الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أشخاص حائرون بين معادلة الرضا الوظيفي وتحقيق السعادة الشخصية

أشخاص حائرون بين معادلة الرضا الوظيفي وتحقيق السعادة الشخصية
23 سبتمبر 2012
الرضا الوظيفي يرتبط بشكل كبير بالحياة الشخصية، لكنهما لا يجتمعان في أحيان كثيرة، لذلك نجد العديد من الأشخاص الحائرين بين تحقيق نسبة عالية من الرضا الوظيفي والسعادة في حياتهم الخاصة وهو ما أشارت إليه نتائج استطلاع أجراه موقع للتوظيف على أكثر من 8 آلاف شخص عبر الإنترنت، بأن%26.9 من الموظفين يرون أن عدم وجود توازن سليم بين العمل والحياة يمثل خطورة على سعادتهم وصحتهم النفسية، في حين أفادت نسبة كبيرة منهم تصل إلى%64.8 بأنها قد ترضى براتب أقل من أجل الحصول على المزيد من الوقت الخاص بعيداً عن العمل. أحمد السعداوي (أبوظبي) - تقوم أهمية هذا الاستطلاع على أن العمل يعتبر مقوماً رئيسياً لحياة الإنسان عبر العصور، ويقتطع أوقاتاً طويلة من أعمارنا ومن خلاله نكون شبكة من العلاقات الاجتماعية والتفاعلات الحياتية المستمرة تترك أثرها على كافة نواحي حياتنا، ولذلك فإن التحاق الإنسان بعمل يساعده على تحقيق التوازن في حياته لغاية كبرى يسعى الإنسان إلى تحقيقها، واللافت للنظر أن هذه النوعية من الأعمال لا يشترط أن تكون برواتب عليا، أو ذات مظهر اجتماعي برّاق بقدر ما تكون مجلبة للسعادة والصحة النفسية للعاملين بها. اختيار المناسب تقول بريهان الشوكي التي تعمل موظفة إدارية بإحدى المدارس، ولديها ثلاثة أبناء في مراحل تعليمية مختلفة، إن نوعيات الأعمال توثر بشكل مباشر في حياة كل إنسان ولذلك عليه أن يختار منها ما يتناسب مع ظروفه واحتياجاته وطموحاته، ويعلم أن لكل شيء ثمنا ومقابلا، لأن الالتحاق ببعض الأعمال والنجاح فيها يتطلب اقتطاع أوقات كبيرة من الشخص قد تبعده عن أسرته وأحبائه، فتتأثر علاقته بهم بشكل سلبي، وهو ما تلاحظه من شكوى بعض صديقاتها ممن اقترن بأصحاب مهن لا تعتمد على وقت معين ومنتظم بل حسب نظام «الشيفتات»، حيث تصبح مواعيد عمل الزوج متغيرة باستمرار فيكون بعيدا عن التفاعل مع بيته وأولاده في أوقات كثيرة، ولا يستطيع متابعة حالاتهم الدراسية ويشارك في تربيتهم بشكل منتظم. وعن نفسها، قالت الشوكي إنها سعيدة بالعمل في مدرسة، كون مواعيد دوامها تتناسب مع أوقات وجود أولادها في مدارسهم المختلفة، وعلى الرغم من قلة راتبها قياساً إلى كثير من صديقاتها، إلا أنها سعيدة بعملها كونه يساعدها على تأدية مهامها تجاه الأسرة بشكل كبير. وتستطيع أن تراقب وتتابع أبناءها في كل مراحل نموهم فتقوم بدورها كأم على أكمل وجه، ومن ذلك أنها في كل الأيام تكون جالسة في بيتها ومنتظرة زوجها بعد عودته من العمل وقد أعدت له الطعام، وغير ذلك من الواجبات المنزلية، وبالتالي لم يشعر يوماً بأن عمل زوجته ترك أثراً سلبياً على وقع حياتهم الأسرية. وفي السياق ذاته، ترى آمنة عباس وتعمل موظفة بالتسويق عبر الهاتف في إحدى الشركات التي تبيع أجهزة التنظيف المنزلي، أنها سعيدة بوجودها في عمل لا يمثل عبئاً نفسياً كبيراً عليها، كونه لا يرتبط بعدد ساعات طويلة للدوام بل تعمل دواماً جزئياً لمدة ثلاث ساعات يومياً، وعلى الرغم من أن العائد المادي من هذه الوظيفة غير كبير إلا أنها تشعر بالارتياح فيها، لأنه يحقق دخلاً معقولاً وفي ذات الوقت لا يؤثر العمل في أي من واجباتها تجاه زوجها وأولادها. كما ترى أن عدد ساعات الدوام الطويلة للزوجة، لاسيما إذا كان العمل مرهقاً، سيخلق مشاكل كثيرة بين الزوجين، ويؤثر بطبيعة الحال على علاقتهما ومن ثم على علاقتهما بالأبناء، ولذلك فإنه على طرفي العلاقة الزوجية وخاصة الزوجة التركيز في اختيار الوظيفة التي تساعدها على القيام بها بنجاح، وفي ذات الوقت عدم التأثير على واجباتها المنزلية وعلى سعادة كل أفراد العائلة. ساعات العمل أما مؤنس الحاج ويعمل محاسباً بإحدى شركات القطاع الخاص، فيقول إنه بالفعل يعاني بعض المشكلات داخل البيت كونه يعمل في دبي وزوجته تعمل في أبوظبي، ومن ثم يغيب ساعات كثيرة عن المنزل بسبب طول الطريق، وهو حالياً يبحث عن عمل داخل أبوظبي حتى لو براتب أقل، كي يستريح من الإرهاق الذي تسببه الرحلة اليومية، ويستطيع أن يكمل عمله بنجاح، وكذلك يقلل من فترات غيابه القسرية عن بيته، لأنه رأى بعنيه من قبل أحد أصدقائه كان في نفس حالته، وظل على هذا الحال حوالي عام كامل وفي نهاية المطاف لم يجد أمامه إلا الاستقالة حتى يحافظ على استقرار منزله ويقلل من حدة المشاكل، بسبب غيابه فترات طويلة عن المنزل وتركه الزوجة بمفردها في بيت الزوجية، وهو ما جعله في النهاية يخسر عمله ويعود مرة أخرى إلى بلده ليبحث عن عمل من جديد، بدلاً من أن يفقد حياته الزوجية التي كانت في بدايتها. الاستقرار عبيد محمد المزروعي موظف بجهة حكومية، يعتبر أن الاستقرار والرضا الوظيفي يلعبان دوراً رئيسياً في نجاح الحياة الزوجية وحسن تربية الأبناء. وعلى الزوجين أن يتخيرا من الأعمال ما يساعد على تحقيق هذا الرضا وبالتالي السعادة الأسرية، ولذلك فإنه عن نفسه جعل زوجته تستقيل من عملها بعد أن وجد أن وظيفتها تأخذ وقتاً طويلاً من بيتها، حيث كانت تذهب من الساعة السابعة والنصف يومياً تقريباً ولا تعود إلا قرب الرابعة عصراً، وبالطبع كانت تعود مرهقة فلا تستطيع أن تتابع واجباتها تجاه بيتها وأولادها كما ينبغي، ولذلك آثرت أن تجلس في المنزل وتتفرغ للأولاد، ولكن إذا توافرت فرصة عمل مناسبة وبعدد ساعات أقل فلن يمانع أن تعمل، وتجمع بين البيت والوظيفة، بغض النظر عن قيمة الراتب، لأن هناك فوائد أخرى تكتسبها المرأة من العمل إلى جانب المال، كأن تتعود الاعتماد على الذات وحمل المسؤولية وحسن التصرف في المواقف المختلفة في حالة غياب الزوج لسبب أو لآخر. القبول بالتضحيات تعليقاً على هذه القضية، قال سهيل المصري، نائب رئيس المبيعات في الموقع الذي أجرى الاستطلاع، في كثير من الأحيان يكون العمل على حساب حياتك الشخصية، وفي حين أن بعض الموظفين على استعداد للقيام بمثل هذه التضحيات، فإن البعض الآخر يسعى جاهداً لتحقيق التوازن بين نواحي العمل والحياة، ويمكن لهذا التوجه الجديد أن يعيد صياغة معايير قطاع التوظيف، مما يدفع أصحاب العمل للبحث عن الوسائل التي من شأنها أن تدعم التوازن الصحي بين العمل والحياة لموظفيهم، وتحد من الضغوط اليومية التي يتعرضون لها». وأضاف المصري: «الحقيقة هي أن ساعات العمل الطويلة لا تؤدي بالضرورة إلى تحسين الأداء بالمقابل، فإن الكفاءة العالية في العمل أكثر أهمية ويمكن أن تعزز بشكل كبير نوعية التوازن بين العمل والحياة، كما أنها تحفز مشاركة الموظفين. من جانب آخر، يجب على أصحاب العمل الاعتراف بوجود علاقة قوية بين الممارسات الصحية التي دعم التوازن بين العمل والحياة من جهة، وبين تحفيز الموظفين وتفانيهم من جهة أخرى.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©