الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معلمون: اليوم العالمي للمعلم يضع مهنتنا تحت مجهر التغيرات والتحديات

معلمون: اليوم العالمي للمعلم يضع مهنتنا تحت مجهر التغيرات والتحديات
4 أكتوبر 2011 22:52
قُم لِـلمُعَـلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا .. كادَ الـمُعَـلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا.. بيت شعري قاله أمير الشعراء أحمد شوقي، منذ أوائل القرن الماضي، حين كانت للمعلم مكانة اجتماعية مميزة، فكان الأخ الأكبر والأب والمرجعية للكثيرين من حوله في أمور عديدة قبل أن يتغير به الحال ويتقلص دوره إلى داخل حدود المدرسة، ويصبح مجرد ناقل للمادة العلمية كما يعتقد البعض. اليوم يحتفل الجميع في أصقاع الأرض باليوم العالمي للمعلم الذي يتكرر في هذا اليوم من كل عام، إيماناً بالدور المقدس له في تنشئة الأجيال وغرس بذور العلم والحكمة فيهم، فيصبحون أفراداً صالحين لأنفسهم ومجتمعاتهم. وهذا يطرح سؤالاً حول حال المعلم بين أمس واليوم وغداً، فكان لزاماً التوجه إلى بعض منهم لسماع آرائهم في قضايا المعلمين والتعليم. متغيرات عديدة عن أهمية المعلم في العملية التعليمية، قال حمد المزروعي، مدير مدرسة المستقبل النموذجية إنه يحمل رسالة سامية إلى الطلبة وفلذات أكباد المجتمع، ولذلك على المعلم أن يكون على درجة كبيرة من المسؤولية والانتماء، لأن بين يديه أهم ثروة وأهم أفراد المجتمع كونهم عماده ومستقبله، وسيكونون قادة له ويرفعون رايته بين الأمم. ولا بد للمعلم أن يتميز بمكانة اجتماعية عالية بحيث يسهم في إيصال العملية التعليمية إلى أبنائه الطلاب، بحسب ما هو مرسوم له من استراتيجيات مسموح بها في هذا البلد. وأوضح المزروعي أن نظرة المجتمع والطلاب للمعلم تغيرت بصورة كبيرة، في الماضي كان يمثل أشياء كثيرة فهو يلعب دور القاضي، دور الشرطي، الذي يؤتمن على الأسرار، فكانت مكانته الاجتماعية معروفة، أما حالياً، فالمعلم ما زال يحتفظ بمكانته كمعلم ومربي للأجيال، ولكن تقلص دوره في المجتمع إلى مجرد نقل المعارف إلى الطلاب من خلال عملية التربية والتعليم. وفي الماضي كان المعلم يفصل في الخلافات والمشاكل التي تحدث في محيطه وكان مرجعية لكل المحيطين به ينهلون من علمه ويستندون إلى حكمته، وكان ذلك من قبل الجميع، خاصة في ظل عدم انتشار التعليم في ذلك الزمان، فكان هو البوصلة التي توجههم إلى الصواب. وأضاف «الآن انحسر الدور إلى مجرد ناقل للتعليم، ما جعل المجتمع ينظر إليه نظرة غير التي كانت في السابق، فلم يعد يحتل المكانة التي يحتلها قديماً لتغير الظروف والمجتمعات، حيث كان مجاله واسعا في علوم كثيرة، أما الآن فصار ينحصر عمله في مجال واحد». وعن الوضع المادي للمعلم، قال المزروعي إنه جيد وحتى في حالة عدم وجود الراتب الجيد، يجب أن لا يؤثر ذلك على أدائه، لافتا إلى أن هناك مدرسين يسعون إلى الثراء ويتلهفون إلى الدروس الخصوصية، ما أثر كثيراً على هيبة المدرسين، ومن ثم فكثير منهم يجب أن يتوقف عن هذه العادة، حتى يعيد نظرة المجتمع السليمة إليه. وقال المزروعي إن هيبة المدرس تتأثر بشكل كبير بالدلال المفرط للطلاب، وتدخل الأهل في العملية التربوية التي تتم داخل المدرسة، وغضبهم في أحوال كثيرة إذا ما لجأ المدرس إلى تنبيه الطالب بشكل حازم دون ضرب، ما يسبب حرجا للمعلم أمام الطلبة، ويكون أحياناً مهتزاً في إصدار قراراته وتوجيهاته للطلبة، مضيفا «على أولياء الأمور إدراك أن المعلم عليه دور محوري لا يقل عن البيت في عملية توجيه سلوك الطالب إلى السلوك المرغوب فيه». التطوير والتلقين أدلين حجازي، مديرة المدرسة الوردية وتتمتع بخبرة حوالي 25 عاماً في مجال التعليم، ذكرت أنه بالنسبة للمدرس، فهو من الشريحة المهضوم حقها في المجتمعات، خاصة البلاد العربية، حيث يمثل دخله دائماً أقل من الذي يحتاجه ليعيش حياة كريمة أو يؤمن مستقبل أولاده، مع أن الجهد الذي يبذله في تثقيف وتعليم الأولاد كبير جداً من أجل مواكبة العملية التعليمية المتطورة باستمرار. وتابعت «نحن لا نعرف السبب في ذلك، وهناك تفاوت في رواتب المدرسين من مدرسة لأخرى بحسب قدرتها المادية، والذي سبب هذه المسألة أن هناك بعض الجهات والمؤسسات تعطي رواتب خيالية للمدرسين بغض النظر عن كفاءتهم، ما خلق أزمة بين المدارس الأخرى، وأصبح كل منهم يتمسك بالكفاءة التي لديه، وصار هناك نوع من التنافس بين المدارس على المعلمين الأكفاء، ما يؤثر بشكل أو بآخر على العملية التعليمية». وأكدت «بصفة عامة المدرس إلى الآن لم يأخذ حقه وليس لديه دافع أو حافز لكي يعطي بحب وسخاء لهذه الأجيال حتى يعلم هذه الأجيال التي ستوصل الرسالة إلى جيل آخر، وانخفاض رواتب بعض المعلمين، يجعلهم يعطون بحسب بقدر ما يأخذون من رواتب، ما يؤثر سلبا على العطاء أثناء ممارسة العملية التعليمية». وقالت حجازي إنه في الماضي كان المعلم له هيبته، وذو مكانة مرموقة، الناس كانت تلجأ إليه وتعتبره شيئاً كبيراً ومرجعية في المجتمع، أما الآن، نشعر أن المعلمين والمعلمات بعضهم يؤدون وظيفتهم في تعليم الأبناء، ولا يجدون احترامهم من أولياء الأمور ومن الطلبة، وهو ما نتبينه من خلال قراءة صفحات الجرائد عن وجود حالات اعتداء جسدي على بعض المعلمين. كما أن بعض المدرسين خشية على ترك وظيفتهم أصبحوا يفتقدون للمصداقية ووضوح الرؤية، وأصبحوا يتعاملون مع فئات من الطلبة بشيء من الرهبة وصار التعليم من الوظائف المتدنية في المجتمع بعد أن كانت لعقود طويلة من المهن ذات الرهبة في المجتمع، وأحياناً يكون المعلم سبباً في تقليل نظرة الآخرين له من خلال رفعه للكلفة مع الطلبة، ما يسمح لهم بتجاوز حدودهم معه. فهناك حدود وحواجز يجب على كل منهما احترامها وعدم تجاوزها وإلا فشلت العملية التعليمية والتربوية. وتابعت حجازي «أحياناً المعلم عليه واجب أن يحرص على تطوير أدائه، وأن يبتعد عن الطريقة الروتينية المعتمدة على التلقين، وعليهم حث الطلبة على البحث العلمي، والاجتهاد الذاتي، وإلا تسلل الملل إلى الطلبة، وتصبح الحصة الدراسية لهذا المدرس تقليدية وخالية من أي جديد، وهو ما يتطلب عمل دورات للتدريس والتأهيل والتعرف على استخدام الوسائل التكنولوجيا التي صارت ركيزة التعليم، وورشات عمل، وتبادل زيارات مدارس. وقبل كل ذلك، ينبغي تحسين وضع المعلم الاجتماعي والمادي كي يشعر بأريحية فيكون أكثر إقبالا على وظيفته وإدراكاً لقدسيتها وأهميتها في المجتمع». وحول سمات المعلم الناجح قالت حجازي: حتى تحكم عليه بأنه مدرس ناجح، يجب أن يتحلى بالثقة في النفس، وبقدراته العلمية، وأن يكون لديه شخصية متزنة وأن لا يظهر كمتردد في أي معلومة أمام الطلاب، وأن يكون لديه مرجعية لكل معلومة يطرحها على الطلاب. سلب الهيبة عن معايير تقييم المدرس، أوضحت حجازي أن هناك تقييما أكاديميا من خلال مشرفي المادة وورشات العمل، ودروس ومحاضرات للمدرسين أنفسهم، وحضور حصص مع المدرس داخل الفصل، تقارير شهرية، وهذا يكون على مستوى المدرسة. وبالنسبة للإدارة، ومدى التزامها بقوانين المدرسة، وتنفيذ الأمور الإدارية المدرسية وجميعها تكون من خلال نقاط يتم حسابها للمدرسين وتكون بين الإدارة العامة في المدرسة وإدارة كل قسم، وتتم جميعاً في إطار من السرية، ومن خلالها نعرف مستوى المعلم، ومن يثبت وجوده تتم مكافأته في الطابور الصباحي أمام الجميع ويعلن عن اسمه. من جانبه، قال المعلم إبراهيم أبو جاس، الذي يمارس المهنة منذ حوالي 20 سنة، إن المدرس في الماضي كان له دور في المجتمع توعوي وتربوي وريادي، وكان المجتمع يعطي له أهمية وثقلاً اجتماعياً، ومع تطور التقنيات وتحول المجتمع من حال إلى حال أصبحنا نسير في فلك نظريات جوفاء ليس لها واقع ملموس مستمد من التجربة الحقيقية لعملية التربية والتعليم، فالمعلم سلبت هيبته بقرارات. والمعلم أيضاً له دور ويتحمل جزءا في ما آلت إليه الأمور بالنسبة لصورته في المجتمع، من حيث إهماله لشخصه وتطوير ذاته، والاستخدام العشوائي للسلطات التي كانت بيده، ومنها تعامله مع الطلاب بقسوة، وهذه السلوكيات ألقت بظلالها على جميع عملياته التعليمية والتربوية، وأصبح المعلم ينظر إليه كأداة ويطلب منه القيام بكل الأعمال، وفي نفس الوقت لا نعطي له قيمته الاجتماعية، المكانية. وتابع أبوجاس «ننادي بتطوير التعليم وهذا شيء جميل، ولكن مخرجات التعليم لم تتطور، فالسياسات التربوية العليا، لها توجهات إيجابية تهدف إلى الارتقاء بالمجتمع والعملية التربوية، ولكن هناك خلل في آلية التنفيذ مثلاً يتم تطوير المنهج، والمعلم، ولا يتم تطوير الموجهين بنفس القدر». في السياق ذاته، دعا أبوجاس إلى تطوير المعلم من خلال الدورات المختلفة، وإخضاعهم لدورات في نفس التعامل مع الطالب، كما يجب تغيير نظرة أولياء الأمور حالياً إلى المعلم، وترسيخ الثقة بينهم وبين المعلمين، وتحقيق التواصل الإيجابي بين المعلمين وأولياء الأمور. وأكد أبوجاس على إنشاء جيل يقدر هذا الفن. حيث صارت العملية بالنسبة للكثيرين ليست أكثر من وظيفة نتيجة تضافر عديد من الأمور المؤدية لذلك. وبالنسبة للمدرس، ينبغي عليه عمل علاقة طيبة مع الطلاب والتقرب إليهم خاصة في المرحلة التأسيسية، حيث يجب أن يثقف نفسه باحتياجات هذه الفئة العمرية، وإدراك أن الطالب انتقل من مرحلة إلى مرحلة، وهو ما يتطلب عمل تهيئة للتلميذ في هذه المرحلة، وكذلك ضرورة تكوين علاقة ناجحة مع أولياء الأمور من أجل نجاح المتابعة لحالة التلاميذ. إسماع الصوت المعلمون في العالم والذين يتجاوز عددهم 60 مليوناً في عهدتهم أكثر من مليار طفل، يمارسون وظيفة التدريس في ظروف صعبة للغاية، فأغلبهم يعملون في بلدان نامية وفي بيئات فقيرة في أمس الحاجة إلى تحسين ظروف التدريس والتعلم، كما أنهم يواجهون صعوبات من أجل تقديم مطالبهم وإسماع صوتهم للتأثير في القرارات المتعلقة بالعمليات التعليمية المطالبين بتطبيقها. إن 5 أكتوبر، اليوم العالمي للمدرسين والمدرسات، فرصة لتوجيه تحية التقدير والتفهم للعمل النبيل والمعقد الذي تقوم به أسرة التعليم. مكسب عظيم في العام 1994 انتزع المعلمون مكسبا عظيما، بإقرار يوم 5 أكتوبر يوما عالميا للاحتفال بالمدرسين والمدرسات والاعتراف بأهميتهم في إنشاء مجتمعات التعلم والمعلومات والمعرفة. وقد جاء هذا الإقرار العالمي بعد مرور 20 سنة على انعقاد مؤتمر للحكومات بشأن التربية سنة 1966، صادق على توصية مشتركة بين اليونسكو ومنظمة العمل الدولية تتعلق بأوضاع المدرسين وتحدد إطارا واضحا لحقوقهم وواجباتهم. ومنذ ذلك الحين صار يوم 5 أكتوبر من كل سنة يوما للاحتفال بالمدرسين، ودعوة الناس بمختلف فئاتهم إلى الاعتراف بوظيفتهم النبيلة التي لا غنى عنها، والعسيرة في الغالب والمتسمة بالتضحية الذاتية، التي يؤديها المدرسون والمدرسات من أجل توفير التعليم الجيد.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©