الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شافيز وكوبا··· على طريق مختلف!

شافيز وكوبا··· على طريق مختلف!
26 فبراير 2008 02:14
عندما سقط الزعيم الكوبي السابق ''فيديل كاسترو'' طريح الفراش قبل عام ونصف العام، كان أول شريط فيديو يبثه التلفزيون الكوبي للرئيس الفنزويلي اليساري ''هيوجو شافيز'' وهو جالس إلى جانب الثوري العليل، ومنــذ ذلــك الوقــت، اعتمد ''شافيز'' -المقدم السابق في الجيش- على خبرة وتجربة ''كاسترو'' الثورية، لاعبا دور الابن البار، أما الآن، وقد أعلن أقوى رمز لليسار الأميركي اللاتيني عن تقاعده، فإن ''شافيز'' مستعــد لتسلم وحمل المشعل الرمزي والسياسي· غير أن ذلك يأتي في سياقٍ عالمي مختلف، وفي وقت أصبحت فيه ''الليبرالية الجديدة''، وليس الرأسمالية، هي التي تلهب المشاعر اليسارية اليوم· ومع ذلك، يقول بعض المحللين إن ثروة فنزويلا النفطية الطائلة تتيح لـ''شافيز'' إيصال حركته الاجتماعية إلى أبعد مما استطاع ''كاسترو'' الوصول إليه خلال فترة حكمه، وفي هذا الصدد يقول: ''ألفريدو كيلر'' -المختص في استطلاعات الرأي في كراكاس-: ''لقد وصل شافيز منذ مدة إلى مستوى معين من النفوذ، أما الآن، وفي وقت لم يعد فيه كاسترو جزءا من السيناريو، فإنه أصبح النقطة المرجعية الوحيدة بالنسبة لرمز الثورة اليسارية''، مضيفا قوله: ''ولكن شافيز يحاول صنع شيء جديد، شيء يشبه جبهة للعالم الثالث ضد العالم الأول، والواقع أن لديه الكثير من المال للقيام بذلك''· ولكن ''شافيز'' يعتبر أن ''كاسترو'' مازال قائد الثورة، ويقول: ''إن كاسترو لم يستسلم أو يتخلى عن أي شيء''، مضيفا ''إنه كان دائما في الطليعة، والناس من أمثال كاسترو لا يتقاعدون أبدا''· والواقع أن كوبا كانت ستجد نفسها في أزمة اقتصادية خانقة لولا كرم وسخاء فنزويلا، فمنذ انهيار الاتحاد السوفييتي، شكل ''شافيز'' العمود الفقري الاقتصادي لكوبا، إذ يقوم بتزويد هذا البلد بنحو 100 ألف برميل نفط يوميا بأسعار مخفضة، في حين يعمل الأطباء الكوبيون في المستشفيات التي أُنشئت حديثا عبر أرجاء ''كاراكاس''، إنها علاقة يطلق عليها المؤرخ ''أغوستن بلانكو مونوز'' -الذي يكتب في جرائد بالبلدين اسم ''فيني-كوبا''، وهو مصطلح تأكد عندما قال نائب الرئيس الكوبي ''كارلوس لاج'' صراحة: ''لدينا رئيسان: فيديل وشافيز''· لم يذهب ''شافيز'' بحركته بعيدا إلى حيث ذهب ''كاسترو''، بالرغم من أن بعض أعماله تذكِّر ''بكاسترو'' الستينيات، فقد لقي ''شافيز'' عالمية واسعة بسبب رفضه العام الماضي تجديد الترخيص لقناة تلفزيونية ذات شعبية كبيرة، ومعروفة في الوقت نفسها بانتقاداته له، وفي هذا الإطار، يلفت ''لويس فريناندو ميدينا'' -أستاذ السياسة المقارنة بجامعة فرجينيا- إلى أن كاسترو وصل إلى السلطة في وقت تميز بالنزاع المسلح إذ يقول: ''لقد استطاع كاسترو على نحو ما، إضفاء الشرعية على خرقه وافتقاره للباقة في أعين الناخبين الداخليين، وذلك من خلال الإشارة إلى مخاطر حقيقية كانت تتمثل في الغزو وزعزعة الاستقرار''، أما فنزويلا، فهي مجتمع أكبر وأكثر تعقيدا بكثير· وإذا كان ''شافيز'' يوصف في كثير من الحالات بأنه مشاكس ومشاغب وغير دبلوماسي، فإنه يتقاسم مع ''كاسترو'' على ما يبدو مثله وقيمه من حيث الدعوة إلى نظام اجتماعي جديد· فـ''ثورته البوليفارية''، التي تمثل الطريق إلى ما يسميه ''رأسمالية القرن الحادي والعشرين''، ضخت مليارات الدولارات في البرامج الاجتماعية للفقراء، ونتيجة لذلك، تخلص العديد من الفنزويليين من الأمية اليوم، كما سعى إلى إيجاد مزيد من المداخيل الحكومية لهذه البرامج في 2007 عبر تأميم الشركات النفطية الكبيرة· كما يعد ''شافيز'' ظاهرة في حد ذاته إذ يحشد الأتباع من أحياء ''كاراكاس'' إلى القصور الرئاسية لـ''نيكاراغوا'' و''إيكوادور''، ويقول ''دانيل ديمورو'' -طالب الهندسة بالجامعة البوليفارية في فنزويلا، والتي دشنها شافيز في 2003-: ''عندما أتى شافيز إلى الساحة، كان فيديل موجودا، غير أن شافيز أشعل حماس اليسار''· فقد سدد الديون الخارجية لجيرانه، وعرض النفط ومشاريع الطاقة بأسعار مخفضة على عدة بلدان عبر العالم، على غرار ما فعله مع كوبا، كما دفع في اتجاه اندماج إقليمي عبر مبادرات من قبيل ''بنك الجنوب'' كبديل للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي· وإذا لم يكن جميع قادة البلدان المجاورة مؤيدين لمواقف شافيز، فإن الثابت أنه ساهم في خلق منطقة أقوى· ولكنه في مقابل ذلك يفتقر إلى بعض من الشرعية التي يتمتع بها أستاذه الروحي، إضافة إلى جاذبية شخصية ''كاسترو'' وطاقته وقوته الأسطورية، وعلاوة على ذلك، فإنه يبدو مشاركا فعالا في ذات النظام العالمي الذي يشتكي منه وينتقده، وهو تصور يرى المحللون أنه قد يضر برسالته ويضعفها، ثم إن ''شافير'' لا يتوانى في انتقاد سياسات الولايات المتحدة في كل وقت وحين، ومــع ذلــك، فهــو واحــد من أوثق مصادر الإمدادات التي تعتمــد عليهــا، وفوق ذلــك، فإن فنزويلا تغص بالسلع الفاخرة، حيث تمثل ''كراكاس'' من نواح عديدة مجتمعا استهلاكيا وسوقا مفتوحة· بيد أنه إذا كانت استقالة ''كاسترو'' تفتح الباب أمام ''شافيز'' لتسلم رمزية ''الثورة''، فإنها قد تؤدي في نهاية المطاف إلى إبعاد ''شافيز'' وكوبا أحدهما عن الآخر، وفي هذا السياق، يقول ''بلانكو مونوز'': ''إن الانفتاح على الرأسمال الأجنبي يعد ضرورة (بالنسبة لكوبا)''، موضحا أن الزعيم الكوبـــي المقبــــل المفترض -شقيق كاسترو الأصغر ''راؤول''- قد يضطر إلى الانفتاح على التجارة مع الولايات المتحدة، مضيفا: ''في هذه الحالة، فإن راؤول قد يجد أن هوجو شافيز هو أكبر عقبة تعترض طريقه''· سارة ميلر لانا- كراكاس ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©