الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المعلم فنان يشكل وجدان الطلبة وعقولهم

المعلم فنان يشكل وجدان الطلبة وعقولهم
4 أكتوبر 2011 19:23
كان معلم الأمس يمرر قيماً ورسائل تنير طريق الطالب وتخدمه طوال حياته، يبحث عن المعلومة ويقرأ أمّات الكتب لينقل عصارتها لتلاميذه، بحب وعشق وتفانٍ يعلم، لكن اليوم تغير الأمر، فالمدرس بات موظفاً يقوم بمهمة التلقين فحسب، وعمله وأقواله لا ترسخ في ذهن الطالب في غالب الأحيان، هذا الطرح يميل إليه بعض الآباء، الذين عايشوا معلمي الماضي والحاضر، فما صحة هذا القول؟ وما الفروق بين معلمي الأمس واليوم؟ وما الأسس التي تجعل المعلم مميزاً في عطائه؟ لا شك في أن معلم اليوم اختلف كثيراً عن المعلم في السابق، فمعلم اليوم لديه من الإمكانات الكثير ووسائل وسبل التميز، لكنّ هناك متغيراً آخر في العملية، وهو الطالب الذي اختلف باختلاف الثورة المعلوماتية، ما أضاف على عاتق المعلم عبئاً إضافياً، إذ بات محتاجاً أكثر إلى تفعيل دوره بدلاً من اعتبار نفسه موظفاً يؤدي مهام عمله وحسب. مرحلة تأسيسية تقول عفاف راضي، منسقة ومعلمة تقنية معلومات، ومنسقة الجوائز والمشاريع بالمدرسة الظبيانية الخاصة “مؤسسة التنمية الأسرية مركز أبوظبي” والحاصلة على العديد من الجوائز التربوية: “يعتبر المعلم مرشداً للطالب قبل كونه معلماً، وعليه أن يمزج بين الحداثة في الأسلوب والأصالة في التدريس لتمرير القيم إلى الطالب صاحب العقلية الجديدة”. وتوضح “مثلاً أساليب التدريس القديمة، كانت تنحصر في بعض الأساليب الجادة التي تعتمد اعتماداً كلياً على المعلم مثل أساليب التدريس المباشرة مثل المحاضرة والتلقين. والآن هناك أساليب حديثة عديدة يمكن للمعلم من خلالها تمرير رسائل ومعلومات للطلبة”. وتعد مرحلة التدريس مرحلة تأسيسية مهمة في حياة الطالب، في هذا السياق، تقول راضي “في هذه المرحلة المهمة والتي تتشكل فيها شخصية الطفل، يقع على عاتق المعلم الكثير من الجهد في تبصير الطفل وتوجهيه إلى الاتجاه السليم، من خلال فتح مجالات تفكيره ليس للنظر تحت قدميه، ولكن للنظر إلى لمستقبل”. وعن سر التميز، تقول راضي “سر المعلم الناجح هو الإخلاص والحب اللذان يتكاملان معاً، بالإضافة إلى الصفات الحميدة الأخرى لإخراج معلم ناجح في عمله قادر على توصيل المعلومات للطلبة بالشكل السليم وإحداث تغيير إيجابي بشخصية طلابه والعمل المستمر والدؤوب على متابعة المتغيرات المستمرة على مستوى طلابه العلمي والأخلاقي، وتنفيذ الخطط البديلة والطارئة في حالة وجود متغير طارئ سلبي، ويعمل على إعادة المنحى إلى مساره السليم، والزيادة الإيجابية في معدل انحرافه، كما هو مخطط لها”. وتضيف راضي “المعلم الناجح هو المعلم القادر على تلبية احتياجات طلابه العقلية بالتوازن مع المنهج المقرر، وهو من لديه المهارة في التعامل مع فئات الطلاب المختلفة، والأخذ بأيدي كل فئة للعبور إلى المستوى الأعلى”. وتشير راضي إلى أن استراتيجية مجلس أبوظبي للتعليم، تسعى لجعل الطالب محور العملية التربوية. وتوضح “المعلم عليه التخطيط الجيد لاستثمار جميع طاقات الطالب في الحصة وخارجها، وتجعله شغوفاً بالبحث، لديه المهارة للوصول للمعلومة المطلوبة المفيدة بالطريقة الصحيحة، ولا يقع عبء تدهور مستوى الطلاب التعليمي على الطالب، ولكنّ جزءاً كبيراً من المسؤولية يقع على المعلم غير القادر على فهم احتياجات طلابه، ولا ننكر دور أولياء الأمور في متابعة أبنائهم، فمشاغل الحياة أبعدت الكثيرين منهم عن المتابعة، وتم الاعتماد على المربين والخدم في كثير من أدوار الآباء”. شروط الإبداع تفيد راضي بأن المعلم يجب أن يكون واسع الثقافة، وتوضح “من غير المنطقي مع طلاب الجيل الحديث واسع المدارك، أن يقوم الطالب بطرح سؤال أو استفسار لمعلمه، وهو لا يستطيع الإجابة عنه أو الإحاطة به، يجب على المعلم أن يكون على معرفة بالجديد على مستوى مادته، كما أنه على المعلم تهيئة الطلاب حول محتوى الدرس بما يفتح آفاقهم لاستقبال المعلومات الأساسية أو المنهج بالوسائل والأساليب الحديثة، ثم متابعة نهم طلابه للمعلومات الإضافية بما يثري المنهج، ويغرس الثقة في نفوسهم لعرض تلك المواد الإضافية في أشكال تربوية حديثة، والاستفادة من تلك المعلومات بما يخدم الحياة العملية للطالب”. وتقول “بالنسبة لي، فإنني أفتح المجال للإبداعات والمواهب من الطالبات من خلال موقع ومنتدى إبداعاتي، وهو الموقع الشخصي لي، والذي يعتبر ملتقى الإبداع الطلابي تحت مظلة مجموعة من الطالبات القياديات ومجموعة من المعلمات أشرف عليهن، بالإضافة إلى أنه ملتقى متميز ورافد مهم للمواد الدراسية والتواصل مع معلمات المواد والطالبات بما يخدم المنهج الدراسي والأساليب التقنية الحديثة”. وتقول راضي “عملية التلقين والحفظ وتفريغ المعلومات أيام الامتحانات على شكل بضاعتنا، ردت إلينا طرح من العصر القديم لم يعد موجوداً إلا في قلة من المدارس، ومع حرص المجلس على متابعة وتقييم المدارس التابعة له والمدارس الخاصة سيتم القضاء على تلك الطرق القديمة التي لا تتماشى مع الإستراتيجيات الحديثة للتدريس، فأنا مثلاً أقوم بتدريس بناتي الطالبات من خلال مظلة مشروع الإعلامية الصغيرة، واللاتي تسعى كل واحدة منهن من خلال هذا المشروع إلى الابتكار والتميز، فأنا في الكثير من الأحيان أذهل من النتائج التي تقوم الطالبات بتحقيقها من خلال هذه المظلة”. سر التفوق عن تميزها، تقول راضي، الحاصلة هذه السنة على جائزة خليفة للتميز التربوي: “سر تفوقي في التدريس، التخطيط الجيد بأشكاله المختلفة، بالإضافة إلى العلاقة الحميمية بيني وبين طالباتي، كما أنني أطوع أساليب التدريس الحديثة بما يتناسب مع الطالبات، ومع الفئة العمرية التي أقوم بتدريسها، بالإضافة إلى التنمية المهنية العالية التي أتمتع بها فأنا معلمة وطالبة، دائماً أبحث عن مجال جديد لأبحر فيه، بالإضافة إلى إشراكهن في اتخاذ القرارات، والتخطيط للأنشطة والفعاليات الإضافية التي أقوم من خلالها بتحديث معلوماتهن، بالإضافة إلى ترسيخ قيمنا الإسلامية والعربية، كما أنني أشرك أولياء الأمور معي في كل التفاصيل، كما أنني لم أترك المجال للمعاناة الشخصية في حياتي الأسرية التأثير السلبي على حياتي المهنية ?أو أن تكون مبرراً للتقصير، حيث إنني أم لثلاث بنات اثنتان من ذوات الاحتياجات الخاصة الأولى عمرها 18 عاماً والثانية 14 عاماً، بل جعلت منهما دافعاً لتميزي، فأنا أفخر بكوني أماً لهن”. وحول معايير المعلم المميز، تقول راضي “لا يوجد نموذج للمعلم الجيد أحسن من الأسوة الحسنة لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ففي التعمق في سيرته النبوية، تجد جميع الأساليب والوسائل الحديثة في التعامل، وتوصيل المعلومات لأصحابه وأمته، وفنون التحفيز، وتقويم الفضائل وغرس القيم، وغيرها من أدوات المعلم المتميز. كما أنني أجد في شخصية المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد ـ رحمه الله ـ مثالاً قوياً ومتميزاً للشخصية الإنسانية المعطاء والقائد الرائع في أسلوبه وتفكيره، وأنا أقوم مع طالباتي بالعديد من الأعمال التطوعية مع جميع الفئات المختلفة من مسنين وذوي احتياجات خاصة”. وعن الأماني التي لم تحققها بعد راضي في مجال التعليم رغم حصدها العديد من الجوائز باعتبارها عنوان تميزها، تقول “هناك أحلام كثيرة لم أحققها، ولكني أسعى لذلك، فأنا أسعي لنقل هذه الخبرات والأفكار والأساليب التدريسية الحديثة وما قمت بالتعديل عليه لبعض طرق التدريس لجميع معلمي ومعلمات الدولة، كما أنني بصدد البدء في توثيق هذا كله في كتاب يعتبر مرشداً لكل معلم أو معلمة يمتهن هذه المهنة السامية”. حصلت عفاف راضي في العام الدراسي 2006 - 2007 على جائزة في الجودة الشاملة، المركز الأول على مستوى الدولة فئة معلم تقنية المعلومات، وفي عام 2007 - 2008، حصلت على ثلاث جوائز تربوية الأولى جائزة خليفة التربوية فئة المعلم بدورتها الأولى، ثم جائزة حمدان للأداء التعليمي المتميز فئة المعلم المتميز في دورتها العاشرة، وبعدها جائزة الشارقة للتميز التربوي فئة المعلم المتميز في دورتها الرابعة عشرة، ثم حصلت في العام الدراسي المنصرم 2010 - 2011 على جائزة خليفة التربوية فئة بناء شبكات المعرفة، وهي فئة طرحت للمرة الأولى في هذا العام باعتبارها فئة جديدة انضمت للجائزة، على مستوى الجوائز التربوية الأخرى. في هذا السياق، تقول “حصلت على الجائزة لتكويني فريقاً على مستوى ثلاث مدارس وهي المدرسة التي أتشرف بالعمل بها، وهي الظبيانية الخاصة، والتابعة لمؤسسة التنمية الأسرية مركز أبوظبي، ومدرسة المواهب النموذجية، ومدرسة الجنائن، وقيادتي فريق عمل مكوناً من تسعة أشخاص على مستوى المدارس الثلاث والعمل فريقاً واحداً مع مجموعة من المدارس الثلاث في تجانس وتناغم أذهل الجميع على مستوى ثلاثة مراكز إعلامية”. عدوى التميز توجه عفاف راضي بعض النصائح للمعلمين الجدد لتحقيق التفوق والتميز، قائلة “المعلم أشبه بالفنان الذي يمتلك أدوات التدريس المناسبة والفعالة، يأسر بها خيال المتعلمين، ويتحدى عقولهم بتشكيلاته الفكرية، وحركاته الوجدانية والسلوكية، وهو الذي يقيم علاقات ناجحة مع المتعلمين، ويصل بهم إلى مستوى رفيع من الاتصال الشخصي معهم، وهو الذي يحول درسه من مجرد مثيرات واستجابات إلى موقف إنساني مشبع بالدفء، وتميزه التقنية، وفيه يستمر المتعلمون في حالة من النشاط العقلي، والاستغراق في الدرس، والتفاعل معه عبر علاقات وثيقة من الود تدعو إلى تعزيز التواصل، وإثارة التفكير بشكل مستمر. ويسهم المعلم في بناء شخصية الطالب وله دور قوى في ذلك من خلال غرس الروح القيادية في نفوس أبنائه الطلبة والتفنن في ابتكار أساليب التحفيز التي من شأنها تعديل السلوك القويم، فأنا لم أكتف بتميزي وحصولي على الجوائز التربوية، ولكن تم نقل روح التميز لبناتي الطالبات ففي العام الدراسي 2009 - 2010، فازت لدي الطالبة آية نبيل بعدد ثلاث جوائز تربوية في عام واحد، وهي جائزة حمدان والشارقة والعمل التطوعي فئة الطالب. وفي العام الماضي 2010 - 2011، فازت أربع طالبات من بناتي بجائزة حمدان للأداء التعليمي المتميز فئة الطالب المتميز، وفي العام نفسه فازت ثلاث منهن بجائزة الشارقة للتميز التربوي فئة الطالب المتميز”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©