الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خبراء أميركيون يقترحون تشكيل «وزارة سعادة»

خبراء أميركيون يقترحون تشكيل «وزارة سعادة»
3 أكتوبر 2011 21:21
آن الأوان ليتفق مسؤولو وزارات الدفاع والصحة والخدمات الإنسانية والعدل والعمل في كل حكومة على الانضمام إلى كيان تنفيذي جديد يُطلقون عليه «وزارة السعادة». ليست هذه «نكتة» أو مُزحة، بل صيحة أطلقها مجموعة خبراء أميركيين. وهم لا يتحدثون هنا عن المستقبل البعيد، بل عن المستقبل المنظور ومتوسط المدى. قال بعض الأشخاص إنها مجرد صيحة في واد، وقال آخرون صدق الخبراء ولو بدا نداؤهم أقرب إلى عالم المثاليات الأفلاطوني منه إلى واقع الحكومات الميكيافيلي. في الوقت الذي تشهد الولايات المتحدة الأميركية ظروفاً اقتصاديةً صعبةً، ظهرت إلى الوجود حركة آخذة في التنامي تشمل خبراء اقتصاد وباحثين وعلماء نفس انزووا جميعهم لتذكير الحكومة بمسؤوليتها عن تحقيق الرفاهية للمواطنين والحرص على جعلها أولويةً أولى في كل سياسة بصرف النظر عن توجهها اليميني أو اليساري. ويمكن تحقيق ذلك - يقول أتباع هذه الحركة - بالقيام أولاً بقياس مدى سعادة المواطنين، بحيث يُصبح هناك مؤشر علمي للسعادة قابل للتحليل والتقييم وشبيه بالمؤشرات الإحصائية والاقتصادية الأخرى التي تُستخدم في إعداد تقارير التنمية البشرية وغيرها مثل مؤشر الناتج الداخلي الخام ومؤشر البطالة. ويقول أحد المطالبين بإنشاء «وزارة سعادة» في مقال له نُشر في العدد الأخير من مجلة «نيشتر»: «إذا كان الأمر يبدو لكم مُضحكاً أو بعيد المنال، فيكفي أن تفكروا في الخطوات التي تقوم بها العديد من الحكومات حول العالم بشأن قياس جودة العيش، بما فيها الحكومة الأميركية والبريطانية والألمانية والصينية والفرنسية والأسترالية والإيطالية والإسبانية، وحتى الإيكوادورية. فقياس جودة العيش لا يبعُد كثيراً عن قياس السعادة». العائق الأكبر يرى تشارلز سييفورد رئيس مركز الرفاهية في مؤسسة الاقتصاد الجديد في لندن: «إن العائق الأكبر حالياً هو إيجاد تعريف موحد للسعادة». فعلماء النفس يرون السعادة رديفةً لتلبية الحاجات النفسية ومتطلباتها، ويركزون في مقاربتهم التعريفية على العلاقات الأسرية والاجتماعية والاستقلالية والكفاءة وتحقيق الأهداف الشخصية. بينما يستخدم علماء الاقتصاد مصطلحات أكثر تجرداً عند حديثهم عن السعادة مثل المنفعة والمصلحة العامة. ومن نافلة القول. إن مضاعفة الشعور بالسعادة لدى المواطنين لا تتناسب اطراداً بالضرورة مع مضاعفة المداخيل والأرباح الاقتصادية للدولة. فعلى سبيل المثال، قد يكون الازدهار الاقتصادي جيداً لحسابك البنكي، لكنه قد يُؤثر عليك بشكل مُدمر من حيث شعورك الشخصي بالأمان والسلم الداخلي. وقد توصلت دراسة نُشرت في العام الماضي في مجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم إلى أن المال لم يشتر الكثير من السعادة للأميركيين الذين لم يكن دخلهم السنوي يقل مسبقاً عن 75 ألف دولار! مؤشر الرفاهية في حال اتفق كبار الساسة وصُناع القرار على جعل السعادة تسبق في قائمة الأولويات النمو الاقتصادي، فقد يُفكرون في تفضيل الخطط والسياسات التي تهدف إلى الحفاظ على استقرار سوق العمل وتقليل نسبة البطالة بدلاً من وضع السياسات التي تُساعد الشركات على مضاعفة أرباحها دون حدود. كما قد يُفكرون آنذاك وبشكل جدي أكثر في حماية البيئة والحفاظ على الفضاءات المفتوحة حتى ولو كان ذلك يعني التضحية ببعض مكتسبات الناتج الداخلي الإجمالي. وقد قام سييفورد وزملاؤه من مؤسسة الاقتصاد الجديد مسبقاً بتجميع بيانات حول نسبة من يشعرون بالسعادة والرضا النفسي في بريطانيا. ويقول سييفورد شارحاً «في أبريل الماضي، أضاف مكتب الإحصاءات الوطنية أربعة أسئلة إلى استمارة الأسر المدمجة) المستخدمة عادةً لتقييم مدى رضا الناس عن حياتهم، وعن مدى سعادتهم، وعما إذا تملكهم الغضب في الأيام السابقة، وعن مدى اقتناعهم بأن ما يفعلونه يستحق الجهد الذي يبذلونه فيه». وكان الهدف من تحديث هذه الاستمارة إنشاء مؤشر رفاهية سهل ومن النوع الذي يستوعب كل فئات الناس، ويسمح بتصنيفهم بشكل أدق. يقول سييفورد «فالناخبون عديمو الجدوى يأبهون بهذه الأمور، لكن السياسيين لا يأبهون. ولن يأبه الناخبون دون وجود رقم يقيس المنوال الذي تجري عليه مناحي حياتهم ويُنبئهم بالإسقاطات المحتملة لأفعالهم اليومية في المستقبل». هشام أحناش عن «لوس أنجلوس تايمز» أنواع السعادة من أكثر المفاهيم التي حيرت الفلاسفة والعلماء على مر التاريخ مفهوم السعادة. فهي وإن كان قد حاول الكثيرون تعريفها وتحقيقها تقييسها. ومهما اجتهد البشر في تعريفها، تبقى كلمة «السعادة» مفهوماً نسبياً يستعصي استيعابه على أي شخص باستثناء المتذوق للسعادة الحقيقية. ومن بين أنواع السعادة السطحية التي تعارف عليها الناس: - السعادة قصيرة المدى التي تستمر لوقت وجيز ثم تتلاشى مع الزمن. - السعادة طويلة المدى التي تدوم أطول وتتجدد باستمرار لتعطى ما يُشبه الإيحاء بالرضا الأبدي. وتتقارب وجهات النظر التي تُفيد بأن الشعور بالسعادة يرتبط أكثر بالنجاح في تحقيق الأهداف المرسومة بالطرق المأمولة. لكن الإشكال يكمن في كون إحراز النجاح لا يخلق دوماً إحساساً بالسعادة، وهو ما يُبقي السعادة شعوراً مُحيراً لا يُمكن لأحد الجزم باستشعاره المطلق حتى إن توهم ذلك أو أبدى تيقُناً منه.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©