الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

النحاس «موصل جيد» لحرارة الاقتصاد العالمي

3 أكتوبر 2011 22:33
اكتسب النحاس مقدرته العالية على التوقعات الاقتصادية من الحساسية الكبيرة التي يتمتع بها المعدن. ويعتبر من أكثر المعادن التي تتأثر بالتغييرات التي تطال الاقتصاد العالمي. ويوجد ارتباط وثيق بين أسواق السلع العالمية وعمليات السرقة التي تقع على النحاس. ويُلاحظ ارتباط ارتفاع معدل جرائم النحاس حول العالم بارتفاع أسعاره، حيث تتسبب الكابلات المنهوبة في تأخير رحلات القطارات، بالإضافة إلى تأخير الإصلاحات التي تُجرى على شبكات الاتصالات. كما يتم نهب غلايات التسخين ومكيفات الهواء، حيث من الواضح حساسية المجرمين لحالات التذبذب التي يتميز بها الاقتصاد العالمي. ويعتبر الخبراء تحولات سعر ذلك المعدن مسؤولة عن التحولات التي تحدث في الاقتصاد العالمي. وتبدو النظرية مقنعة، حيث يعني النحاس كونه موصلا جيدا للكهرباء والحرارة، أن استخداماته ليست محصورة على الكابلات والأنابيب. وتحتوي السيارة العادية على 25 كلم من النحاس، بينما تستخدم الألعاب الإلكترونية من الكمبيوترات الشخصية إلى الهواتف المحمولة، النحاس في توصيلها وربطها. ويعني انتشار المعدن في كل مكان أن ارتفاع الطلب عليه يوفر مؤشراً مبكراً على الزيادة التي تحدث في قطاعي الصناعة والإنشاءات. مثلاً، تراجع النحاس في المراحل الأولية من أزمة الائتمان، ثم بدأ في الانتعاش في نهاية 2008. وأصبحت مقدرة المعدن على التوقعات مبعثاً للاهتمام به. وفي الوقت الذي تنامت فيه مخاوف الدخول في أزمة ثانية، تراجعت أسعار النحاس لمستوى لم تشهده منذ 10 أشهر. ومع ذلك، أصبح النحاس أقل استجابة لحالات الارتفاع والانخفاض التي تتميز بها أسواق الدول الغنية مما كان عليه في الماضي. ويعود السبب في ذلك إلى الصين، حيث إنه وفي عام 2003 وقبل أن يستمد الاقتصاد الصيني كامل قوته، كان سعر النحاس أقل من 2,000 دولار للطن الواحد، وبلغ 10,000 بداية العام الحالي قبل تراجعه الأسبوع الماضي إلى 7055 دولاراً للطن. ويتزامن ذلك مع حالة النهضة العمرانية والصناعية في الصين والتي تتطلب كميات ضخمة من ذلك المعدن التي وصل استهلاكها منه بين 40 إلى 50% إلى 16 مليون طن من الإنتاج العالمي في 2010. ومن المتوقع ارتفاع الطلب العالمي على النحاس بأكثر من 40% إلى 27 مليون طن بحلول عام 2020. والنحاس ليس هو المعدن الوحيد الذي يتأثر بالطلب الصيني، لكنه يمثل المحك الحقيقي عند الحديث عن الطلب. وتتحدث الشركات لما يقارب العقد عن المشاكل المتزايدة المتعلقة باستنفاد المعادن من الأرض، حيث النحاس أفضل المعادن التي تمثل تلك القضية. ولا يوجد سوى مخزون ضئيل منه في مواطنه الأصلية في شمال وجنوب أميركا وأستراليا. وبلغ الإنتاج السنوي في إسكونديدا في شيلي أكبر منجم للنحاس في العالم 1,5 مليون طن في 2007. والمنجم الوحيد الجديد الذي يأتي بإنتاج مشابه هو أويو تولجيو في مونغوليا والتابع لشركة “ريو تينتو” البريطانية - الأسترالية، والذي سيبدأ الإنتاج في عام 2013 وبنصف تلك الكمية. ومن المرجح أن يعتمد إنتاج النحاس الجديد على المناجم الصغيرة والعميقة والتي تتميز بدرجات أقل من الخام. ويشير الخبراء إلى أن هذه المناجم تقع في مناطق تتسم بمخاطر أكثر مثل الحزام الأفريقي للنحاس الممتد عبر زامبيا والكونجو. وكذلك تملك الصين منجماً في أفغانستان. كما أن عوامل مثل الافتقار إلى البنية التحتية من طرق وسكك حديدية وكهرباء ومياه وصعوبة الحصول على الإذن بالتعدين، تجعل المعدن أكثر تكلفة. وهذا لا يبشر بالخير بالنسبة لإمدادات المستقبل. كما ارتفع معدل السنوات المطلوبة للعثور على منجم جديد من بين 4 إلى 5 سنوات، إلى بين 7 إلى 8 سنوات. ولا يخلو استخراج النحاس من المناجم الحالية هو الآخر من بعض الصعوبات. ويبدأ عمال المناجم بالحفر في المناطق السهلة أولاً، حيث تتسم المناجم القديمة بالعمق الشديد مما يضيف إلى تكلفة استخراج المعدن. وارتفعت نسبة المعادن التي تفشل في التحول إلى نحاس من 2% قبل خمس سنوات، إلى 8% الآن. وقادت هذه الصعوبات بالإضافة إلى انتعاش أسعار الفحم وخام الحديد، إلى تفضيل أكبر شركات التنجيم في العالم لهذه السلع عند بحثها عن الاستثمارات. ومن المتوقع أن تبقى أسعار النحاس على ارتفاعها نسبة لانعدام البديل المناسب. ويرجح البعض أن الارتفاع الحالي ربما يكون حافزاً كافياً لجدية البحث عن البدائل التي استنفد معظم السهل منها. وتحول مثلاً السباكون في العالم لاستخدام أنابيب البلاستيك متى ما أمكنهم ذلك. كما اتجه المهندسون الصينيون إلى الألمنيوم بدلاً من النحاس في عمليات التبريد. ويمكن أيضاً استخدام الألمنيوم لكابلات الكهرباء، لكنه غير صالح للعمل في الأجهزة الإلكترونية. كما أنه ليس من الممكن أن يضاهي النحاس في عمليات التوصيل. ربما تتراجع أسعار النحاس على المدى القريب في ظل تراجع النمو في كل من أميركا وأوروبا. لكن شجع ارتفاع الأسعار تكديس المعدن في الصين مما يهدد بخلق فجوة في المستقبل. نقلاً عن “ذي إيكونوميست” ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©