الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طوق النجاة

طوق النجاة
15 فبراير 2010 20:50
المشكلة.. عزيزي الدكتور: مشكلتي أهلكتني، وقتلت كل حياء في وجهي، وكل راحة في قلبي، وفكرت في الانتحار، لكنني جبانة، فمشكلتي جرت وراءها مصائب كثيرة، وآثاماً لا حدود لها. قدمت مع أهلي للعيش هنا، وعملت في وظيفة جيدة، وأحببت زميلاً يعيش نفس ظروفنا، ورأيته من خيرة الناس صفاتاً وخلقاً، ولم أعهد منه أي سوء، ولم تربطني به إلا مشاعر الحب والاحترام، وقد تقدم لخطبتي، إلا أنني صدمت عندما رفض والدي هذا الزواج بزعم أنه من وسط وبيئة اجتماعية أدنى “كما يقول”، وراح يتمادى في وصف أهله وفصله وأصله بالتدني، وطلب أن أنسى تماماً فكرة الزواج من هذا الشاب. تبخر الأمل، وأسودت الدنيا في عيني، ووجدت نفسي أترك الصلاة، وأحياناً أخرى أفكر في الانتقام من نفسي بارتكاب الخطأ، وأتصرف تصرفات المراهقات الصبيانية، بالهاتف أو عبر الإنترنت، وسرعان ما أعود إلى نفسي، ووسط هذا كله لم أستطع قطع علاقتي بحبيب القلب، واضطررنا إلى أن نتقابل في الخفاء، حيث أسلم كل منا نفسه للآخر، وفقدت كل شيء.. نعم، فقدت كل شيء بكامل إرادتي وحريتي ورغبتي وعمري لم يتعد الرابعة والعشرين، ولا أعرف السبيل إلى الخلاص من هذه المشكلة التي تسبب فيها والدي بعنته ورفضه دون مبرر مقبول، أستغرق في البكاء والندم والصلاة. أعلم أن باب التوبة مفتوح، لكن كيف أحل مشكلتي الأخرى، وماذا يفعل والدي إن عرف الحقيقة، إنها مصيبة لا أجد لها حلاًٍ! إشراقة الأمس النصيحة.. من المناسب أن نقر معاً أننا أمام مشكلة حقيقية تسببت في مشكلة أكبر، وبالتالي فإن الحل لن يكون بهذه السهولة، وإنما الاحتساب إلى الله، واللجوء إليه سبحانه وتعالى بقلب صاف مؤمن وذي حاجة سيجعل من كل هذه المشاكل أمراً يسيراً إن شاء الله. أولاً: يجب عليك ألا تتخلي عن دينك وإيمانك مهما كانت الظروف قاسية، لأن باب التوبة والإيمان هو الآن طوق النجاة لك، وليس هناك مبرر بأن نكفر بنعمة الله إن أخطأنا، ونصحح الخطأ بخطأ آخر، فليس من المعقول أن يواجه كل صاحب مشكلة، مشكلته بالانتحار. لكن تعالي لنفكر معاً في كيفية الخروج من هذه المشكلة، بعقل مفتوح، وقلب هادئ، فرفض والدك، ليس له علاقة بعلاقتك بربك. إن من حق والدك عليكِ أن يختار لكي من هو جدير بكِ من وجهة نظره، وليس معنى الولاية عليك التعنت، وهناك طرق كثيرة لكسب وده، ومحاولة تغيير رأيه، وإن لم يكن، فليس ذلك نهاية المطاف، ومن المؤكد أن رفض والدك جاء من زيادة حرصه عليكِ، وأظن أن رفضه كان على حق، فسرعان ما ثبت صحة فطنته، وإلا لماذا وافقك هذا الحبيب، وانزلق سريعاً إلى هذا الخطأ وورطك مثل هذه الورطة. إنه انتقم من والدك بك، وسرعان ما ضحى بك نكاية في والدك، وانتقاماً منه بصورة مبطنة وخسيسة. لقد اعترفت بما فعلت، ووصفتيه بالمعصية، وأعلنت ندمك، وهي شهادة منك وعليك. فعليكِ العودة إلى الله، وتستغفري ذنبك، وتعزمي على أن تكون توبتك توبة صادقة، وتكثري من صلاتك، وتستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، وقلبك مليء بالثقة في العفو والرحمة وقبول التوبة، إن شاء الله. أما مشكلتك الأخرى، فلا سبيل لحلها سوى اقترانك بهذا الشخص، وزواجك منه، ولا سبيل آخر سوى وضع والدك والأسرة أمام الأمر الواقع، عن طريق وسيط حكيم وعاقل. ابدئي بوالدتك، أو من تجدين فيهم ثقة من المخلصين بينك وبين والدك، وكل ما تحتاجين اليوم أن تتحلي بالجرأة والشجاعة والحكمة والصبر. أما إذا جبن حبيب القلب، فليس هناك حل آخر سوى الاستعانة بأهلك وأسرتك وأقاربك في الضغط عليه وإجباره على الاعتراف بهذه الجريمة وتصحيحها على الفور.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©