الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البيئة البحرية·· ذكرياتها لآلئ وأسماك

البيئة البحرية·· ذكرياتها لآلئ وأسماك
10 مارس 2009 00:55
شكّل البحر لأجدادنا في المنطقة صديق ليال، وشريك صباحات، ومصدر رزق، وألقوا آمالهم وآلامهم في أحضانه، فشرّعها لاحتضانهم واستقبالهم، إذ نادراً ما يعودون من عناق أمواجه دون ما يسد الرمق، حتى في أسوأ الأحوال وأشحها! وقد خبِر أجدادنا البحر وعرفوا عوالمه وحظوا بخيره، ومن خلاله تواصلوا مع العالم عبر التجارة، فطلبوا الرزق في سفن تبحر في عرض البحر صنعوها بأياديهم وبنوها بعدة أحجام كل منها تناسب غاية معينة، فواحدة لصيد الأسماك وثانية للغوص وثالثة للتجارة· تذكر العديد من الكتب التي تصدت لعالم البحر وكل ما يتصل بالبيئة البحرية في الدولة، أنه اقتصرت صناعة السفن في بداية الأمر على صنع السفن التي تستعمل لصيد الأسماك والغوص، ومع مرور الزمن تطورت صناعتها ووسائل بنائها فانتشرت أنواع عديدة منها· ''البغلة والغنجة'' يشير علي إبراهيم الدرورة، في كتابه ''جوانب من التراث البحري في دولة الامارات العربية المتحدة'' إلى أشهر السفن القديمة في المنطقة، يقول: ''تعتبر سفينة ''البوم'' أفضل وأشهر السفن في المنطقة، وهي أحد أنواع السفن الشراعية، توفر منها آنذاك نوعين: بوم سفار خاص للأسفار البعيدة، وبوم قطاع خاص للأسفار القريبة· وقد تميزت على الدوام بقدرتها على نقل البضائع عبر موانئ الخليج العربي، وموانئ إيران والهند والباكستان وأفريقيا، يقدّر طولها ما بين (100- 150) قدماً، فيما تتراوح حمولتها ما بين (300- 750) طناً· وكان خشب ''الساج'' الهندي يستعمل كألواح لهيكل السفينة لما يتصف به من مقاومة للماء، وكذلك كان يوجد خشب ''اللوريل'' الهندي، الذي يعرف محلياً باسم ''الجنقلي'' ويستخدم كقاعدة للسفينة، أما عن المواد الأخرى اللازمة لصناعة السفن، فكانت حديدية كالمسامير والمناشير والأعمدة والصواري وغيرها من المستلزمات التي كانت تصنع يدوياً داخل أو خارج السفينة التي تتم صناعتها''· مهن متممة من جهة أخرى صَاحب بناء السفن وصناعتها ظهور مهن أخرى متصلة بها، ولا يزال بعضها قائماً حتى يومنا هذا ويمارسه الحرفيون في الأسواق الشعبية التابعة للقرى التراثية، مثل مهن (صناعة الأحبال، تفصيل الأشرعة وتركيبها) وقد كانت تلك المهن تستلزم في صناعتها استخدام عدة مواد (الحبال والقماش وإبر الخياطة والنايلون الباراشوت)· وكذلك مهنة ''تركيب الأشرعة'' حيث تتم عملية تحديد ''النص'' أي تنصيف الشراع ورفعه وربطه بالحبال· وبذا فسحت البيئة البحرية التي انتمى إليها أجدادنا إيجاد مهن جديدة وفرص عمل عديدة لأبناء المنطقة واكتساب خبرات جديدة تتصل بالبحر وركوبه، فضلاً عن مهن أخرى، خاصة بالنواخذة والسيب والنهام والبحارة وعمال السفن''· رفاق البحر لا يزال للبحر ناسه الكُثُر الذين يحبونه ويزورونه كل حين يلقون عليه التحيات والأماني الطيبة، لكن بعد قيام الاتحاد، والنهضة الحضارية الشاملة التي شهدتها الدولة، تبدلت الأحوال وباتت لأبناء الإمارات مصادر عيش متعددة، تجعلهم يعيشون في بحبوحة ورفاهية تغنيهــم عن الصيد· إذ يستعيد أبوسعيد الصويلح- صياد مخضرم، ذكرياته مع رفاق البحر وأصدقائه الصيادين، كيف كانوا قبل نحو 50 عاماً يذهبون في رحلات الصيد والغوص خلال مواسمه، يقول: ''كنا نصيد السمك على طريقة ''الضغوة'' التي تعتبر من الطرق التقليدية وكانت تتم بواسطة القارب الخشبي، حيث تبدأ هذه العملية مع دخول فصل الشتاء وتنتهي مع حلول الصيف، وتستمر حتى اشتداد درجة الحرارة في موسم القيظ الحار· فضلاً عن طريقة شهيرة أخرى في صيد الأسماك، مارستها ورفاقي، ومن قبلنا الآباء والأجداد، تسمى طريقة صيد ''الدوابي'' وهي كذلك من الطرق القديمة في الصيد، وأداتها مصنوعة من سعف النخل لها شكل دائري وبها قاعدة تشبه الفخ، لها فتحة من الخارج تشبه المدخل الكبير وضيقة من الداخل، وهي الفتحة التي يدخل عن طريقها السمك، لها باب واحد صغير لإخراج السمك بعد صيده، حيث كانت ''الدوابي'' تنصب في عرض البحر وتترك لعدة أيام، خلال ذلك يتم تفقدها بين حين وآخر لمعرفة مكانها والإمساك بالسمك داخلها''· ويلفت الصويلح إلى أمر مهم، إذ يقول: ''توقفنا منذ سنوات عديدة عن الصيد التزاماً بقرارات رسمية بشأن الحفاظ على البيئة وتنظيم عمليات الصيد، وصار الصيادون يصطادون وفق برامج معينة للاصطياد، تشرف على لوائحها لجان مختصة''· طرق الصيد ثمة طرق صيد قديمة ما تزال تمارس حتى يومنا هذا من قبل فئة من الهواة، يشير إلى بعضها جمعة الزعابي- مدير متجر مستلزمات بحرية، يقول: ''تعد طريقة الصيد بـ''الليخ'' إحدى أشهر طرق الصيد القديمة التي يمارسها البعض حتى يومنا هذا، وتتم عبر نصب الشباك في عرض البحر، ويظل لفترة زمنية، وبعد المعاينة ورفعه ونقل الأسماك التي تم اصطيادها، يعاود الصياد الكرة، وتستمر العمليات نحو أسبوع، بعدها يرفع الشباك من البحر، كي لا يتلوث ''الليخ'' بالطحالب، وبعدها تتم عملية التنظيف، وإذا استمرت رحلة الصيد، يعاد في اليوم التالي رمي الشباك في البحر· أمّا طريقة صيد ''الهيالي'' فهي عبارة عن شباك كبيرة ومتينة، يتراوح ارتفاعها ما بين (6- 8) أمتار، يتم مدّها بشكل مستقيم يوافق اتجاه التيار كي يحملها، وهي طريقة تستخدم لصيد أسماك ''الكنعد'' و''البركود'' دون باقي أنواع الأسماك''· معارض بحرية يحرص ''نادي تراث الإمارات'' على تنظيم رحلات الصيد والغوص لاطلاع الأبناء على حياة الأجداد وطرق صيدهم وعيشهم قديماً، تسبقها محاضرات خلال الملتقيات الشبابية للتعريف بطرق الصيد والغوص، حيث يشير المستشار التراثي المعني بالمحاضرات والتدريبات إلى أن هناك طرق صيد فردية، وأخرى جماعية، ومنها ما هو حديث يُمارس حالياً، ومنها طرق قديمة مارسها الأجداد· ويقدم النادي خلال مهرجاناته التراثية وفعالياته المتعددة معارض للحياة البيئية تتوفر فيها كافة عناصر البيئة، من صناعة السفن وشباك الصيد ومستلزمات الغوص ومجموعة من المحار واللآلئ ومسمياتها، تأكيداً على إحياء تاريخ الأجداد وحفظ التراث·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©