الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المرأة والرجل في القصة كفرسيّْ رهان

المرأة والرجل في القصة كفرسيّْ رهان
20 سبتمبر 2012
39 عاماً من القص إذا ما احتكمنا إلى أول قصة نشرت في الدولة، و34 عاماً من السرد والإنتاج القصصي إذا ما اعتبرنا صدور اول مجموعة قصصية “الخشبة” للقاص عبد الله صقر التي صدرت في العام 1975م هي بداية الفن القصصي في الإمارات. خلال هذه الرحلة حملت القصة على عاتقها مهمة التعبير عن الهم الاجتماعي والذاتي والإنساني. وانسربت في تفاصيل المشهد الثقافي العام لتكون واحدة من مداميكه الأساسية وتصوغ حصتها من تطوره ونموه. وفي مساحة القصة القصيرة، تاريخياً وفنياً، متسع للتباين في الفنيات وطرق المعالجة والقدرة على التقاط الحدث المتوتر بتقنية سردية تعلو وتهبط، وتشع وتبهت، وفقاً لتمكن كل قاص من أدواته. كما أن هناك متسع للذكرى والحلم والرمز والموروث الاجتماعي بتجلياته كافة ولقضايا المرأة وغير ذلك من هموم وحكايا ترسم ملامح المشهد القصصي بإتقان لصنعة السرد أحياناً، أو وقوع في التقريرية أحياناً أخرى. والحقيقة ان العنصر الثابت في خيمة التنوع والتعدد هذه هو أن القصة القصيرة تمتلك مدونة ثرة يمكن للبحث النقدي والعمل التحليلي أن يخرج منها بنتائج مهمة في حال توفرت له البيانات والمعلومات والأرقام الثاوية في مسيرتها التاريخية من جهة، وأن القصة القصيرة حجزت مقعداً خاصاً بها في المشهد الثقافي، وهو ما جعل عدد كبير من النقاد والباحثين الذين كتبوا فيها يرون أنها العنصر الأبرز في هذا المشهد. شهـيـرة أحمــد رغم ما يثور حول القصة القصيرة من أشكاليات، وما تثيره من أسئلة، فإن المشهد العام لها يقول إنها نمت وتطورت وشهدت حراكاً واسعاً سواء لجهة التقينات الفنية التي تكتب بها أو لجهة المضامين الفكرية المبثوثة في نصوصها، وهي ما تزال في حالة نمو وتطور من خلال إصرار كتابها على تجريب التقنيات الفنية المتنوعة والانفتاح على كل الأساليب الكتابية. فثمة من يكتب القصة التقليدية بشروطها الفنية المعروفة معتمداً الوصف والتسلسل الزمني في تقديم الأحداث وتقديمها في إطار السرد التقليدي التسلسلي ومراعياً التطابق بين المتن الحكائي والمبنى الفني، وثمة من يشتغل على منهج التداعي الحر وما يوفره من إمكانات تعبيرية للقاص وهو يصوغ ملامح شخصياته ويسرد أحداث قصته، تاركاً للوعي الداخلي حريته في التداعي دون الارتهان إلى منطق التسلسل الزمني، ساعياً نحو لحظة التنوير التي يتأسس عليها بنيان القصة أو معماريتها الفنية. وثمة من يذهب إلى التجريب منفتحاً على اشكال القص والسرد مستفيداً أو موظفاً للتقانات الرمزية والتعبيرية وربما الغرائبية أحياناً في إنتاج القصة التي يرغب، وفي نسج قصة تنفتح على قراءات متعددة، وثمة من يمضي إلى السيرة الذاتية ليخلق من وقائع يومية حياتية عادية نصاً إبداعياً فنياً. وتكفي نظرة عجلى على حركة القصة في السنوات الأخيرة لملاحظة النمو الكمي في عدد الإصدارات القصصية بشكل عام، ولبعض القاصات والقاصات بشكل خاص، وبروز عدد من الأسماء الجديدة أو تلك التي لم تكن قد دخلت مغامرة النشر بعد. واللافت في هذه التجربة القصصية الجديدد، إن صحت العبارة، أنها أنثوية الطابع ويبرز فيها الصوت النسائي بشكل واضح. وهي ملاحظة تتسق مع ما يطرح منذ نشوء القصة القصيرة في الإمارات، وفيه وحوله قدمت دراسات كثيرة بعد أن حاز عناية الباحثين واهتمامهم؛ فكتبوا الدراسات وألفوا الكتب حول الصوت النسائي في القصة القصيرة، وتجلياته، ومكامن الإضافة التي يقدمها للمشهد القصصي في الدولة. وفي العادة، حيث يشار إلى تميز الصوت النسائي في القص وخصوبته الفنية، فإن الأسماء التي تحضر هنا معروفة: (سلمى مطر سيف، مريم جمعة الفرج، أمينة بوشهاب، ظبية خميس، ليلى أحمد، سعاد زايد العريمي وأخريات) وهي أسماء لها ثقلها في المنجز الثقافي المتحقق على صعيد القصة القصيرة في الدولة. من هنا، جاء هذا الملف الخاص بالقصة القصيرة في الدولة، ليتساءل عن اسباب هذا الحضور النسائي في القصة، من دون أن يعني ذلك غياب الصوت الآخر أو صوت الرجل، فالاثنان يتشاركان تماماً في إنجاز هذه القصة مشهداً وتاريخاً ووعياً فنياً قادراً على التجاوز في أحيان كثيرة. والقول بإن هناك (تفوق نسائي) في عدد الإصدارات القصصية الصادرة مؤخراً (منذ العام 2000 ولغاية العام الحالي 2012) ليس ادعاءً ولا تجديفاً، بل تؤكده الأرقام والإحصاءات، من دون أن ينسحب هذا التفوق على مساحات زمنية أخرى أو إلى فضاءات فنية بحتة. فالأرقام لا تعني الكثير على مستوى فنية القص وسويته التقنية وجمالياته، لكن المنجز الكمي يقدم لنا أرقاماً وإحصاءات تؤشر على قضايا أخرى ذات علاقة بوضع المرأة / الكاتبة الاجتماعي، وعلاقتها هي بالإبداع والتراكم والاستمرارية، كذا يلقي ضوءاً على حركة النشر المحلي وفي أي اتجاه تسير، وثمة ارتباطات وعلائق أكثر جوهرية يمكن الخروج بها من الجداول والأرقام لا ينبغي التقليل من شأنها أو اعتبارها من “سقط المتاع” الأدبي. بحثاً عن الحقيقة في الحقيقة، كنت أميل قبل إعداد هذا الملف إلى الرأي السابق، الذي يقول إن القصة القصيرة في الإمارات هي الأكثر نمواً وتطوراً وبروزاً في المشهد الثقافي المحلي، وأنها استمرت في تقديم أسماء جديدة رغم توقف عدد من الذين كتبوها في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي عن الكتابة... وفيما يخص الشق الرقمي من هذه القضية، ولكي لا أدخل في إنشاء الكلام من غير أدلة تسنده، قلت سأجرب أن أذهب في القول إلى آخره. ولهذا قررت أن أصل إلى رأي قاطع في هذه المسألة على الأقل من الناحية الكمية، بمعنى، هل صحيح أن المرأة تتفوق على الرجل في إنتاج القصة القصيرة؟ فإن كانت النتائج إيجابية تؤكد مثل هذا القول، يصبح البحث عن المسوغات والأسباب أمراً طبيعياً، وإن كانت النتائج تنفي صحة ما يقال فإننا نستبعد عامل الكم تماماً، وندخل في الحديث عن النوعية، وهو الأمر المعوَّل عليه في تقديري. ورغم أن الأرقام، على أهميتها، لا تحظى باهتمام كثير في عالمنا العربي، فتظل قضايانا هكذا تناقش كيفما اتفق، إلا أن وجودها لا يضر، ويفيد بشكل خاص الباحثين في قضايا المرأة وسوسيولوجيا القصة ووظيفتها وعلاقتها بالمجتمع، ناهيك عن التوثيق، وهذه فائدة جليلة تضع البحث العلمي في أوقات كثيرة على “السكة” المناسبة، وتأخذه إلى الطريق الأقصر للحقيقة.. فالقضية التي تسندها الإحصائيات هي غالباً قضية تقترب كثيراً من أن تكون علمية وبالتالي مقنعة. ومن بين الملاحظات الكثيرة التي خرجت بها بفضل الأرقام أن التفوق العددي للمرأة في القصة القصيرة ليس ضرباً من الأوهام، لكن ينبغي الاستدراك على عبارة كهذه بالقول: التفوق العددي (كم الاصدارات وعدد الكاتبات) لم يحدث لا في الثمانينات ولا في التسعينات بل في الاثني عشرة سنة الماضية فقط، وبالتحديد بعد العام 2000. فقد شهدت الفترة من العام 2001 وحتى العام الحالي 2012 بروزاً واضحاً تماماً للمرأة/ الكاتبة، حيث صدرت 68 مجموعة قصصية كان نصيب المرأة منها 44 مجموعة، وبمقارنة هذه النتيجة مع معطيات المراحل السابقة يتضح لنا صدق القول بأن عدد القاصات وعدد المجموعات القصصية التي يجري إنتاجها في ازدياد، حيث أن الفترة من 1975 ولغاية 1990 أي في عقد الثمانينات شهدت صدور 36 مجموعة قصصية منها 10 فقط كتبتها نساء، وفي الفترة من 1991 ولغاية 2000 بلغ عدد المجموعات الصادر 30 مجموعة منها 17 مجموعة نسائية. مثل هذا المؤشر يشير إلى أن القصة القصيرة تحظى باهتمام من النساء، وأن المرأة / القاصة خرجت إلى معترك النشر الإبداعي وأعلنت صوتها مطبوعاً وموثقاً وقابلاً للدرس النقدي. فالنقد كما نعلم يرتاح أكثر لتناول مجموعة قصصية وربما لا يكلف نقاد كثيرون أنفسهم عناء البحث عما ينشر في هذه الصحيفة أو تلك، في هذه المجلة أو تلك، من إبداعات قصصية إلا في حالات نادرة. كما أنه يؤشر على أن المرأة/ القاصة تغير النمط المجتمعي من حولها، فصار لها “لسانا” يقص المفيد ولا ينشغل بسفاسف الأمور، وصارت لها مكانة في ساحة الإبداع. وهو يؤشر أيضاً على أن القصة القصيرة ما زالت فناً رائجاً، يلقى اهتمام الكتاب الشباب رغم ما يقال عن زمن الرواية، وأنها – أي القصة - في حالة نمو (عددي) بالفعل وأن عدد الكاتبات الجدد في ازدياد، فإذا ما أضفنا إلى الجانب الكمي والعددي شهادات المؤلفين والكتاب والناقدين الذين يعترفون أن المرأة مبدعة في كتابة القصة، وأنها على تماس مع المنجز القصصي المكين يصبح لهذا القول “القصة القصيرة تنمو بحيوية والمرأة لها فيها حصة وافرة” مشروعيته، ويصبح مبيناً أو مستنداً إلى قاعدة صلبة، ولا يطلق من قبيل ترديد المقولات الجاهزة أو تكريس الصور النمطية. صحيح أن القصة القصيرة التي تفوقت فنياً وإبداعياً في مراحل زمنية سابقة لم تكن تتفوق عددياً حتى نهايات القرن السابق، لكنها مع طرقات الألفية تفوقت عددياً، وأيقظت، على ما يبدو، رغبة الكتابة في أرواح جملة من الفتيات اللواتي ذهبن في غواية الكتابة إلى مديات جديدة. وهكذا، يمكن القول، بوثوقية، ومن دون أدنى ارتجاف، بأن القصة القصيرة فاعلة في المشهد الثقافي وأن المرأة / القاصة حاضرة بكل قوتها الروحية والإبداعية والكمية والنوعية في هذا المشهد. علامات رقمية في محاولة للحصول على مسرد (أعتقد أنه شامل) للقصة القصيرة، عكفت على إعداده وتحصيل المعلومات المتعلقة به عبر عدة وسائل: الأولى: الاتصال بالجهات والمؤسسات الثقافية التي تقوم بنشر الإبداع القصصي لكتاب الإمارات داخل الدولة لمعرفة ما أصدرته من المجموعات القصصية وهي: اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، هيئة أبوظبي للثقافة والتراث (مشروع قلم)، وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، مركز الشيخ سلطان بن زايد الثقافي الإعلامي، هيئة دبي للثقافة والفنون، دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، مركز الدراسات والوثائق في رأس الخيمة، ودار نشر كتاب. الثانية: الاتصال بالقاصين أنفسهم سواء عبر الهاتف أو عبر البريد الإلكتروني لتدقيق المعلومات واستكمال ما نقص من الإصدارات. الثالثة: ما توفر من إصدارات قصصية في مكتبة الخليج العربي التابعة لدار الكتب الوطنية في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث. الرابعة: ما توفر لديَّ في مكتبتي الشخصية من إصدارات قصصية. وقد حرصت أثناء جمع الإصدارات على الحصول على سنة النشر وجهة النشر وهل هي داخل الدولة أو خارجها ما استطعت إلى ذلك سبيلا، أما السبب في إيرادي لهذه التفاصيل فهو أنني عثرت على تواريخ نشر وأسماء مغلوطة وردت هنا أو هناك، ولكي لا يحار الباحث الذي ربما يستفيد من معلومات هذا المسرد في الراهن أو في المستقبل في تحديد أيها الصحيح كما حدث معي، أحببت أن أطمئنه إلى أن ما قدمته هنا هو الكلام الفصل لأنني استقيته مباشرة من أصحابه أي الكتاب الذين كتبوا القصص ومن المعلومات المنشورة على أغلفة القصص نفسها. وهنا بعض العلامات التي خبَّرتني بها الأرقام هذه المرة وليس الملاحظة والمتابعة وحدهما فقط. أولاً: يبلغ مجموع المجموعات القصصية الصادرة في دولة الإمارات حتى شهر أغسطس من العام الجاري 2012 (148 مجموعة قصصية) منها (67) مجموعة لكُتّاب و (81) مجموعة لكاتبات. وهي نسبة متقاربة كثيراً (لا سيما إذا وضعنا في الاعتبار أن نسبة معينة من الخطأ لا بد أن تحدث في أي رصد لظاهرة مجتمعية مهما بذل الباحث من الجهد وحرص على الدقة). ويعود السبب في التقارب الكمي بين عدد المجموعات الصادرة للجنسين رغم غلبة عدد القاصات الواضح (48) على عدد القاصين (26) إلى أن بعض القاصين منتجين بكثرة (محمد المر، عبد الرضا السجواني، علي الحميري، إبراهيم مبارك)، في حين لا تتجاوز إصدارات أكثرهنَّ غزارة (6) وهي القاصة باسمة يونس.. وتراوح الباقيات بين مجموعة إلى ثلاث مجموعات في أفضل الأحوال، ولا يشذ عن هذه القاعدة سوى الكاتبة والشاعرة والقاصة ظبية خميس التي واظبت على الإنتاج وأصدرت (35) كتاباً، في حقول مختلفة، ثلاثة منها فقط هي مجموعات قصصية. ثانياً: يُلاحظ أن معظم الكتاب والكاتبات تقريباً كتبوا القصة القصيرة في مرحلة من حياتهم، فمنهم من استمر وأقام عليها ومنهم من هاجر الى الرواية او الشعر أو المسرح (علي أبو الريش، محمد حسن الحربي، صالح كرامة، محمد راشد المزروعي) ومنهم من كتب الرواية واستمر في كتابة القصة (علي الحميري، أسماء الزرعوني، فاطمة المزروعي على سبيل المثال لا الحصر)، ومنهم من توقفوا تماماً (حمد راشد الجروان، عبد الله صقر، علي عبد العزيز الشرهان، عبد الرحيم حسن عبد الرحمن، محمد ماجد السويدي، منصور عبد الرحمن)، وهم يشكلون نسبة لابأس بها من مجموع كتاب القصة الـ (26) وهذا العدد بالمناسبة يشمل كل الكتاب الذين صدرت لهم مجموعات قصصية بما في ذلك الذين اصدروا مجموعة واحدة ثم توقفوا او من الشعراء والباحثين والدارسين في الاجتماع والتراث والتاريخ الذين اصدروا كتابهم القصصي الأول، لكنه لا يشمل القاصين الذين كتبوا القصة ولم يصدروا مجموعات قصصية. ثالثاً: رغم قلة إنتاجهن للمجموعات الشعرية إلا أن القاصات لم يتوقفن عن كتابة القصة، وإن كانت المسافة بين الإصدار الأول والثاني والثالث بعيدة نسبياً، يستثنى من ذلك (ليلى أحمد، وأمينة بو شهاب التي اتجهت إلى الدراسات والبحوث وكتابة المقالات، وسارة الجروان التي ذهبت بكليتها إلى الرواية). رابعاً: رغم أن المرأة بدأت مبكرة في كتابة القصص ونشرها في المجلات والصحف المحلية إلا أنها لم تدخل إلى معمعة النشر إلا في العام (1984م) حيث صدرت المجموعة القصصية (النسائية) الأولى في الدولة وهي: “الخيمة والمهرجان والوطن” للقاصة ليلى أحمد. ومن المعروف أن أول مجموعة قصصية ظهرت في الإمارات هي (الخشبة) للقاص عبد الله صقر، كما تظهر الإحصائيات أن الرجل بدأ في نشر القصص في مجموعات قصصية قبل المرأة، وأن المجاميع القصصية الصادرة في الفترة من (1975م ولغاية 1983م) هي كلها مجموعات لكتاب رجال. خامساً: تنامت مساهمة المرأة القاصة بشكل واضح في عقد التسعينات، ودخلت بقوة إلى عالم النشر وبدأت في إصدار المجموعات، وتوضح الجداول المنشورة هنا، حجم القفزة التي حدثت على صعيد الكتابة والنشر ما يؤشر على تغير في وضع المرأة الاجتماعي، ورسوخ صوتها في المنجز الإبداعي القصصي. سادساً: يحتل اتحاد كتاب وأدباء الإمارات المرتبة الأولى بين المؤسسات المحلية في نشر القصة القصيرة لكتاب إماراتيين، حيث بلغ ما صدر عن الاتحاد 32 مجموعة قصصية، تليه دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة التي أصدرت 22 مجموعة قصصية، ثم هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة التي أصدرت 10 مجموعات قصصية أصدرها مشروع “قلم”، ثم وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع التي أصدرت 12 مجموعات قصصية، ثم مركز الوثائق برأس الخيمة بواقع مجموعة قصصية واحدة. ومجموعة واحدة ايضاً صدرت عن صحيفة هماليل ويلفت النظر في ما يتعلق بالنشر أن دور نشر محلية وعربية ومطابع تجارية أصدرت 70 مجموعة قصصية، حيث اتجه الكتاب الإماراتيون للنشر الخاص سواء داخل الدولة أو خارجها قبل أن تنشط المؤسسات الثقافية الرسمية في تبني نشر الإبداع القصصي المحلي.. وهذا مؤشر على التطور الذي شهدته سياسات هذه المؤسسات تجاه الإبداع المحلي على صعيد نشره تحديداً. سابعاً: تظهر الأرقام المتوفرة أن أكثر نسبة من الإصدارات القصصية شهدها العام 2008 بواقع 11 مجموعة قصصية منها 8 مجموعات لكاتبات و 3 مجموعات لكتاب، يليه العام 2011 بواقع 9 مجموعات منها 5 لكاتبات و4 لكتاب، ثم أعوام 1987 و 2004 و2010 حيث صدرت فيها 7 مجموعات قصصية. ثامناً: عرفت الساحة الثقافية في الإمارات نوعاً من العمل الجمعي بحيث صدرت مجموعات قصصية او شعرية مشتركة بين القاصات (النشيد وهي مجموعة مشتركة بين سلمى مطر سيف ومريم جمعة فرج وامينة ابو شهاب) أو صدور مختارات قصصية أعدها اتحاد كتاب وادباء الإمارات (كلنا.. كلنا.. نحب البحر) التي صدرت في العام 1986 أو صدرت بالتعاون بين الاتحاد والاتحاد العام للكتاب العرب (مختارات من الإمارات) في العام 1994 أو (12 قصة قصيرة) التي أصدرها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في 1989.. و(عطش البحر وجمرة الصحراء) بالتعاون مع وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع التي أصدرت بدورها مختارات قصصية بعنوان (مبدعون من الإمارات)، وحبذا لو أعاد اتحاد الكتاب هذه السيرة لما تحمله من مشاعر الألق الثقافي من جهة، ولسبب يتعلق بالنقد من جهة ثانية، وتاريخ القصة يشهد بأن هذه الكتب او الإصدارات حظيت بعناية كبرى من النقاد وصارت مرجعاً لهم ومتكأ لكل كتابة عن القصة القصيرة في الدولة. تصويب لا بد منه وبعد.. الأرقام كثيرة، وهذا غيض من فيض... وهي تنطوي على علاقات ومقارنات ومقايسات كثيرة تتعلق بالمرأة والقصة وحضورهما في المشهد الثقافي.. ولأن ما حصلت عليه يبدو مقارباً في مظهره العام لما حصل عليه الناقد والقاص الدكتور يوسف حطيني سأترك لمقاله أن يعمق دلالات بعض الأرقام أو يضيئها. يؤكد الدكتور حطيني أن أي ملاحظة تتعلق بتفوق جنس أدبي على آخر من حيث الكم يجب أن تعتمد على الإحصاءات، وليس على الآراء، وعليه من الواجب دراسة النتيجة الإحصائية التي يجب تحديثها بين حين وآخر، وعدم الركون إلى الآراء التي تطرح جزافاً. ويضيف الدكتور حطيني: “تتناقل الأوساط الثقافية في بعض الأحيان آراء تتعامل معها على أساس أنها مسلّمات، ثم تنطلق باحثة عن تسويغها، ومن تلك الآراء رأيان سمعتهما عدة مرات على لسان عدد من المثقفين، يرى الأول أن الإقبال على كتابة القصة القصيرة في الإمارات أكثر من الإقبال على كتابة الشعر والرواية، والثاني يرى أن مشاركة المرأة تفوقت على مشاركة الرجل في إنتاج القصة القصيرة الإماراتية. واعتماداً على هذين الرأيين ينشأ سؤالان يدوران في أذهان هؤلاء المثقفين: ـ كيف نسوّغ الجنوح الصارخ نحو الكتابة القصصية على حساب الشعر والرواية؟ ـ بم نعلل تفوق المرأة على الرجل في إنتاج المجموعات القصصية (ونحن هنا نقصد الكم)”؟. غير أنني شخصياً، والكلام ما يزال للدكتور حطيني، أفضّل أن أسأل قبل ذلك سؤالين مختلفين: هل تتفوق القصة القصيرة على الشعر والرواية من حيث الكم؟ وهل يعدّ إسهام المرأة حقاً أكثر من إسهام الرجل في مجال الكتابة القصصية؟”. وانطلاقاً من السؤالين السابقين يسجل الدكتور حطيني الملاحظات التالية: أولاً: من الطبيعي أن يتفوق الإنتاج الكمي للشعر والقصة على الرواية، لأن الإنتاج الروائي يحتاج إلى دأب يفتقر إليه الذين يستسهلون الأمر، فعدد الذين يقدمون على كتابة الشعر والقصة من غير الموهوبين والمستسهلين، أكبر بكثير من الذين يغامرون بكتابة الرواية، وهذا أمر لا يخص الإمارات وحدها، إذ نجده في كثير من المجتمعات، يضاف إلى ذلك أن كثيراً من الروائيين بدأ قاصاً. ثانياً: لقد أنجزتُ كتابين صدرا عن دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة عام (2008) و(2012) الأول عنوانه (القصة القصيرة الإماراتية ـ قراءة في تفاصيل السرد)، والثاني عنوانه (الشعر الإماراتي ـ قراءات في الموضوع والفن)، وراجعت ما توفر لدي من مجموعات قصصية وشعرية فصيحة فوجدت أن مكتبة البحثين شملت (85) مجموعة قصصية، و(86) مجموعة شعرية (على الرغم من إخراج الشعر النبطي من حيّز الدراسة). وإذا كان هذان الرقمان غير دقيقين، لأن هناك مجموعات شعرية وقصصية لم أتمكن من الحصول عليها، فإنهما يعدّان مؤشرين معتبرين للتقارب الكمي في إنتاج كل من النوعين الأدبيين. ثالثاً: من خلال مراجعة كتاب القصة القصيرة في الإمارات الذي يتضمن مسرداً للنتاج القصصي الإماراتي حتى العام 2005، وهو مسرد أعددته بنفسي، ولا أدعي كماله، لاحظت من خلال عمليات حسابية بسيطة ما يلي: أنتج القاصون الإماراتيون نحو 61% من المجموعات القصصية الإماراتية، فيما أنتجت القاصات الإماراتيات نحو 39% من المجموعات القصصية الإماراتية. كما أن هناك تقارباً كبيراً جداً بين عدد القاصين والقاصات، فالقاصون يشكلون 49% والقاصات 51%. وأن تقسيم عدد المجموعات القصصية على عدد القاصين يشير إلى أن القاص الإماراتي أنتج وسطياً (2.7) مجموعة قصصية بينما أنتجت القاصة الإماراتية (1.6) مجموعة قصصية. ويعلل الدكتور حطيني التفوق الكمي عند القاصين (للمجموعات القصصية) بالقول إنه يعود إلى عدم اكتفاء عدد منهم بمجموعة أو اثنين، بل المواظبة على النشر (عبد الرضا السجواني وعلي أحمد الحميري ومحمد المر الذي يعد أكثر الإماراتيين إنتاجا في هذا المجال)، في حين أن عدداً من القاصات اكتفى، لسبب أو لآخر، بمجموعة قصصية واحدة، وإن كنا لا نعدم مواظبة واجتهاداً عند عدد آخر من القاصات (من مثل أسماء الزرعوني وباسمة يونس وسعاد العريمي وسلمى مطر سيف)، كما لا نعدم بالمقابل وجود قاصين ممن أنتج مجموعة قصصية واحدة ثم انسحب من الساحة القصصية (من مثل عبد الله صقر). وينتقل الدكتور حطيني بالنقاش إلى مستوى أعلى، آخذاً إياه جهة الحديث عن النوعية، يقول: “عندما يتعلق الأمر بالقيمة الفنية، فإن الأمر يبدو مختلفاً عن الناحية الكمية، فبالنسبة لي ـ وبعد اطلاعي على عدد كبير جداً من القصص القصيرة في الإمارات ـ أعتقد جازماً أن القاصات قدمن تجارب فنية أكثر نضجاً من القاصين (خاصة إذا استثنينا القاص المبدع إبراهيم مبارك وشيخ القصة الإماراتية محمد المر)، إذ ثمة أسماء نسائية متعددة لديها اجتهادات واضحة على صعيد كسر البنية الفنية السائدة، وتطويرها من خلال قوالب تشي بمقدرة فنية فائقة”. وتأسيساً على ما سبق، يؤكد الدكتور حطيني أن المطروح هو “صياغة جديدة للظاهرتين الأدبيتين المشار إليهما في البداية، وأقترح أن تكون على الشكل التالي: إنّ المجتمع الإماراتي، شأنه في ذلك شأن كثير من المجتمعات العربية، مجتمع محافظ، وفي مثل هذه المجتمعات لا يشكل الإسهام الأدبي للمرأة نسبة كبيرة من الإنتاج الإبداعي. غير أنّ المنتج الأدبي يشهد أن المرأة الإماراتية كانت شريكاً حقيقياً في حمل راية الأدب شعراً ونثراً إلى جانب الرجل، وكافأته ـ أو كافأته تقريباً ـ في الإنتاج الكمي، وتفوّقت عليه في تمثّل الشكل الفني وتطويره. أما تعليل ذلك ـ فيما أرى ـ فإن هذا المجتمع، من خلال أنماط الإنتاج الاقتصادي المختلفة التي تميزه أتاح فرصاً اقتصادية كبيرة أمام الرجال والنساء، فتصدّى كثير من الرجال، وقليل من النساء لاستثمارها، وهذا ما أتاح الفرصة لتفرّغ أكبر المرأة الإماراتية، فارتقت إلى مصاف الإبداع الحقيقي، واستطاعت أن تسهم في خلخلة نسبة الإنتاج الأدبي المتوقعة من هذا المجتمع لصالحها”. *** أخيراً، ينبغي أن لا تنسينا الأرقام والإحصائيات أن الكتابة شيء والنشر شيء آخر... والحقيقة أن أجمل ما تخبرنا به الأرقام أن المرأة والرجل في القصة القصيرة كفرسيًّ سباق، يتجاوران ولا يسبق أحدهما الآخر إلا بقدر ما يجوّد الواحد منهما فنه ويبتكر في إبداعه. ? ?? ?اتحاد الكتاب يحتل المرتبة الأولى في نشر القصة القصيرة لكتاب إماراتيين.. وهيئة ابوظبي للثقافة و«وزارة الثقافة» و«ثقافية الشارقة» رفدت الساحة بأسماء جديدة يبلغ عدد المجموعات القصصية حتى 2012 قرابة 148 وأكثر نسبة منها شهدها العام 2008 يليه العام 2011 والسبب يرجع إلى تأسيس مشروع «قلم» الذي أصدر جلّ كتابات هذين العامين أرقام ? يبلغ عدد المجموعات القصصية الصادرة في دولة الإمارات حتى شهر أغسطس من العام الجاري 2012 (148 ) مجموعة قصصية. ? أصدرت الكاتبات (81) مجموعة قصصية واصدر الكتاب (67) مجموعة. ? عدد القاصات (48) قاصة، وعدد القاصين (26) قاصاً. ? شهدت الفترة من العام 2001 وحتى العام الحالي 2012 بروزاً واضحاً تماماً للمرأة/ الكاتبة، حيث صدرت 68 مجموعة قصصية كان نصيب المرأة منها 44 مجموعة. ? الفترة من 1975 ولغاية 1990 أي في عقد الثمانينات شهدت صدور 36 مجموعة قصصية منها 10 فقط كتبتها نساء. ? الفترة من 1991 ولغاية 2000 بلغ عدد المجموعات الصادر 30 مجموعة منها 17 مجموعة نسائية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©