الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في المغرب يرقصون للحصاد والزيتون

في المغرب يرقصون للحصاد والزيتون
10 مارس 2009 00:57
لا يزال الرقص التراثي والغناء الشعبي يثيران إعجاب واهتمام الدارسين والباحثين في المغرب، لارتباطهما بالحياة الثقافية والعلاقات الاجتماعية للمجموعات البشرية التي عاصرت حضارات مختلفة فتأثرت وأثّرت فيها· وظهر الفن الغنائي الجماعي والاستعراضي في المغرب منذ القدم، وارتبط منذ بزوغه في الوسط الطبيعي والجغرافي بالتعبير عن الأفراح والمسرات التي تواكب إحياء الإنسان لحياته الجبلية والزراعية في السهول وتخوم الجبال، ويطلق لفظ ''أحواش'' على الرقص الجماعي بجميع أشكاله بجنوب المغرب خصوصاً في مناطق الأطلس الكبير والصغير حيث تتوطن القبائل الأمازيغية التي تتحدث بلهجة البربر· ويتميز الرقص الأمازيغي بالرقصات والتعابير الجسدية الجماعية التي نجدها في بعض الأحيان حتى في المناطق التي لا يتكلم ساكنوها الأمازيغية، إلا أن الباحثين والمهتمين به يجمعون على أن موطنه الأصلي هو الأطلس المتوسط المجال الطبيعي والجغرافي الذي تكتمل فيه العناصر المكونة له من شعر وغناء ورقص وإيقاع· وكان أبناء القرى والقبائل المغربية ينظمون قديماً رقصة ''أحواش'' للاحتفاء بانتهاء موسم حصاد القمح أو جني الزيتون أو قطف ثمار مزارعهم المختلفة، فقد كانت هذه الرقصة تعبيراً عن الفرحة الجماعية التي توافق وتطبع دورة الحياة الزراعية، أما اليوم فقد اقتصرت إقامة رقصة ''أحواش'' على المناسبات والأعياد حيث يرتدي الراقصون الزي التقليدي المغربي فيلبس الرجال الجلباب والعمامة البيضاء ويتمنطقون بالخنجر الفضي والمحفظة الجلدية، بينما تتزين النساء بالحلي التقليدية وتلبس الفساتين البيضاء المزينة برسومات وحزام عند الخصر· في وسط المغرب تميز الرقص لدى قبيلة هوارة بتزامن الحركات وقرع الآلات، فكان أكثر أنواع الرقص التراثي في المغرب ينسجم فيه الإيقاع والرقص، ويطلق الهواريون على الرقص على ميزان هواري رقص الغزال، وتكمن خصوصيته في خفة الحركة والتوازن، وقرع الطبول والدفوف وتوافق تناغم المقامات، وعادة ما تكون الآلة الصغيرة الشبيهة بالطبلة محور الرقص حيث إنها تسجل بتقاطعات موسيقية لحظات توقف ينتقل الراقص فيها من وضع إلى آخر· وقد أولت قبائل هوارة أهمية كبيرة للرقص والغناء حيث إنها اعتبرت أن المرء لا يعتبر ''هوارياً'' بالولادة فحسب، وإنما يصير كذلك بالنشأة والمشاركة في الحياة والثقافة الهوارية، وبحفظ قصائدها وأغانيها، بضبط إيقاعاتها ورقصاتها المتميزة وأشعارها وأساطيرها· ويرجع استعمال آلة الناي الخاصة بالرعاة في المغرب إلى بلاد حاحة التي تمتد من جنوب مدينة الصويرة إلى شمال مدينة أكادير، وتستقر بهذه المنطقة اثنتا عشرة قبيلة ناطقة بالبربرية، وتؤمن هذه القبائل بأن روح العزف والغناء والطرب الحقيقية بعثت من الناي الساحر للرعاة في بلاد حاحة، حيث كانت مواقد النيران الممتدة على القمم والسفوح تجمع حولها الرعاة فتصدح ناياتهم وتصل إلى مسامع الرحل العابرين لمنطقة بلاد حاحة آنذاك، مما أكسبها شهرة كبيرة فأصبحت تعرف ببلاد الشجن والألحان وقصائد الغزل والهجاء· 80 فرقة تمارس الأحواش يبلغ عدد الفرق المنخرطة في هذا الفن التراثي ما يفوق 80 فرقة، وتعتبر رقصة ''أحواش'' رقصة جماعية مختلطة بين الذكور والإناث، ويشترط في الفتيات اللواتي يرقصن ''أحواش'' أن يكن عازبات حيث تستبعد النساء المتزوجات، بينما لا يسري نفس الشرط على الرجال· ويتم تقسيم الراقصين إلى مجموعتين حسب الجنس، وتشكل كل مجموعة صفاً يتركب بشكل مستقيم وتتميز رقصات أحواش بتماثل حركات الراقصين والراقصات، وهي حركات يختلف شكلها وسرعة إيقاعها باختلاف المناسبة والمنطقة، ففي حفلات الزفاف لا تختلط النساء بالرجال، فبينما تقوم مجموعة الرجال بالرقص والغناء في الساحة، تجتمع نسوة القبائل في غناء جماعي وزغاريد وينشدن أغاني مناسبة للمقام تتضمن أمنياتهن بالهناء والسعادة للعروس·
المصدر: الرباط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©