الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ليبيا ما بعد القذافي... رؤية موحدة للمستقبل

2 أكتوبر 2011 22:27
لم يكن ما فرّق بين الليبيين فعلياً خلال الشهور السبعة الماضية القبيلة أو الطبقة الاجتماعية أو الثقافة أو الأصول العرقية. ففي أعقاب الأحداث الدامية الأخيرة، كانت القضايا الأكثر خلافية هي عدم الاتفاق على ضرورة التدخل العسكري الأجنبي وشكل المستقبل مع "المجلس الوطني الانتقالي"، وهو هيئة سياسية شكّلتها قوات مناهضة لمعمر القذافي، ويدّعون أنهم يمثلون الشعب الليبي. ما نحتاجه الآن هو أن تعمل جميع الأطراف معاً في بناء مستقبل الدولة الليبية. وعلى الرغم من وجود هيكل قبلي قوي، تبقى ليبيا مجتمعاً متناغماً نسبياً، حتى في الحرب الأهلية، حيث إن غالبية السكان هم مسلمون سنيون يتكلمون اللغة العربية. وتشكل ثروة ليبيا النفطية، التي تستطيع المساعدة على توفير الاستقرار الاقتصادي، وعدد السكان القليل نسبياً، عوامل إيجابية لدولة متحدة في المستقبل. إلا أن ما يقلق العديد من الليبيين هو ضرورة التدخل الأجنبي وما قد يعنيه لمستقبل الدولة. وضمن هذا الإطار، أكّدت العديد من وسائل الإعلام، خاصة ما يدور من نقاشات متواصلة على محطة "الجزيرة" الفضائية حول ليبيا، أن معظم الليبيين يؤمنون بضرورة طرد الطغاة في النظام المتداعي من خلال تدخل أجنبي إذا تطلب الأمر ذلك. رغم ذلك، ما زال هناك من يعتقدون أن تدخلاً عسكرياً أجنبياً قد يهدد السيادة المحلية ويتدخل في نوعية الإصلاحات السياسية المحلية التي يمكن أن تحصل في المستقبل. بناءً على ذلك هناك عقليتان سائدتان: الأولى مصمِّمة على طرد الطاغية مهما كلف الأمر والثانية مستعدة أن تعيش تحت الوضع الراهن. وبينما تزداد سيطرة الثوار على آخر معاقل القذافي، حان الوقت لحل التوترات المحلية الناتجة عن السجال الدائر حول كيفية تقدم ليبيا إلى الأمام في أعقاب التدخل الأجنبي.يتوجب على الطرفين الآن أن يتقابلا في منتصف الطريق، فهناك خطوات بناءة يمكن للمجلس الوطني الانتقالي، الذي نشأ في بنغازي ليصبح "وجه الثورة" يوم 27 فبراير 2011، اتخاذها لجمع الطرفين معاً. لقد اعترف المجتمع الدولي بالمجلس الانتقالي الوطني، وكانت دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) من بين الجهات السبّاقة إلى ذلك، تبعتها الأمم المتحدة، ممثلاً شرعياً للشعب الليبي. وبهذا فهو يستطيع إدراك إلحاح الإصلاح وواجب سيادة الدولة، كما يجب أن ينادي بمؤتمر يهدف إلى تسوية وطنية لبحث مستقبل الدولة مباشرة بعد تحقيق الأمن، خلال الشهور الستة أو السنة القادمة بشكل مثالي. تتطلب المصالحة الشمول بحيث تضم جميع أطياف الشعب الليبي والحل الوسط والتضحية من جانب جميع الأطراف، وإشراك هؤلاء الذين تسلموا السلطة حديثاً وهؤلاء الذين يخافون من فقدان المناصب أو الامتيازات. ويمكن لهذا المؤتمر أن يحوّل الحوار من التركيز على إزاحة القذافي إلى حوار حول إصلاحات هناك حاجة ماسّة إليها، مثل فصل السلطات وتوفير فرص للمرأة وضمان شفافية الحكم، في مضمون تقرير المصير الذاتي الوطني. عندما تكون الحكومة شفافة وحكيمة تتراجع الحاجة لمشاركة خارجية في الشؤون المحلية. وسوف يشجع هذا التحول الليبيين ذوي الآراء المتنوعة على الوصول إلى أرضية مشتركة. وحتى يتسنى الإعداد للمؤتمر الوطني، يتوجب على المجلس الوطني الانتقالي أن يشكل حكومة مؤقّتة. ويتوجب على الحكومة الجديدة وبسرعة أن تضع برنامجاً زمنياً للانتخابات الوطنية وصياغة دستور جديد. ومن الأمور الحاسمة وضع دستور جديد يرفع التمثيل إلى أقصى حد ممكن ويمكّن المرأة ويحمي الأقليات. يتوجب على المجلس"الوطني الانتقالي" ألا يسمح لقادته الترشّح للانتخابات، أو أن ينشطوا في صياغة الدستور الجديد، وأن يوضحوا ذلك للجمهور. سوف يشكّل وضع برنامج زمني للانتخابات وصياغة الدستور الجديد مقياساً واضحاً للتضحية من جانب المتمردين، يظهر أنهم لا يسعون للحصول على السلطة، وإنما باستطاعتهم دعم مصالح الدولة ككل. سوف تشكّل حركة كهذه كذلك إثباتاً ذكياً بأن جميع الليبيين سيشاركون في إعادة بناء الأمة. على صعيد آخر، يمكن القول إنه إذا عامَل المجلس الوطني الانتقالي زعيم الدولة السابق بعدالة فسوف يشكل ذلك مؤشّراً مثيراً للإعجاب للتسامح والمساواة. يتوجب على المحكمة وليس على المتمردين أن تحاسب القذافي وأعوانه على جرائمهم. من خلال التعلم من الماضي وإدراك المستقبل الواعد، يتوجب على الليبيين أن يتحدوا في دعمهم للمجلس الوطني الانتقالي كسلطة انتقالية. سوف تكون طبيعة إصلاحات المجلس الوطني الانتقالي أساسية في تقرير ما إذا كانت الوحدة ممكنة، أو كيف ستبدو هذه الوحدة. د. غسان ميشيل ربيز محلل سياسي عربي-أميركي ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©