الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

استنفار أمني قياسي في تونس تحسباً لهجمات على سفارات

استنفار أمني قياسي في تونس تحسباً لهجمات على سفارات
22 سبتمبر 2012
تونس (أ ف ب) - فرضت السلطات التونسية أمس إجراءات أمنية استثنائية في العاصمة تونس وحول سفارات الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، تحسبا لتعرضها لهجمات من قبل محتجين على نشر أسبوعية “شارلي إبدو” الفرنسية رسوما مسيئة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. والجمعة الفائت قتل 4 متظاهرين وأصيب 49 آخرون فضلا عن 91 شرطيا في مواجهات بين قوات الأمن ومتشددين هاجموا السفارة والمدرسة الأميركتين، احتجاجا على عرض فيلم مسيء للاسلام أنتج في الولايات المتحدة. وحظرت وزارة الداخلية أمس توقف أو مرور السيارات في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي بوسط العاصمة والذي فيه مقر السفارة الفرنسية، وفي سبعة شوارع مؤدية إليه طوال النهار لمدة 5 ساعات. وحظرت الوزارة، في إجراء مماثل، مرور السيارات عبر طريق تونس/المرسى المؤدي إلى مقر السفارة الأميركية بمنطقة ضفاف البحيرة بشمال العاصمة. وزرعت قوات الأمن الأسلاك الشائكة حول مقر السفارة الفرنسية التي انتشر حولها عدد كبير من رجال الشرطة والجيش، وسيارات عسكرية وأمنية. كما انتشر عدد كبير من سيارات وعناصر الشرطة والجيش حول سفارات الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا. ومنذ الصباح ظلت دوريات تابعة لوحدات مكافحة الشغب تمشط العاصمة تونس، ومحيط سفارات البلدان المذكورة بالسيارات والدراجات النارية، فيما كانت تجوب مروحيات عسكرية تابعة للجيش التونسي أجواء المنطقة. وقال مراقبون إنه لم يسبق أن شهدت العاصمة تونس حالة استنفار أمني مماثلة. وفي جامع الفتح بوسط العاصمة نبه نور الدين الخادمي وزير الشؤون الدينية في خطبة الجمعة التي ألقاها إلى أن الاعتداء على السفارات والبعثات الدبلوماسية أمر “محرم شرعا” داعيا إلى التهدئة. وحاول محتجون بعد انتهاء صلاة ظهر الجمعة التوجه إلى السفارة الفرنسية انطلاقا من جامع الفتح الذي يؤمه عادة كثير من المصلين السلفيين غير أن قوات الأمن ردتهم على أعقابهم. وطاردت قوات الأمن التونسية المحتجين في محيط مسجد الفتح دون أن تسمح لهم بالاقتراب من شارع الحبيب بورقيبة. ورشق المحتجون رجال الأمن بالحجارة، ليرد الامن ببضع قذائف قليلة من الغاز المسيل للدموع. وشرعت القوات في تفريق المتظاهرين. من جانب اخر دعا راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية التي تقود الائتلاف الثلاثي الحاكم في تونس في مقابلة حصرية لوكالة فرانس برس، إلى “تشديد القبضة” الأمنية و”التصدي بالوسائل القانونية” لمجموعات محسوبة على التيار السلفي الجهادي هاجمت الجمعة الفائت مقر السفارة الأميركية في العاصمة احتجاجاً على عرض فيلم مسيء للإسلام أنتج في الولايات المتحدة. وقتل أربعة محتجين وأصيب 49 آخرون بجروح و91 شرطياً خلال مواجهات بين قوات الأمن ومتشددين دينيين هاجموا مقر السفارة الأميركية في العاصمة التونسية. وقال الغنوشي إن “هؤلاء لا يمثلون خطراً على النهضة فقط بل على الحريات العامة في البلاد وعلى أمنها لذلك ينبغي للجميع التصدي لهم بالوسائل القانونية، وتشديد القبضة والإلحاح على النظام لأنه وقع إخلاله ووقع استخدام سيء للحرية من طرف مجموعات لا تؤمن بالحرية”. وأضاف “لما تجاوزوا القانون الجمعة الماضي وأرادوا أن يهددوا صورة تونس ومصالحها وقوانينها تصدت لهم الدولة وقتلت واعتقلت منهم”. وأكد أن “تونس تعيش مرحلة من مراحل الانتقال الديمقراطي الذي هو ليس مساراً صاعداً باستمرار يصعد أحياناً وينزل أحياناً والمهم كيف نوفق بين ضرورات الحرية وضرورات النظام”، معتبراً أنه “يوم الجمعة (الفائت) تم تجاوز ضرورات الحرية”. وتوقع أن “يستفيد حراس الثورة (التي أطاحت الرئيس زين العابدين بن علي) من هذا الحدث (مهاجمة السفارة الأميركية) من أجل سد هذه الثغرة التي تسرب منها هؤلاء وأخذ الدروس المناسبة”. واستبعد تكرر أحداث مشابهة في تونس لتلك التي وقعت الجمعة الماضي. وقال “إن البوليس أخد الدرس مما حدث ولا أعتقد أن ما حدث سيتكرر”. وتابع “أن نعتقل منهم بالجملة بتهمة الانتماء (إلى التيار السلفي الجهادي) فذلك غير قانوني. هؤلاء ليسوا فوق القانون والقانون يسري عليهم كما يسري على غيرهم. لسنا في حرب مع أفكار أو تنظيمات نحن في حرب مع من يتجاوز القانون سواء كان إسلامياً أو علمانياً”. وأكد الغنوشي أن “حركة النهضة لن تحاكم الناس على أفكارهم بل على أفعالهم، ولذلك لما تجاوزوا القانون في بئر علي بن خليفة، لم تقف الحكومة تقف مكتوفة الأيدي فضربت وقتلت منهم اثنين واعتقلت آخرين ما زالوا إلى الآن معتقلين”. ويشير الغنوشي بذلك إلى مقتل شابين تونسيين من أصل ثلاثة تبادلوا إطلاق النار مع وحدات من الجيش والشرطة في الأول والثاني من فبراير قرب بلدة “بئر علي بن خليفة” من ولاية صفاقس (وسط شرق). وجرح شرطي وثلاثة جنود في المواجهات التي أعلنت وزارة الداخلية بعدها أن المسلحين الثلاثة ينتمون إلى مجموعة سلفية جهادية لها ارتباطات بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وخططت لإقامة “إمارة إسلامية” في تونس. وقال راشد الغنوشي إن المجموعات السلفية المتورطة في مهاجمة السفارة الأميركية “ليست منتوجاً نهضوياً (لحركة النهضة) بل منتوج بن علي، أعطتهم النهضة الحرية كما أعطتها لغيرهم وهؤلاء سواء في عهد حكومة النهضة أو الحكومات السابقة ارتكبوا تجاوزات للحرية”. وأشار إلى أن هذه المجموعات “استفادت من الثورة التي أطلقت سراحهم فاستفادوا من الحرية لكنهم تجاوزوا حدود القانون، ووجهوا ضربة مؤلمة للثورة وأعطوا رسالة تقول إن الثورة معناها فوضى وعنف واعتداء على الدبلوماسيين”. وحول ما اعتبره مراقبون “تراخياً” من الشرطة التونسية في اعتقال أبو عياض زعيم تيار السلفية الجهادية في تونس والمتهم بالضلوع في مهاجمة السفارة الأميركية، قال الغنوشي إن “أسامة بن لادن ظل عدة سنوات طليقاً والمخابرات الدولية تبحث عنه. ليس عجباً أن يختفي أحد (أبو عياض) والبوليس يلاحقه لكن سيظل يلاحقه حتى يقبض عليه”. وبشأن الرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها الأربعاء الصحيفة الفرنسية الأسبوعية شارلي ايبدو، قال الغنوشي “لم ندع إلى النزول إلى الشارع (للاحتجاج) لكن عبّرنا عن سخطنا على الرسومات التي تنال من معتقدات المسلمين وتحض على الكراهية والحرب”. وأضاف “نحن دعونا المسلمين إلى ألا يقع استدراجهم إلى هذا الفخ وأن يدافعوا عن قرآنهم ونبيهم بالوسائل الإيجابية وأن يكتبوا روايات ويؤلفوا أغاني وينتجوا أفلاماً وأعمالاً فنية تظهر الحضارة الإسلامية في ثوب جميل بدل الصراخ وارتكاب أعمال عنيفة، فهذا لا يخدم الإسلام بل أعداء الإسلام”. ودعا راشد الغنوشي إلى “حوار في الأمم المتحدة لإيجاد حل للاعتداء على المقدسات والتوفيق بين حرية التعبير وحرية الآخرين في عدم المس من معتقداتهم”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©