الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النمو ليس أولوية.. لبوتين وميركل

19 أكتوبر 2014 01:10
قد تتطلب هذه الفكرة قفزة بين أمرين مختلفين، لكن الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» والمستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل» لديهما قواسم مشتركة أكثر من تجربتهما في ألمانيا الشرقية السابقة وقدرة كل منهما على التحدث بلغة الآخر. فكل منهما يتحدى منتقديه من خلال الاستمرار في اتباع سياسات سيئة بالنسبة للنمو الاقتصادي. ومن وجهة نظرهما، بالرغم من ذلك، قد يكون من المنطقي مقاومة تقديم النمو على الاعتبارات الأخرى. ووفقاً للحكمة التقليدية، إذا كان الناتج المحلي الإجمالي يحقق نمواً، فهذا يعني أن الحكومة تمضي في المسار الصحيح، أو على الأقل لا ترتكب أخطاء خطيرة. وإذا انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0. 2 في المائة، كما حدث في ألمانيا في الربع الثاني من هذا العام، خاصة إذا ما تراجع لربعين متتاليين - وهذا هو التعريف الرسمي للركود - فمن المفترض أن تفعل الحكومة شيئا حيال ذلك. وتتعرض «ميركل» لضغوط للاقتراض وإنفاق المزيد لمعالجة التباطؤ الاقتصادي. وبالنسبة لبوتين، الذي يواجه حالة من الركود المحتمل، فقد يكون السبيل هو الامتثال لمطالب الغرب بشأن أوكرانيا لكي يتم رفع العقوبات الاقتصادية. وبالرغم من ذلك، فإن الناتج المحلي الإجمالي هو انعكاس معيب بصورة عميقة لرفاهية الأمة. وقد تساءل «سيمون كوزنيتز»، الذي وضع الأساس للطرق الحديثة لحساب الناتج المحلى الإجمالي، في تقرير إلى الكونجرس عام 1934: «إذا كان الناتج المحلي الإجمالي مرتفعاً، فلماذا تعاني الولايات المتحدة انخفاضاً؟»، وتابع قائلا: «يجب أن نأخذ في الاعتبار الفروق بين كمية ونوعية النمو، بين التكاليف والعائدات، وبين المدى القصير والمدى الطويل. ويجب أن تحدد أهداف تحقيق المزيد من النمو كيف سيتحقق هذا المزيد من النمو ولماذا؟» كل من «ميركل» و«بوتين» يحاولان الاهتمام بتلك الفروق. في ألمانيا، لا يعني النمو المنخفض والتهديد بحدوث ركود بالضرورة حدوث تدهور في مستويات المعيشة. ويتوقع وزير الاقتصاد «زيجمار جابريل» أن يزداد عدد العاملين في ألمانيا بنحو 325 ألفا خلال هذا العام، وبزيادة مرة ونصف عن هذا العدد في 2015. وفي نفس الوقت، كما قال، فإن عدد العاطلين سيظل 2. 9 مليون، أو حوالي 4. 9 في المائة. أما صافي الأجور لكل موظف فسيزداد بنسبة 2. 6 في المائة هذا العام، وبنسبة 2. 7 في المائة العام القادم. ومع هذه الأرقام التي هي في متناول اليد، ينبغي أن يسأل المسؤولون الألمان أنفسهم ما الذي يمكن تحقيقه إذا ما استسلموا للمطالب المتزايدة من الداخل والخارج على حد سواء للجوء إلى الإنفاق بالاستدانة. وينبغي على المسؤولين الألمان وضع أمرين في الحسبان: الأول، هناك الوعد الذي أطلقته «ميركل» منذ فترة طويلة بأن تحقق توازناً في الموازنة وبدء الاقتراض الصافي بحلول عام 2015. هذا أمر مهم من الناحية السياسية لأن الألمان شعب حكيم من الناحية المالية ولديه واحد من أعلى معدلات الادخار بين العائلات، ولأن الثقافة الألمانية تركز على المسؤولية والوفاء بالوعود. ومن ناحية أخرى، فهذا أمر يتعلق بالاستراتيجية بالنسبة لميركل، التي برزت كقائد فعلي للاتحاد الأوروبي وأن تكون مثلا يحتذى به. وتحاول فرنسا أن يُسمح لها بتجاهل قواعد العجز الأوروبي، بينما تضغط إيطاليا للحصول على نطاق أكبر للإنفاق. لذلك، فإن تحول ألمانيا قد يرسل إشارة خاطئة وينظر إليه على أنه خيانة من قبل النمسا وهولندا، اللتين قامتا بمساندة ألمانيا فيما يتعلق بضرورة خفض العجز. وفيما يتعلق بالأمر الثاني، فإن هناك احتمالا مؤداه أن بعض الإنفاق الذي يحركه الدين من قبل ألمانيا قد يحدث انتعاشاً في نمو الناتج المحلي الإجمالي في المدى القصير. وقد أوضحت «ميركل» أنها ترى هذا النوع من النمو وكأنه إحصاءات لا معنى لها. وعلاوة على ذلك، فقد تجد صعوبة في فهم الأسباب التي تجعلها تحصل على الثناء لاتخاذ موقف مبدئي بشأن العقوبات ضد روسيا، والتي تثبط عملية النمو، لكنها تلقى توبيخا بالمثل لأن لديها ضميرا حيا حيال المسؤولية المالية، وهذا كابح آخر لأرقام الناتج المحلي الإجمالي. أما حسابات «بوتين» فهي مختلفة، فهو كثيراً ما يتفاخر بأن روسيا أحرزت نمواً سنوياً بنسبة 7 في المائة خلال الفترة من عام 2000 إلى عام 2008، لكنه يعلم أن قدراً كبيراً من هذا يعود إلى الأسعار المرتفعة للمواد الخام. فعائدات الموارد الطبيعية تمثل 18. 7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لروسيا، والمكاسب غير المتوقعة من النفط والغاز والمعادن قد مكنت روسيا منذ فترة طويلة من تحقيق نمو مذهل. ويجب أن تبدو أرقام الناتج المحلي الإجمالي سريعة الزوال بالنسبة لبوتين لأنها شديدة الاعتماد على عوامل خارجية غير متوقعة وخارجة عن إرادته. لذلك، فبدلا من اتباع سياسات رداً على أداء الاقتصاد، يحكم «بوتين» قبضته على السلطة ويكثف جهود الدعاية لمواجهة الأوقات العجاف المقبلة. وإلى حد ما، فإن ضعف أسعار النفط يساعده على تنفيذ مخططاته من الناحية السياسية: أغلبية الروس يعتقدون أن الغرب يشن حرباً على بلادهم، والكثير منهم لديه الرغبة لقبول بعض الصعاب. وعلاوة على ذلك، فإنه حتى انخفاض أسعار النفط يعطي «بوتين» الكثير من الثروة لتوزيعها على القطاع العام والعاملين في الأجهزة الأمنية، الذين يشكلون قاعدة دعم له. وليس هناك من أسباب تجعل «بوتين» يقاتل من أجل أجزاء من نقطة مئوية في نمو الناتج المحلي الإجمالي من خلال التنازل للغرب. وكما هو الحال مع «ميركل»، إن المسألة تتعلق بالتكلفة والعائد. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©