الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طلاب القانون... أمل جديد لأفغانستان

4 أكتوبر 2011 21:26
تشير العناوين الرئيسية الأخيرة أن أفغانستان تتجه نحو السقوط كنتيجة لانسحابات القوات الأميركية، وهجمات "طالبان" على كابول، والأزمة الدستورية التي يمر بها البرلمان الأفغاني. وعلى الرغم من أن التحديات التي تواجه أفغانستان صعبة للغاية كما يذهب إلى ذلك الكثيرون إلا أن السؤال المهم في هذا السياق هو ما إذا كان الأفغان سيكونون قادرين على مواجهتها بأنفسهم أم أنهم لن يقدروا على ذلك. من بين المعايير التي يمكن الاستناد إليها في قياس مدى التقدم ذلك الخاص بمدى القوة والمتانة التي أصبحت عليهما قوات الجيش والشرطة في البلاد. بيد أننا يجب أن نعترف في هذا السياق أن القوة التي توفر الأمن المادي لا تمثل سوى طرف واحد من أطراف المعادلة. فهناك أطراف أخرى منها على سبيل المثال لا الحصر فعالية وتكامل الوزارات الحكومية والبرلمانيين والقضاة والمحامين، ورؤساء المشروعات التجارية وغيرهم من الموجودين في مناصب المسؤولية والسلطة. وللأسف الشديد أن أداء كل تلك الأطراف التي تمثل من دون شك أعمدة الديمقراطية كان مخيباً للآمال حيث شابته أعمال الفساد واتسم بعدم الكفاءة وبالحروب الداخلية المريرة بينها، والتي عطلت إنجازاتها لحد كبير. على أن الأنباء الطيبة هنا هي أن هناك جيلاً جديداً من الشبان الذين كانوا لا يزالون أطفالاً عندما غزت الولايات المتحدة هذا البلد عام 2001 قد بدأ يتخرج الآن من الجامعات الأفغانية ويمكن أن يكون هو حامل مشعل التقدم نحو الديمقراطية الناجحة. إن تجربتنا تؤشر على أن هؤلاء الشبان الذين سيمثلون الجيل القادم من القادة هم الذين سيوفرون أسباباً للأمل للأمة الأفغانية برمتها ولمستقبلها. وباعتباري جزءاً من المشروع المعروف باسم مشروع التعليم القانوني الأفغاني، قمت بصحبة عدد من الطلاب من كلية القانون بجامعة ستانفورد بزيارة في الآونة الأخيرة لكابول لإجراء بعض الأبحاث المتعلقة بكتاب المناهج الدراسية لكلية القانون في الجامعة الأفغانية. وهناك نظمنا فصلًا تحت عنوان المدخل لقوانين باكستان وعملنا مجموعة من الطلاب الأفغان الشغوفين في الجامعة الأميركية بأفغانستان. وكان الاستاذ الذي قدم هذه الدورة "هارون معتصم" (من عرقية الطاجيك)، وهو النجم الصاعد في مجتمع القانون في هذا البلد، المتخرج من جامعة واشنطن بمنحة دراسية. خلال الفصل وجه الاستاذ معتصم أسئلة عميقة لطلابه الذين أجابوا عليها جميعاً بشكل جيد بل وقدموا أسئلة وجيهة من قبلهم. كانت الجلسة المسائية للمشروع تتسع للطلبة من الموظفين الذين يشغلون وظائف بدوام كامل مثل "جميل دانيش" الذي يعمل صحفياً لكنه أراد الالتحاق بالدورة لتحسين درجة معرفته بالقانون الأفغاني لأن ذلك يساعده كما قال في تغطيته الصحفية. عدد كبير من الطلاب الذين يدرسون في البرنامج ولدوا في باكستان حيث كانت عائلاتهم قد هاجرت هناك في سنوات الاضطراب والفوضى في العقود الماضية وعندما عادوا لأفغانستان فإنهم شعروا بالرغبة في دراسة قانون افغانستان حتى يستطيعوا فهم البلد الذي يعيشون فيه. تحدثت مجموعتنا مطولًا مع أوائل طلاب القانون الذين تم اختيارهم من قبل برنامج المساعدة الخارجية الأميركية "يو. إس. آيد" من الجامعات العمومية في أفغانستان للدراسة في برنامج تدريبي للغة الإنجليزية. ولقد لاحظت أن هؤلاء الطلاب يمتازون بالذكاء وبروح ودية للغاية وأنهم كانوا قلقين بشأن فرصهم الوظيفية المحتملة ولكنهم كانوا جميعاً متفائلين بمستقبل بلادهم. وعلى الرغم من أنهم درسوا في المدارس والجامعات الباكستانية حيث التعليم مثقل بالجوانب النظرية ويعتمد على الحفظ والذاكرة إلا أنهم تمكنوا من تحصيل الجوانب العملية المعرفية واستيعاب مهارات التفكير النقدي التي ركزنا عليها بدرجة كبيرة في الكتب المنهجية التي قام برنامجنا بكتابتها. ويخطط هؤلاء الطلاب للاستفادة من تلك المهارات والمعرفة القانونية في تشكيلة واسعة من المهم بدءاً من المهن التجارية وحتى المشروعات الحكومية غير القائمة على أساس الربح. ولكن الشيء الذي يؤسف له في هذا السياق أن القطاع الخاص لا يزال ضعيفاً في أفغانستان، وبالتالي فإن الفرص الوظيفية المتاحة أمام هؤلاء لا تزال شحيحة إلى حد كبير وخصوصاً بالنسبة للإناث. ذات ظهيرة قابلنا "حامد رسولي" الذي أخبرنا أنه يعمل مترجماً وأنه مهتم غاية الاهتمام بترجمة الكتب المنهجية التي جئنا لتقديمها للجامعات الأفغانية لأنها تجلب معارف مهمة لرفاقه الأفغان. وهذه هي في الحقيقة الروح الطيبة والتفاؤل التي لاحظناها في كل شاب من الشبان الأفغان الذين قابلناهم. من خلال معرفتنا بهؤلاء الشباب نعتقد أن هناك الكثير من الأمل لأفغانستان. فمن خلال تمكين هذا الجيل الجديد من الطلاب بالمعرفة القانونية يمكن أن يتحولوا إلى لبنات راسخة لبناء ديمقراطية قوية في أفغانستان وذلك عندما يتوزعون على الوظائف والمناصب المهمة في الحكومة والقطاع الاقتصادي. ومن حسن الحظ أن أميركا لا تزال تملك الكثير من الوقت الذي يمكنها من التفكير في الكيفية التي يمكن بها تقديم أفضل خدمة ممكنة لهذا البرنامج التنموي الطويل الأمد ومساعدته على المضي قدماً. وعلى الرغم من أن تجربتنا تقوم على الملاحظة النظرية وعلى الحدس إلا أن ما يميزها أنها محددة الهدف أو تسعى لتحقيق هدف محدد فنحن نعمل مع قطاع فرعي من الطلاب الأفغان. ولكن ليس هناك من شك أن هؤلاء الطلاب هم الذين سيشكلون الجيل التالي للقادة ونحن متأكدون تماماً من أن الجيل التالي سوف يعمل من أجل الأفضل. دانييل لويس المدير التنفيذي المشارك لـ"مشروع التعليم القانوني لأفغانستان" ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©