الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صورة الإسلام في بريطانيا

1 يناير 2011 00:13
واجه المسلمون في بريطانيا تحديات عديدة خلال العقد الماضي. ففي أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر الرهيبة في نيويورك، والسابع من يوليو في لندن، سلطت أضواء الإعلام الغربي، بشكل قاسٍ، على الجاليات المسلمة بالذات. ولئن بدا الوضع أحياناً صعباً وقاتماً فإن بصيصاً من الأمل تخلل العاصفة في بريطانيا خاصة، حيث أثبتت الجاليات المسلمة قدرتها على مجابهة التحدي. ولكن بعد تسع سنوات من هجمات سبتمبر، وخمس سنوات من هجمات لندن، هل تحسّن الوضع بالنسبة للبريطانيين المسلمين؟ الإجابة صعبة، بكل المقاييس، لأن استطلاع "اليوغوف" YouGov الذي أجري مع نهاية شهر مايو 2010 كشف أن واحداً من كل بريطانيين اثنين يربط الإسلام في ذهنة بالتطرف والإرهاب. ويعتقـد 6 % فقط أن الإسـلام يشجـّع العدالـة، و67 % يرون أن الإسلام يشجّع ظلم المرأة، ولا يوافق 41 %، أو "لا يوافقون بشدة" على فكرة أن للمسلمين أثراً إيجابيّاً على المجتمع البريطاني. وقد تولت المنظمة الخيرية الجديدة، مؤسسة دراسة الإسلام Exploring Islam Foundation، التي تأسست من قبل مجموعة من المهنيين البريطانيين الشباب المهتمين بتعميق المنظور العام لدينهم، تكليف القيام بهذا الاستطلاع. وتسعى المنظمة إلى تحدّي المنظور الخاطئ عن الإسلام وتصحيح الصور النمطية عنه، ونشر الوعي بقيمه ومساهماته العالمية، كما تدعم المزيد من انخراط المسلمين في الجهود والاهتمامات المحلية لمجتمعهم الجديد. وقد أطلقت مؤسسة دراسة الإسلام أول حملة إعلامية لها وعنوانها "ألهمَني محمد" في يونيو 2010، حيث نظمت مبادرة العلاقات العامة المقدامة أولاً حملة توعية تغطي ثلاثة مواضيع حمل لواءها الإسلام وهدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم: حقوق المرأة، والعدالة الاجتماعية، وحماية البيئة. وقد تم وضع صور لمسلمين مرتبطين بكل واحدة من هذه القيم في نظام المواصلات البريطاني: في شبكة مواصلات الأنفاق ومواقف الحافلات (الباصات) وأسطول سيارات التاكسي المعروفة في لندن. وبسرعة استقطبت حملة "ألهمني محمد" كمّاً هائلاً من الاهتمام محليّاً وعالميّاً، وجرت تغطيتها في مئات وسائل الإعلام، من الشرق الأوسط إلى المكسيك ومن نيويورك إلى نيوزيلاندا، لتصل إلى ملايين الناس. وسجل الموقع 200 ألف زيارة في أول أسبوعين من إطلاقه حيث زاره أشخاص من 160 دولة، وجرى بحثه في مدونات وعلى "التويتر" ومواقع التشبيك الإلكترونية. ولذا فقد انهالت الرسائل الإلكترونية من مسلمين عبّروا عن فخرهم بحملة عبّرت أخيراً بصدق عن قيَم الإسلام الحقيقية. كما كانت استجابة إعلام التيار الرئيس في المجتمع إيجابية بشكل هائل، حيث ساهمت الحملة حتى في مضمون البرامج المشهورة، مثل برنامج "السؤال الكبير" في "بي بي سي"، الذي طرح التساؤل: "هل يحتاج الإسلام لعلاقات عامة أفضل؟"، وامتدح المشاركون في هذا البرنامج، الحملة على أنها مثال ساطع من العلاقات العامة من أجل خدمة صورة الإسلام. وعلى المستوى الفردي كانت هناك مدونات ثمّنت نجاح المؤسسة، حيث أرسل أحدهم رسالة إلكترونية قال فيها: "لست مسلماً، وقد ألهمني عملكم إلى حد بعيد". وعلى رغم أن النتائج التي توصّل إليها استطلاع YouGov كانت مثبطة للهمّة، إلا أن الأمر يعود إلينا نحن المسلمين المقيمين في بريطانيا أكثر من أي وقت مضى لأن نكون إيجابيين، لإظهار الالتزام والقناعة بدلاً من اجترار مشاعر الاستهداف، ولأن نستمر بمساهماتنا القيّمة تجاه تقدّم المجتمع البريطاني كله. وفي المجمل، فقد يكون العقد الأخير مفعماً بالتحديات، إلا أنه شجع كذلك حالات من بناء الجسور والعمل الإيجابي. وعلى رغم أن النظر إلى الوراء قد يولد خليطاً من الحزن والعرفان لهذه الجهود، إلا أن المسلمين البريطانيين يستطيعون التطلع الآن نحو مستقبل يملؤه الأمل والتصميم. والحال أن بريطانيا تقف في مقدمة أوروبا في تنوعها الخلاق، ويتيح هذا التنوع والتعدد فرصة للمجتمعات البريطانية المتعددة لتجتمع معاً في أجواء التعايش والحوار والتناغم. وما زال هناك كثير مما ينبغي عمله على هذا الطريق، ولكن الخطوات الأولى تم عبورها على الأقل. ريمونا علي مديرة الحملات في مؤسسة دراسة الإسلام ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©