الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جرائم «داعش» بحق الصحفيين

20 أكتوبر 2014 00:37
جويل سايمون المدير التنفيذي للجنة حماية الصحفيين في عام 2013 بينما كان مقاتلو تنظيم «داعش» يوسعون مناطق تواجدهم في سوريا والعراق، صدر أمر إلى المجموعات المقاتلة باعتقال أي أجنبي غير مسلم. وبسرعة أصبح الصحفيون الغربيون هم الهدف الأساسي، وعلى مدار الشهور القليلة التالية اعتقل المقاتلون عشرات الأجانب. وقد تجنب معظم المنظمات الإخبارية الدولية عن عمد تغطية عمليات الخطف. وعمليات التعتيم هذه قصد بها خلق مساحة تتحرك فيها جهود التفاوض من أجل إطلاق سراح الرهائن في أجواء من التكتم دون أي إزعاج محتمل يمكن أن ينجم عن تركيز وسائل الإعلام عليها. ولكن هذه الرقابة الطوعية تمخضت عن عواقب سلبية غير مقصودة. وفي نهاية عام 2013 عندما كان 30 صحفياً مفقوداً في سوريا لم تكن ثمة فعلياً تغطية للمشكلة، ولم يعلم الرأي العام على نطاق واسع بأن مقاتلي «داعش» يجهدون أنفسهم في البحث عن الصحفيين وعمال الإغاثة لخطفهم، ولم يكن هناك إلا القليل من الاعتراف بتفاقم خطر جماعة إرهابية تعتبر حالياً خطراً أمنياً دولياً داهماً. وقد حقق النهج الإعلامي لـ«داعش» نتائج للجماعة. ودرّت الفديات التي دفعتها الحكومات الغربية ملايين الدولارات على الجماعة، فقد بلغ ثمن افتداء رقبة الرهينة الواحدة نحو مليوني دولار. والمقاطع المصورة التي بثتها الجماعة على الإنترنت لقطع رقبة صحفيين مثل جيمس فاولي وستيفن سوتلوف دعمت هدف «داعش» الخاص ببث الرعب، ومثلت أدوات استقطاب خطيرة للجماعة. واستطاعت أن تصنع لها صورة على امتداد الكوكب من خلال براعتها في استخدام وسائل الإعلام وقدرتها على منع دخول الصحفيين المستقلين لنقل فظاعاتها. فقد فاز الإرهابيون في المعركة بين «داعش» والصحفيين على المعلومات. ومع الأخذ في الاعتبار التحديات والمخاوف الفريدة من نوعها في المنطقة، يتعين على الوكالات الإخبارية أن تعيد النظر في قيمة عمليات التعتيم الإعلامي وتعثر على وسائل خلاقة لجمع الأنباء من سوريا في الوقت الذي يحظر فيه على الصحفيين الدوليين دخول مساحات كبيرة من أراضيها، واتخاذ خطوات تضمن ألا تساعد تغطية الصحافة في تحقيق أهداف جماعة «داعش» الإرهابية ودعايتها الرخيصة. وقد ظهر التعتيم الإعلامي قبل ذلك في العراق منذ عام 2005 بينما كانت حركة التمرد تكتسب زخماً هناك في تلك الأيام. وعندما كان يجري خطف الصحفيين كانت المؤسسات الإخبارية تطلب من زميلاتها أن تهدئ التغطيات لبضعة أيام لتعرف هوية معتقلي صحفييها، وتحاول إجراء مفاوضات سريعة للإفراج عنهم. ومع وصول ظاهرة الخطف إلى أفغانستان وباكستان واليمن والصومال كثرت المطالبات بالتعتيم أيضاً وامتد أجله. وعندما اختطف الصحفي «ديفيد رود» من صحيفة «نيويورك تايمز» في أفغانستان في نوفمبر 2008 استمرت عملية التعتيم سبعة أشهر حتى هرب. وفي حالة «مايكل سكوت مور» الذي اختطف في الصومال وأفرج عنه في الآونة الأخيرة استمرت عملية التعتيم ما يقرب من ثلاث سنوات. ولكن نطاق أزمة الخطف في سوريا غير مسبوق. فقد خطف أكثر من 90 صحفياً هناك في السنوات الثلاث الماضية وكثير منهم غربيون اعتقلتهم «داعش». والافتقار النسبي للتغطية جعل من الصعب على الصحفيين المتجهين إلى سوريا تقييم المخاطر التي من المحتمل التعرض لها. وعلى رغم أن كل حالة خطف تمثل حالة خاصة، إلا أنه لا يوجد إلا القليل من الأدلة على أن عمليات التعتيم الإخباري فاعلة، وخاصة عندما يتعلق الأمر بأخذ صحفيين أميركيين وبريطانيين رهائن لدى «داعش». وهذا يرجع إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا تتبعان نهج عدم التفاوض مع الجماعات المتشددة، ولذا فلا معنى للتعتيم الذي من المفترض أن يخلق متنفساً للتفاوض. وتستطيع عمليات التغطية الصحفية الأكثر علنية لعمليات الخطف وما تستتبعه من وعي الجمهور أن تدفع الحكومات لاتخاذ خطوات أكثر حسماً. وهذا قد يتضمن العمل العسكري والسعي للعثور على حكومة أخرى يمكنها أن تقوم بدور الوسيط مع محتجزي الرهائن أو المزيد من التنسيق مع أسر الضحايا المخطوفين. وربما تؤدي مناقشة قضية الخطف إلى الضغط على مقاتلي «داعش». فعلى سبيل المثال، سعت أسرة الرهينة البريطاني الذي قتل حديثاً آلان هينينج إلى إلقاء الضوء على عمله الإنساني لصالح المسلمين في سوريا، وأسرة عامل الإغاثة الأميركي «بيتر كاسيج» الذي ظهر في أحدث مقطع مصور لـ«داعش»، أعلنت أنه كان يعتنق الإسلام وأثناء اعتقاله كان يقال له عبدالرحمن. وكي تحظى هذه الحملات بأفضل فرص للنجاح يتعين أن تبدأ قبل فترة طويلة من إصدار مقاتلي «داعش» حكماً علنياً بالإعدام، وهو الأمر الذي لا يتوقع من الجماعة الإرهابية التراجع عنه. ومن المعقول حجب بعض المعلومات التي قد تعرض الرهائن للخطر. ولكن بينما أصبح التعتيم هو المعتاد تزايدت مطالبات الحكومات من الصحفيين، والحكومة البريطانية، على سبيل المثال، دأبت على توجيه رسائل إلى المطبوعات البريطانية والأميركية تطلب منها حجب أنباء معينة. وفي تركيا، طالبت الحكومة في الآونة الأخيرة أن تحجب وسائل الإعلام المحلية تغطية خطف دبلوماسيين أتراك على يد مقاتلي «داعش» في الموصل بالعراق. وعندما اجتمع كاتب هذه السطور في الآونة الأخيرة مع رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو قارن المسؤول التركي بين وسائل الإعلام الأميركية «المسؤولة» بوسائل الإعلام التركية التي يعتقد أنها متهورة لكشفها معلومات عن الرهائن في الموصل. واقترح أنه في مثل هذه الحالات تكون على وسائل الإعلام «مسؤولية أخلاقية ألا تقول أي شيء». لكن التعتيم الإعلامي يسمح لـ«داعش» بأن تقرر وقت نشر معلومات عن الرهائن. وسواء استخدمت الجماعة القتل لتمنع تدخل الجيش الأميركي أو لاستفزازه فإن التغطية الإعلامية المكثفة والانفعالية للمقاطع المصورة قد غيرت السياسة الأميركية بما في ذلك التعهد باتخاذ قرار عسكري في المنطقة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©