الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«محو وديمة» تقدم الشعوذة حين تقتحم الحياة السعيدة

«محو وديمة» تقدم الشعوذة حين تقتحم الحياة السعيدة
4 أكتوبر 2011 13:36
تواصلت مساء أمس عروض الدورة الخامسة من مهرجان دبي لمسرح الشباب، بعرض بعنوان «محو وديمة» قدمته فرقة جمعية شمل للفنون والتراث الشعبي والمسرح، على خشبة مسرح ندوة الثقافة والعلوم. العرض من تأليف علي جمال، وإخراج محمد السعدي في تجربته الإخراجية الأولى،إضافة إلى تصميمه المؤثرات الصوتية والديكور والأزياء، وأداء الممثلين محمود القطان ونورة وعذاري. العرض الذي شهده عدد من الفنانين والمتفرجين أقل مما شهده يوم الافتتاح، ينطبع بطابع تراجيدي مؤلم حتى قبل انفتاح الستارة، حيث يبدأ العرض بالموسيقى الحزينة ثم تنفتح الستارة على امرأة تغزل أو تخيط رداء ما، وهي تغني أغنية من الغناء الشعبي الحزين والشجي، لتتكشف مجريات العرض عن أم مكلومة بفقدان ابنها الوحيد، وصراع دائم مع زوجها(محمود القطان) الذي يبدو أنه كان سببا في وفاة الطفل إذ سقاه دواء كانت الزوجة حصلت عليه من عجوز مشعوذة كدواء للزوج الذي يرفض الإنجاب. العلاقة ملتبسة بين الزوجة التي قامت بدورها الممثلة نورة والمشعوذة التي قامت بدورها الممثلة عذاري، ما بين قبولها بالدواء ورفضها للعجوز، وتنتصر قوة الشعوذة على عقل المرأة الشابة، من خلال حوارات يبنيها المؤلف على النحو المألوف تقريبا، باللهجة العامية، وتؤديها الممثلتان بقدر من الثغرات في النطق الواضح للحروف والكلمات، وهذه سمة بعض الحوارات المطولة في العرض. وسط ديكور بسيط يجسد بيتا قديما بأبواب وشبابيك تطل على «الفريج»، وعناصر من البيئة الشعبية، وإضاءة بقيت ثابتة لمدة في العرض، تطغى حوارات الزوج والزوجة، وتتصاعد لتبلغ ذروتها مع اتهام الزوج لزوجته بأن رائحتها كريهة، فتطلب هي الطلاق وتركض لتختفي في غرفتها، وينهمك هو في عمله، وفي لحظة درامية يتحول المشهد، يصاب الزوج بإصبعه جراء ضربه بالآلة الحادة التي يستخدمها، ومع صرخة ألمه تهرع الزوجة بكل حب وحنان، ليتحول الأداء ومعه الإضاءة وبعض العناصر الفنية الأخرى إلى أجواء رومانسية حميمة مع الذكريات، والملابس الشعبية التي تعيد إلى الزمن الماضي. الإضاءة الخافتة، واستخدام تقنيات الظلال على ستارة في مؤخر الخشبة، وحركات الممثلين (الزوج والزوجة)، وسرعة تغيير الإضاءة للتعبير عن تحول الموقف، كلها خدمت أداء لحظات من استعادة ذكريات دافئة، والمناجاة بين الزوجين القابعين كل في زاوية من زوايا الخشبة، ووسط هذه الحميمية المستعادة تظهر العجوز الشريرة، فتهدم البيت، وتظهر خلف الهدم شجرة خضراء قوية، ليبدأ إطفاء الأضواء، ولكن فجأة تظهر مقبرة، وأجواء كابوسية تعلن نهاية العرض. بعيدا عن لغة المديح والهجاء، يمتلك العرض ميزات إيجابية، تتمثل في محاولة التجريب مع الأدوات والعناصر لكنه تجريب يفقد العمل القدرة في السيطرة على مفرداته وبنيته الفنية، حيث يفتقد التوازن بين المفردات الأساسية في العرض، ففي نصفه الأول وأكثر، يقوم على لغة الحوار والتخاطب والحوار لغة أساسية، ونشهد ثباتا أو تثبيتا للإضاءة وشبه غياب للمؤثرات الصوتية، بينما يشهد الجزء الثاني تصعيدا لاستخدام المؤثرات وهمسا في الحوارات، ما جعل العرض منقسما وبلا توازن. فثمة إمكانية دائما لخلق مثل هذا التوازن في بنية العمل. ثمة مشكلة أيضا على صعيد اللعب بثنائية (الواقع/ الحلم) (الوهم/ الحقيقة). فمن قتل الطفل؟ من خلال بعض الحوارات نلتقط جانبا في شخصية الزوج يتعلق بغيرته من ابنه، إذ يصرخ بزوجته أنها تهتم بابنها وتهمله هو، وهذا الجانب النفسي من الشخصية مهم، وقد يقودنا إلى أن الرجل قتل ابنه دون وعي، ولكنه في اللاوعي قتل لأسباب نفسية معروفة. وهذا يمكن فهمه في الإطار العام للعرض، لكن التفاصيل الفنية والأدائية تظل دون المستوى المطلوب. الموضوع مهم اجتماعيا وإنسانيا، لكنه يتطلب رؤية ومعالجة أعمق، سواء على مستوى النص أم على صعيد المعالجة الإخراجية، ويتعلق الأمر أيضا بأداء الممثلين الذي كان في لحظات يتخذ شكل الحوار المفتقر إلى أي مهارات، أو إلى مواهب طامحة لتقديم الجديد، أداء متذبذب يرتقي ويصعد حد العذوبة في لحظات، ويعود وينكفئ نحو الرتابة أو الصراخ حينا، وينطبق الأمر على حركة الممثلين وأدائهم الصوتي في آن معا. إنه جهد مبذول لمعالجة قضية ترتبط بالمتزوجين من الشباب، في السنوات الأولى من زواجهم، وما يعاني منه الزوجان من مشكلات تدمر الأسرة، وتقود كلا من الزوجين إلى الاكتئاب، والبحث عن الخلاص الفردي السحري، والخزعبلات التي تفصل الإنسان عن واقعه، وتمضي به في طرق الهلوسة.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©