الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صناعة المسبحات في مصر تواجه خطر الاستيراد و «الميكنة»

صناعة المسبحات في مصر تواجه خطر الاستيراد و «الميكنة»
2 أكتوبر 2011 22:33
هناك مشاعر عميقة بين المسبحة والناس، فمعها يكون الحضور الروحاني والخشوع وبها ينطق اللسان والأنامل معاً بذكر الله سبحانه وتعالى في إحساس عالٍ لا يستشعره إلا كل خاشع. ومنذ القدم اشتهرت مصر بصناعة المسبحات بمختلف خاماتها وأنواعها وأصبحت هذه الصناعة مهنة العديد من التجار والصناع، وتحديداً في حي الحسين وخان الخليلي، لكن خلال السنوات الأخيرة أصاب الركود هذه التجارة في ظل الهجمة الشرسة للمسبحات المستوردة من الصين وكوريا وإندونيسيا وأصبح شبح الانقراض يهدد هذه المهنة العريقة. مصر كانت رائدة في صناعة المسبحات وتصديرها إلى الدول العربية والإسلامية لكن الأمر تغير، وأصبحت مصر تستورد المسبحات من الصين وكوريا وتركيا وباكستان، وطغت هذه الأنواع على المسبحة المصرية إذ تباع بنصف ثمن المسبحة المصرية لأنها تصنع بخامات بلاستيكية أو بتقليد للكهرمان والمرجان، وكذلك لم تعد سوق المسبحات منتعشاً كما مضى، فالآن يجلبها المعتمرون والحجاج من السعودية كتذكار لهم ولأقاربهم. فرص عمل مصطفى أحمد يعمل مع شقيقه في ورشة لتصنيع المسبحات يملكها والدهما بمنطقة قصر الشوق في حي الحسين رغم حصوله على بكالوريوس تجارة بسبب قلة فرص العمل. إلى ذلك، قال إن المسبحات في مصر كانت في البداية تصنع من البذور والحجارة والقواقع والعظم ثم تطورت إلى الفضة والبرونز والذهب والأبنوس والبلاستيك، وأخيراً ظهرت المسبحات المصنوعة من الألماس وهي أغلى الأنواع، كما حلت الماكينات محل العمل اليدوي وهو ما ساعد على سرعة إنجاز المسبحة، فهناك مسبحة تستغرق في تنفيذها يوماً كاملاً وهناك أخرى تستغرق أياماً، فصناعة المسبحة فن وذوق، لكن طغت المسبحات المستوردة المصنوعة بمواد رديئة رخيصة. وطالب أحمد بضرورة وضع علامة تجارية على المسبحات المصرية للحفاظ على قيمتها في الداخل والخارج وتمييزها عن المسبحات المستوردة حتى يسهل تصديرها، مشيراً إلى أن ورشتهم تلبي طلبات العديد من الجهات والأفراد في الإمارات والكويت والسعودية وتركيا وسوريا من المسبحات المصرية، منوهاً بأن سوريا تعد أكبر دولة عربية استيراداً للمسبحات المصرية. وذكر أن قليلين في مصر يعرفون قيمة المسبحة المصرية، خصوصاً المصنوعة من اليسر والمرجان الذي يتم جلبه من أعماق المحيطات، محذراً من انقراض واندثار المهنة في مصر بسبب غزو المسبحات الصينية للأسواق المصرية، خصوصاً أنها تباع بأسعار زهيدة رغم أنها مصنوعة من الزجاج وعمرها الافتراضي قصير وليست قيمة مقارنة بالمصرية. أحجار كريمة قال شقيقه حسين أحمد، حاصل على بكالوريوس علوم «تعمل عائلتي بهذه المهنة منذ عشرات السنين ونتوارث المهنة جيلاً عن جيل ويكفينا أننا نقدم للناس المسبحات التي تعينهم على التسبيح والتقرب من الله ولا يعنيني العائد المادي». وأوضح أن المسبحات المصنوعة من الأحجار الكريمة مثل المرجان بأنواعه الأبيض والأحمر والألماس والياقوت والزمرد من أجود وأندر المسبحات وتباع بأسعار مرتفعة، تليها المسبحات المصنوعة من العقيق أو الكهرمان، وهناك المسبحات المصنوعة من اليسر وسن الفيل، ثم تأتي الخامات الشعبية الرخيصة مثل البلاستيك والخشب والتي يشتد الطلب عليها، ويتوقف سعر المسبحة على حجمها ونوع خامتها، فكلما كبر حجم المسبحة زاد سعرها. وذكر أن تصنيع المسبحة يمر بمراحل عدة، تبدأ بتقطيع الخامة المصنوعة منها إلى حبات ثم تخريمها وتطعيمها حسب المادة المطلوبة، ثم وضعها في سلك ووضع الشاهد «رأس المسبحة» سواء كانت 33 حبة أو 99 حبة، ثم إرسالها إلى ورش الصنفرة والتلميع وهي آخر مرحلة في التصنيع. وقال يونس شعبان، الذي يعمل في ورشة لصنفرة وتلميع المسبحات بمنطقة قصر الشوق بحي الحسين إنه احترف المهنة منذ 16 عاماً لأنه بحث عن وظيفة أخرى لكنه لم يوفق وشجعه بعض أصدقائه الذين سبقوه في احتراف هذه المهنة. ورشات الصنفرة وأضاف أن عمله يقوم على صنفرة وتلميع المسبحات التي ترسلها له ورش التصنيع على ماكينة عبارة عن موتور غسالة يدوية أضيف إليه «اكس» يوضع به ورق الصنفرة ويتوقف الوقت الذي تستغرقه صنفرة وتلميع المسبحة على نوع الخامة وحجم الحبة؛ فالوقت الذي تستغرقه المسبحة ذات الحجم الكبير أكبر من مسبحة ذات حبات من الحجم الصغير، مشيراً إلى أنه يحصل على جنيهين نظير صنفرة وتلميع مسبحة 9 ملم ذات 33 حبة ويستطيع إنجاز نحو 200 مسبحة يومياً حجم 33 حبة. قال سيد أحمد، صاحب ورشة لتصنيع المسبحات، إن مهنة صناعة المسبحات من المهن العائلية يتوارثها الأبناء عن الآباء، مضيفاً «احترفت هذه المهنة منذ كان عمري 10 سنوات، فهذه الورشة كانت لأبي منذ كان عمري 6 سنوات وفي ذلك العمر بدأت رحلتي مع العمل في صناعة المسبحات، بقضاء طلبات أبي والصناع، الذين يعملون معه، ثم تعلمت مراحل الصناعة المختلفة حتى أصبحت أحد الصناع المهرة، ولم يكن يتعدى عمري 10 أعوام». وأوضح أنه يحصل على جنيهين مقابل تلميع المسبحة ذات 33 حبة و4 جنيهات للمسبحة 99 حبة، مشيراً إلى أن الصنعة لا تخلو من متاعب صحية، حيث إن صنفرة وتلميع المسبحة يتطلب دقة وصبراً طويلاً كما أنه يعاني من الغبار والمخلفات الناتجة من عملية الصنفرة أثناء الوقوف على الماكينة وهو ما قد يسبب بعض الأمراض الصدرية ولا يوجد تأمين صحي. مصطفى بشر واحد من أقدم بائعي المسبحات في حي الحسين، قال «أمارس تلك المهنة منذ 25 عاماً لكن المسألة الآن تطورت بعد دخول المسبحات المستوردة، وكانت المسبحة مقتصرة على ما يسمى المسبحة الحسينية وهذه المهنة كانت حرفة منزلية، ولكن الآن تطورت وأتت المسبحات مستوردة، ثم تطورت صناعة المسبحات، فبفضل المثاقب والماكينات استعمل نوى التمر أو التمر الهندي أو الزيتون وحبات اللوبياء والفخار والأخشاب والزجاج والعظام، مثلما تم استعمال الذهب والفضة والعاج والياقوت واللؤلؤ والألماس والزمرد، ويرجع تصنيع المسبحات إلى أصول معدنية أو نباتية أو حيوانية». استعمالات ثلاثة قال بشر «يمكن تقسيم أنواع المسبحات من حيث الاستعمال إلى ثلاثة: الأول الخاص بالعبادة ويشترط أن يضم 99 حبة مع الشاهدين، فيصبح العدد 101 ويكون لونها أسود وهذا النوع هو الأرخص سعراً، ويصنع عادة من مواد بسيطة، بما فيها الفخار، وهذا أمر يتوافق مع استعمالها. أما النوع الخاص بالتسلية فيصعب حصره، هناك الرخيص ومتوسط السعر والغالي إلى حد ما، وعادة ما يكون عدد حباته 33 حبة وقد يزيد العدد ولكن يجب أن يحافظ على الرقم الفردي لأنه قانون ملزم لجميع أنواع المسبحات. والثالث وهو الخاص بهواة جمع المسبحات ويتميز بأنه أغلى وأفضل الأنواع وحباته هي من الأحجار الكريمة، ويندر أن ترى الهواة يستعملون هذا النوع، لأن المسبحة قد تضيع أو تسرق، وفي الحالتين فإن الخسارة تكون فادحة، كما يمكن أن نلاحظ على مسبحة الهواة أنها تنتمي إلى أنواع نادرة من الحجر، ولذلك يشبع الهاوي هوايته بالاحتفاظ بها في مكان أمين ويتبادل الحديث مع الآخرين بمعرفة عالية عن مقتنياته وأصولها». وأضاف أن مصر تعد من الدول الرائدة في صناعة المسبحات، ومن ثم تقوم بتصديرها إلى الدول العربية والإسلامية، ولا تزال إلى الآن تحتفظ بمكانتها رغم دخول العديد من الدول المنافسة، مثل الصين وتركيا وباكستان وسوريا، رغم أن مسبحات هذه الدول تباع بنصف ثمن المسبحة المصرية لأنها تصنع بخامات بلاستيكية أو بتقليد الكهرمان والمرجان.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©