السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لعبة «القط والفأر» بين سائقي «التوك توك» وشرطة القاهرة

لعبة «القط والفأر» بين سائقي «التوك توك» وشرطة القاهرة
25 يناير 2011 20:32
«امسك توك توك» ليس عنواناً لفيلم جديد أو أغنية هابطة وإنما المقولة تجسد المطاردات الأمنية التي تشهدها شوارع القاهرة هذه الأيام لعربات «التوك توك» تنفيذاً لقرار محافظ العاصمة عبدالعظيم وزير بمنع سير «التوك توك» في شوارع العاصمة، بعدما أثبتت الدراسات المرورية أنها وسيلة للفوضى المرورية إذ لا يحترم السائقون قواعد المرور. القرار الذي أصدره محافظ العاصمة عبدالعظيم وزير بمنع سير التوك توك في شوارع القاهرة، مطلع العام الجاري، قوبل بعدم استجابة من أصحاب «التوك توك» واستمروا في عملهم وسيرهم في شوارع القاهرة الرئيسية والميادين الكبرى بدعوى أن ذلك مصدر رزقهم الوحيد والضرورة تدفعهم إلى السير في تلك المناطق بناء على رغبة الزبون لاسيما، وأنهم مرتبطون بتسديد أقساط شهرية للبنوك التي أقرضتهم لشراء «توك توك» ما دفع بمحافظ القاهرة إلى الاستعانة بشرطة المرافق لردعهم واحتجاز العشرات من مركبات التوك توك. شوارع ضيقة حسب تقديرات إدارة المرور المصرية، فإن هناك نحو 100 ألف «توك توك» دخلت البلاد في السنوات الخمس الماضية نصفها تعمل بلا ترخيص والغالبية منها في القرى والأحياء الشعبية ما يعد مخالفة لقوانين المرور، إلى جانب وجود سلبيات أخرى كثيرة لهذه الوسيلة التي عرفها المصريون للمرة الأولى من خلال مشاهدتهم للأفلام الهندية حيث تعد الهند المبتكر الأول لها ويعتمد عليها الناس هناك كوسيلة نقل رخيصة. ومنذ مطلع الألفية الجديدة والتوك توك يتسلل إلى شوارع مصر إلى أن اتجهت السلطات إلى إصدار قوانين تنظم سيره كوسيلة نقل أبرزها اقتصار عملها في الشوارع والأزقة الضيقة، التي يتعذر على حافلات النقل العام الوصول إليها مع إلزام من يرغب في قيادته بالحصول على رخصة من إدارة المرور كغيره من قائدي السيارات. إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تجاوزات عدة من أصحاب «التوك توك» أبرزها انتقالهم للعمل في الشوارع الرئيسية ومزاحمتهم لسيارات النقل العام والتاكسي ما أدى إلى فوضى مرورية وزيادة التكدس في الشوارع، كما سمح أصحاب التوك توك للصبية وصغار السن بقيادته ما يمثل خطورة على أمن وسلامة المواطنين وأسهم في زيادة معدلات الحوادث المرورية لأن بعض قائدي التوك توك لا يحترمون إشارات المرور ويسيرون في الاتجاه المعاكس وفي الممنوع لذا جاء قرار محافظ القاهرة بمطاردة «التوك توك». تعليقات طريفة «التوك توك» عربة هجين بين الدراجة النارية والسيارة الصغيرة لها ثلاث عجلات وليس لها أبواب وسقفها من القماش «المشمع»وتعتمد في حركتها على محرك صغير يعمل بالسولار والبنزين وتتيح إلى جانب قائدها نقل ثلاثة أشخاص على أقصى تقدير. و»التوك توك» في بداية التصريح بعمله في الشارع المصري قبل خمس سنوات أسهم في التخفيف من أزمة المواصلات خاصة في المناطق الشعبية المزدحمة والشوارع الضيقة، بعد اشتعال أجرة التاكسي الذي يستغل سائقوه الظروف المعيشية والأسعار المرتفعة ليضاعفوا الأجرة. كما أسهم «التوك توك» في توفير فرص عمل لشباب اقبلوا على تدبير ثمنه بطرق شتى وقيادته بدلا من البطالة التي تحاصرهم وتتراوح الأجرة التي يدفعها راكب «التوك توك» ما بين الجنيه وثلاثة جنيهات حسب المسافة التي يقطعها وغالباً ما يتم الأمر بالاتفاق بين السائق والزبون قبل بداية المشوار. ومن الأمور اللافتة، في «التوك توك» حرص أصحابه على كتابة تعليقات طريفة على جانبي «التوك توك» أو على زجاج المؤخرة من نوعية «الدلوعة وصلت»، و«صلي على النبي»، و«يا ناس يا شر كفاية قر»، و«وسع طريق أنا جيت»، و«البرنس وصل يا ناس يا عسل»، وهي عبارات تثير الكثير من تعليقات أصحاب الحافلات الأخرى وضحكاتهم أثناء مرورهم إلى جانبها في حين يبرر أصحاب «التوك توك» ذلك بأنها نوع من الدلع لسياراتهم ووسيلة لدرء عين الحسود. التسلل بين السيارات رغم المطاردات الأمنية التي يتعرض لها أصحاب «التوك توك» فإنهم لا يزالون يعملون ويلقون إقبالا من بعض المواطنين الذين يفضلون ركوبه على الحافلات لخفة حركته وتسلله بين السيارات وأجرته الزهيدة. وتجد ربات البيوت بالأحياء الشعبية في «التوك توك» وسيلة لنقل احتياجاتهن من سوق الخضر. وتقول نادية مختار (44 سنة) «أعتمد على «التوك توك» في الذهاب إلى السوق القريبة من بيتي بمنطقة الجمالية والعودة باحتياجات البيت واحمل كل ذلك على المقعد المجاور، وأدفع للسائق جنيهين فقط وهو أجر زهيد مقارنة بما كنت سأدفعه لتاكسي». وتقول سعاد محمود (39 سنة) «لا أعرف لماذا يطاردون «التوك توك» فهو وسيلة مواصلات تخفف عنا الكثير من مشاق الحياة اليومية؟ ففي السابق كنت أستقل الأتوبيس في انتقالي إلى سوق الخضر وغيره من المحال التي أشتري منها لوازم الأسرة، واضطر للنزول بعيدا عن بيتي وأمشي مسافة طويلة حاملة مشتريات البيت لأنني أسكن حارة ضيقة يتعذر على أي وسيلة مواصلات أخرى دخولها ولكن «التوك توك» لصغر حجمه يسير بسهولة ولذا أصل بمشترياتي إلى عتبة البيت وبتكلفة زهيدة وبمجهود أقل». ويرى أحمد هاشم أن «التوك توك» وسيلة مواصلات ملائمة للمسافات القريبة وهي مريحة ويستخدمها باستمرار عندما يشتري الطعام أو الملابس لأفراد أسرته ويتعذر عليه استقلال أتوبيس أو مترو الإنفاق. مهنة بديلة يقول محمد علوان (29 سنة) إن أسرته عاونته في تدبير ثمن «التوك توك» بعدما ضاقت به السبل في الحصول على وظيفة عقب تخرجه في المعهد الفني الصناعي فسعى إلى استثمار براعته في القيادة، وامتهن قيادة «التوك توك» الذي أعانه على توفير المال الذي مكنه من التقدم لخطبة الفتاة التي أحبها. ويشير إلى أنه يواصل العمل ليل نهار لتدبير لوازم الفرح وتجهيز شقة الزوجية. ويقول وليد سعيد (20 سنة)، الذي يدرس بالجامعة المفتوحة بالقاهرة، إن «التوك توك» ملك لوالده ويعمل عليه إلى جانب شقيقة الأكبر في الأوقات التي لا يرتبط بها بمحاضرات دراسية حتى يتمكن من تدبير مصروفات الجامعة حيث تدر عليه ساعات عمله في اليوم ما بين أربعين وخمسين جنيها عبر نقل الركاب في شوارع وحواري عين شمس والمطرية والمرج بحد أدنى للأجرة جنيهان». ويقول كامل عبد الرازق (36 سنة) إنه يعمل على «التوك توك « في منطقة عزبة النخل شرق القاهرة إلى جانب وظيفته بمصلحة الكهرباء والتي لا يكفي دخلها لإعالة أسرته شهريا، مشيرا إلى أن شرطة المرور باتت تضيق عليهم الخناق في الآونة الأخيرة بدعوى مخالفة قرار محافظ القاهرة بالسير في الشوارع الرئيسية ولذا يكتفي بالسير في الشوارع الضيقة كي لا يتعرض «التوك توك» للمصادرة. ويقول أحمد شحاتة (27 سنة) إنه اشترى «التوك توك» الذي يعمل عليه حاليا بخمسة وعشرين ألف جنيه قبل عامين دفع منها خمسة آلاف فقط في البداية والباقي بالتقسيط على خمس سنوات، موضحاً انه تخرج قبل ثلاث سنوات في كلية التربية وفضل شراء «التوك توك» بعد أن باعت والدته مصوغاتها نظرا لما يدره من دخل مناسب يعينه على تحقيق طموحاته لكن ما يضايقه في هذا العمل هم رجال المرور الذين يطاردون قائدي «التوك توك».
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©