الإسلامية، وأن الدين الحنيف يعارض الإسفاف باسم الفن، ويتحفظ على كل الأعمال التي تسعى إلى هدم الثوابت الدينية والقيم الاجتماعية والأخلاقية. ودعا العلماء إلى الرقي بالفنون وتوظيفها في خدمة رسالة الأمة، وأن يتخذها المسلمون وسيلة لنشر الإسلام وتعاليمه وحضارته. يقول الشيخ محمود عاشور، وكيل الأزهر الأسبق، إن مجالات الفنون متعددة ومتنوعة، فقد تكون فنوناً قولية مثل الشعر والنثر، وقد تكون صوتية مثل الموسيقى والغناء، وقد تكون مرئية كالتمثيل، وقد تكون تشكيلية كالرسم والحفر، ولا يمكن التسوية بين هذه الألوان من الفنون من حيث نظرة الإسلام إليها، ولكن القاعدة العامة التي يرجع إليها هي المضمون الذي تحتويه هذه الفنون، فإن اشتملت على مخالفة لعقائد الإسلام وأخلاقه، فلا شك في تحريمها كالرقص، أو الغناء الفاحش المشتمل على المنكرات، أو التمثيل الذي يتضمن مشاهد عري وإسفاف، والغاية التي يستهدفها الإسلام في تحريم بعض ألوان الفنون، هي أن يحول بينها وبين فساد المجتمع. ويشدد على أن الإسلام الحنيف لا يعارض الفن الجيد الذي يخاطب المشاعر والأحاسيس، ويعمل على تحقيق الأهداف السامية في المجتمعات الإسلامية، ولكنه يعارض الإسفاف باسم الفن، وهدم الثوابت الدينية والقيم الاجتماعية والأخلاقية، مؤكداً أن الإسلام يضع حدودا وضوابط للفن الجيد الذي يغرس في النفوس القيم النبيلة والأخلاقيات الرفيعة، فالإسلام لا يقر حرية بلا حدود ولا قيود، حيث إن حرية الفن تعد كلمة خادعة تخفي فوضى التعبير عن الأحاسيس، وفي هذا الإطار حمى الإسلام المجتمعات الإنسانية من الانطلاق وراء الخيال الجامح والشهوات المعربدة، ونجد ذلك في حديث القرآن عن الشعراء الذين كانوا يتبعون النهج الجاهلي في التصوير، وفي هذا يقول الله تعالى: (والشعراء يتبعهم الغاوون * ألم تر أنهم في كل واد يهيمون * وأنهم يقولون ما لا يفعلون). سورة الشعراء: الآيات 224 - 226. ضد المفاسد ويضيف أن الفنون المشتملة على المفاسد الخلقية، لا صلة لها بالمجتمع الإسلامي المسلم، لأنها تخاطب الغرائز، وتدفع الإنسان إلى التردي في هاوية الانحراف، وما يقال في هذه الأنواع من الفنون، يطبق بذاته على الفن التمثيلي، وبمقاييسها يقاس المسرح، والأفلام، وكذلك المسلسلات المختلفة، مشيراً إلى أن أشكال الفنون وصور تقديمها المتباينة، كلها تخضع للمعايير الإسلامية، فما هو منها في حدود ما تسمح به الشريعة، فهو حلال، وما فيه خروج وإسفاف وعري وإثارة فهو حرام. تغذية الوجدان ويؤكد ضرورة تجنيد الفن بأشكاله المختلفة لخدمة الإسلام، سواء كان فناً مصوراً أو مقروءاً أو مسموعاً، فالكلمة الطيبة والصورة الراقية الجميلة يمكن أن تكون سفيراً لتعريف الناس وإقناعهم بالإسلام، مشيراً إلى أنه إذا كان العلم يغذي العقل، والعبادة تغذي الروح، والرياضة تغذي البدن، فإن الفن الجميل والجاد يغذي الوجدان، ونحن بحاجة لتغذية الوجدان كما نغذي العقل والروح والجسم. الخير والبناء وترى الدكتورة آمال ياسين، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن الفن مثل العلم، يمكن أن يستخدم في الخير والبناء، ويمكن أن يستخدم في الشر والهدم، ولأن الفن وسيلة إلى مقصد، فحكمه حكم مقصده، فإن استخدم في حلال فهو حلال، وإن استخدم في حرام فهو حرام، مؤكدة أن الأصل في الفنون الإباحة إلا ما نص الشرع على تحريمه مما يطلق عليه بعضهم اسم الفن، والفنون التمثيلية هي من هذا القبيل، فهي مؤهلة لأن تكون حلالا، ومؤهلة لأن تكون حراما، ولا نستطيع أن ننكر إمكانية إقامة فنون تمثيلية ومسرحية إسلامية، بل إن هذا هو الواجب، وهو البديل للفساد الأخلاقي الذي يسود معظم الأعمال الفنية الحديثة، مما يجعل الغيورين والملتزمين ينفرون منها، وهم معذورون أمام ما يرونه في معظم التمثيليات والمسرحيات والأفلام من إسفاف وعري وانحطاط أخلاقي، والغريب أن هذا كله يتم تحت شعار حرية الفن والإبداع، وهي كلمة في ظاهرها الرحمة وفي باطنها العذاب. الفن الهابط وتؤكد أن أشكال الفن الهابط تخاطب الغرائز، وتعتمد على الإسفاف والسطحية، وتعتبره نوعا من تضييع شباب الأمة والانحراف بفكر الشباب، مؤكدة أن الإسلام يرفض الفن الهابط ويحاربه ولا شك أن الفنانين الجادين هم الذين يساهمون في بناء وثقافة وحضارة المجتمع، ويقدمون أعمالاً قيمة، ونحن نرى أنهم إضافة ولا مانع من تقديم أعمالهم بل نرى أنها مساهمة إيجابية في بناء المجتمع. وتشير إلى أن كل أشكال الفن الحلال يجوز استخدامها في مجال الدعوة للإسلام، بل وفي مجال الترفيه المباح عن الناس من غير مخالفة للشرع، فلا يجوز في التمثيل استعمال المحرمات كالعري والتقبيل، وغير ذلك، ولا يجوز في البرامج التليفزيونية والإذاعية وغيرها من وسائل الإعلام والفن، عرض ما يناقض الشريعة، داعية إلى إنتاج الأفلام الهادفة مثل أفلام الدعوة، والأفلام التاريخية والاجتماعية التي تبين روعة المثل والأخلاق الإسلامية. روح الفن ويؤكد الدكتور عبد الرحمن العدوي، الأستاذ بجامعة الأزهر، وعضو مجمع البحوث الإسلامية، أن روح الفن هو الشعور بالجمال، والإسلام يدعم هذا الشعور في نفس المسلم، ويعلم المؤمن أن ينظر إلى الجمال في الكون كله، في لوحات ربانية رائعة الحسن أبدعتها يد الخالق المصور «الذي أحسن كل شيء خلقه»، ومن تدبر القرآن الكريم يجده ينبه العقول والقلوب إلى الجمال الخاص بمفردات الكون وأجزائه فيقول الله تعالى: «أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج». ويضيف أن الإسلام يؤيد الفن الجميل بشروط معينة، بحيث يصلح ولا يفسد، ويبني ولا يهدم، وقد أحيا الإسلام ألوانا شتى من الفنون، ازدهرت في حضارته وتميزت بها عن الحضارات الأخرى مثل الخط والزخرفة والنقوش وغيرها. فالإسلام يرحب بالفن الراقي المسموع والمرئي بقيود وشروط تنأى به أن يكون معبراً عن الفساد والانحلال الأخلاقي. توظيف الفنون يدعو الدكتور عبد الرحمن العدوي، الأستاذ بجامعة الأزهر إلى ضرورة الرقي بالفنون وتوظيفها في خدمة رسالة الأمة، وأن يتبنى المسلمون الفنون الجادة ليتخذوا منها وسيلة في نشر تعاليم الدين الحنيف، والمجال في هذا كثير، فالإذاعة والتليفزيون والتصوير، كل منها ليس محرما في ذاته، فهي أداة وأسلوب، واستعمالها من المصالح، وإنما المحرم فيما يذاع، وينتج ويعرض إذا كان مخالفًا للشرع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©