السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قصة إبريقين

قصة إبريقين
16 أكتوبر 2014 21:25
في ذات الوقت الذي كان فيه كذا مليون شخص في العالم يبدأون صباحهم مع جبنة «راميك»، حسب الدعاية المشهورة آنذاك، كان أخي يبدأ صباحه – لا بل فجره - بوضع زنبعة إبريق الشاي العملاق في فمه وطرقعته، حتى الجزيء الأخير من ذلك السائل الأسمر البائت من الليلة الفائتة، لا بل انه في حال قل المحصول، كان يعصر بقايا الشاي الأسود في حلقه، بلا هوادة. بالمناسبة، لم يكن أحد ينافس أخي على الشاي البائت، لكنه كان يمتلك حسا أمنيا شفافا يجعله يطرقع الإبريق ونحن نيام، خوفا من رغبة مفاجئة لأحدنا في المنافسة. وبالمناسبة أيضا فقد صرت «أقرف» من شرب الشاي جراء الطريقة اللاحضارية التي يعتمدها أخي في التعاطي، وتحولت «على كبر» الى النسكافيه ومشتقاتها. وقد حاولت ان أنتمي لحركة: «ما أشربش الشاي اشرب آزوزة أنا»، لكني لم أستطع دفع رسوم الاشتراك، لانعدام ذات اليد، وليس لضيقها فحسب. هكذا ضعت بين الحركتين، ولم ينقذني منها سوى قصة إبريق الزيت التي قرأتها بالصدفة. قصة إبريق الزيت التي نستخدمها دلالة على التكرار، تروى عن كاهن في جنوب لبنان قبل قرنين أو أكثر، كان يجمع التبرعات من القرية لبناء سور خارجي للكنيسة، وكان يحث الناس على التبرع عن طريق التحدث عن تلك المرأة العجوز التي زارها أحد القديسين على شكل رجل فقير، ولم يكن لديها سوى قليل من الطحين، وعدة نقاط من الزيت في إبريق، خلطتها مع الماء، وصنعت رغيف خبز وأطعمت الرجل. المعجزة، أنه في صباح اليوم التالي وجدت إبريق الزيت مملوءا، وكيس الطحين مملوءا، وكلما غرفت منهما كلما عادا يمتلآن من جديد. وهذا يبين ان الذي يعمل الخير يجده، وأنهم اذا تبرعوا للكنسية فسيحصلون على أكثر بكثير من تلك المبالغ جزاء لهم على إحسانهم. المشكلة أن القرية التي كان الكاهن يجمع منها التبرعات كانت ملاذا للفقراء، لذلك كان يضطر كل يوم الى رواية حكاية إبريق الزيت لعله يجمع مالا كافيا لبناء سور الكنيسة، ومن هنا جاءت قصة إبريق الزيت. . من التكرار والتكرار والتكرار. بين إبريق الشاي الذي كان يطرقعه أخي، وبين إبريق الزيت الذي كانت تملأه المعجزة يوميا نشأت انا، محشورا بين إبريق الشاي وإبريق الزيت. . . . وما الكتابة الساخرة إلا طقطقة عظامي المهروسة بين هذين الإبريقين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©