الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الموبايل» في أيدي الطلبة يتنافى مع الضرورات التربوية

«الموبايل» في أيدي الطلبة يتنافى مع الضرورات التربوية
30 سبتمبر 2013 23:18
تساؤلات عديدة تطرح حول ظاهرة وجود الهواتف المحمولة «الموبايلات» في أيدى الصغار من طلاب المدارس، على الرغم من إدراجه على صدارة قائمة «الممنوعات» وبعيداً عن تأثيراتها الصحية السلبية - التي يثار الجدل حولها على نطاق واسع، إلا أن هناك كثيرين يصرون على مخالفة القوانين، ويتخلل ذلك كثيراً من السلوكات السلبية العديدة التي تدخل الأبناء في دوامة أخرى من المشكلات؛ فإلى أي حد يمكن لأجهزة المحول أن تسبب مشكلات سلوكية وتربوية وتعليمية وأخلاقية للصغار؟ كثير من الأبناء الصغار من أطفال المدارس يحملون الهواتف المحمولة لا لهدف سوى التقليد، وليس لمقتضيات الحاجة وضرورة الاستخدام أو للاستفادة المشروعة منه، خاصة خلال ساعات اليوم المدرسي، في الوقت الذي يشير فيه خبراء علم النفس إلى أن الاستجابة الدائمة لرغبات الطفل خصوصاً في اقتناء «الموبايل» تؤثر على تكوين شخصيته سلبياً، فتجعله أنانياً ومنكفئاً حول ذاته، كما أن رغبته في تقليد رفاقه ليست سمة صحية، فضلاً عن أن «الموبايل» يضيع وقت الطفل في محادثات «لا فائدة ولا هدف منها» سوى التسلية والتقليد، ومن الأفضل الاستفادة من هذا الوقت بما يفيد عقله وتنمية مواهبه. ولا يخفى على أحد ما يمكن أن، يسببه «المحمول» من تشتت لاهتمامات الطالب الدراسية، وعدم التركيز والانتباه، بما يتيحه «المحمول» من اكتساب ثقافة الانحلال وتدني القيم الأخلاقية من خلال رؤيته عبر تلقي هواتفهم صورا ومشاهد ورسائل مما يكون سبباً يدفعهم إلى الممارسات الخاطئة التي تؤثر على تكوينهم الأخلاقي. كارثة أخلاقية مسفر حسين «موظف» لم يستطع الانسياق لقناعته الذاتية، واشترى لابنه الصغير (في الصف الثالث الابتدائي) جهازاً محمولاً، وبحسب قوله: «لأن الأطفال في مثل سن ابنه يحملونه»، وأنه أمام إلحاح ولده كبقية أقرانه استجاب لطلبه ورغباته حتى لا يشعر أنه مثلهم»، ويقول: «أعلم تماماً أن الهاتف المحمول في أيدي الأطفال كارثة أخلاقية، وربما أقنعت نفسي بأنني ووالدته يمكننا متابعته جيداً خلال غيابه عن البيت من خلال المحمول، لكنني لا أستطيع تقييد استخداماته معه، فالهواتف الذكية مزودة بأنظمة حفظ الخصوصية، وعلى الرغم من ذلك نبهت ولدي إلى مثل تلك الأشياء المعيبة، وأحاول أن أطلع على محتويات هاتفه المحمول من حين لآخر، لكن من يضمن أنه يشاهد مثل تلك الأشياء المعيبة من هواتف أصدقائه؟ نحن نعيش في زمن لا يعصمنا فيه من مصائبه إلا الله وحده». كذلك تقول هالة فاضل «معلمة»: «ربما لا يمكن للأسرة أن تمنع أبناءها من استخدام المحمول بعد أن أصبح وسيلة شائعة ومنتشرة على نطاق واسع، ومن الطبيعي أن يقلد الأطفال والصبية والصغار والمراهقون بعضهم بعضاً، لذلك يجب على الأهل التعامل مع هذا الخطر بالحوار والتبصير والإيجابية بعيداً عن الشدة والعنف ولغة التهديد والزجر، حيث يجب على الوالدين شرح فوائد استخدامات الموبايل، وإيجابيات اقتنائه، وفي المقابل توضيح أضراره وسلبيات استخداماته، وتأثيراته السلبية في تشتيت انتباهه وتركيزه أثناء الدراسة، ونتركه يتخذ قرار الاستغناء عنه بنفسه أوعلى الأقل يحدد فترات استخدامه وقت الحاجة. وكي نمنع انجذاب الأبناء إلى الألعاب الموجودة في الهواتف المحمولة التي تجعلهم يقضون أوقاتاً طويلة ممسكين بها، وتجعلهم يبتعدون عن واقعهم المحيط بهم، يجب لفت انتباههم إلى ذلك، وإقناعهم أن يتم ذلك في أوقات معينة، ويفضل أن تكون من خلال الجهاز الخاص بهذه الألعاب لهم بدلا من «الموبايلات»، التي يفترض أن تكون مخصصة للاتصالات بين الناس فقط، وكنت أتمنى أن تطرح الشركات المنتجة أجهزة خاصة بالأطفال، ويقتصر عملها على الاتصال فقط». ترف لاحاجة كذلك يؤيد فيصل سعيد، هذا الرأي، ويرى أن حمل الأطفال للموبايل يؤدي إلى مشكلات اجتماعية خطيرة، خاصة إذا استخدم الموبايل بالشكل الخاطي، حيث يقوم الطفل بتصوير ما يتبدى له من لقطات قد تكون من واقع الحياة المنزلية للأسرة ويطلع على هذه اللقطات الغرباء، إضافة إلى اتصاله بأرقام عشوائية أو مقصوده أخذها من المحيطين مما يسبب الإزعاج والإحراج للآخرين، وذلك عدا عن نشر مقاطع الفيديو والصور اللاأخلاقية، والتي قد تكون فوق مستوى هؤلاء الأطفال وإدراكهم مما يفتح فيهم الغرائز بشكل مبكر، وينمي فيهم شعوراً طبيعياً واعتيادياً نحو هذه الصور التي أصبحت بالنسبة له شيئاً مألوفاً بدلاً من أن يشعر تجاهها بالخجل والرفض. ويضيف سعيد: «أعتقد أن إعطاء الموبايل للطفل هو نوع من الترف والموضة أو التقليد، مع أن الأهل يبررون هذا السلوك بأنهم يريدون الاطمئنان على الطفل في لحظات غيابه عنهم، وإذا كان الأمر كذلك فلماذا يتاح للطفل «الموبايل الذكي» المزود بكاميرات وخيارات كثيرة قد يساء استخدامها؟ نظرة الطفل إن تلبية احتياجات الطفل الأساسية أمر ضروري، لكن علينا أن نقيم الوضع حسب الأضرار والفائدة، من دون أن نستجيب عشوائياً لرغبات الطفل، مما يعودنا على الخضوع لأهوائه، ونساهم في إفساده». أما غالية حسين «معلمة وأم لثلاث طلاب»، فتقول: «إن من أكثر الأمور المسيئة أو الضارة بالطفل هو استخدام التكنولوجيا كوسيلة للعب واللهو من دون ضوابط، كما يستخدم الأطفال الموبايل ومنه يتعلمون الخداع في استعماله أو في إخفائه عن الرقابة المدرسية، لأنهم يعلمون أنه ممنوع أثناء اليوم المدرسي، والبعض يتعلل بأنه ييسر الاتصال بالأسرة، لكن في الغالب يتعلم الطفل الكذب والخداع من جراء استخداماته، وقد يكتسب ويتعلم أشياء ضارة أو غير أخلاقية، ويتعلم كيف يخفيها عن عيون والديه، وغالباً ما يستخدم الجهاز لأشياء واحتياجات ترفيهية، وليس احتياجاً أساسياً للاستخدام في الحياة اليومية، وإن نظرة الطفل للموبايل هي نظرته نفسها إلى اللعبة التي تشتريها له أمه، وبالتالي له الحق في اللعب بلعبته الخاصة كيف يشاء وهذا ينطبق على الموبايل الذي في يد الطفل». وتكمل غالية: «من أجل التقليل من سوء استعمال الأطفال للموبايل أثناء اليوم المدرسي، لا بد أن يقتنع الطفل بأن «الموبايل» يعطله عن دروسه، وإذا اضطرت الأسرة لإعطائه الموبايل وقت المدرسة، فلا داعي أن يكون مزوداً بكاميرا، وبمواصفات عالية، وأن يتم استخدام «الموبايل» كوسيلة فقط عند اللزوم وليس غاية بحد ذاتها، وعدم الاستجابة لسلوك الطفل في التقليد العشوائي للآخرين، بمجرد رؤيته لممتلكات ما بحوزتهم، وتشجيع الطفل على التفكير والمحاكاة العقلية، وتزويده بالمعززات البديلة في حال الاستجابة للتعليمات». تواصل الإدارة وأولياء الأمور عمر الناجم، الاختصاصي الاجتماعي بمدرسة المستقبل في أبوظبي، يشير إلى أن إحضار الهاتف النقال إلى المدرسة أمر ممنوع على الإطلاق، وقد أخذت حيزاً واسعاً من الجدل، غير أن هناك من يتحايل على تطبيق القرارات والتعليمات، مع العلم أن هنالك اختلافاً في التعامل مع الموضوع من مدرسة لأخرى. لكن مما لا شك فيه، أن هنالك الكثير من السلبيات الناجمة عن حمل «الموبايل» من قبل الطلاب أثناء اليوم الدراسي، من أهمها انشغال الطالب بالنقال أثناء الدرس، وتبادل الطلاب للرسائل النصيّة ومقاطع «البلوتوث» أثناء الحصة ما يربك العملية التعليمية داخل الصف، ويشوّش على المعلّم وبقية الطلبة أثناء عملية التدريس، فضلاً عن مساهمة «الموبايل» في عملية الغشّ خلال الامتحانات، وغيرها من المشكلات الأخرى. ونحن من جانبنا نتواصل مع أولياء الأمور وننسق فيما بيننا لللتعامل مع أي حالات مخالفة، ومن أجل استيعاب المشكلة إن ظهرت من بين حين وآخر». أرقام ثابتة فاطمة محمد «موظفة» تتحمس لعدم ترك «الموبايل» في أيدي الصغار في المدارس، وترى أنه يعطلهم ويشغلهم عن دروسهم، ويجعلهم أكثر عرضة للوقوع في الأخطاء والمشكلات الأخلاقية والسلوكية، وييسر ابتزازهم وسوء استغلالهم من قبل الغير، ولا سيما إن كانوا يتعاملون مع فئة الخدم والسائقين والعمال أو غيرهم، لكنها تشير إلى إمكانية استفادة الأهل من وجود هواتف في أيدي أطفالهم خلال اليوم المدرسي للاطمئنان عليهم، وتيسير متابعتهم من خلال الاعتماد على «موبايلات» خاصة بالأطفال تم تجربتها في أقطار عربية مجاورة، تحتوي على أرقام ثابتة للجهات الضرورية مثل: «بابا، ماما، الشرطة، المدرسة» ويقوم الطفل بالضغط على المفتاح المخصص لكل جهه عند الحاجة من دون الحاجة لإدخال الأرقام، وهذه الهواتف خالية من أي مميزات استخدام أخرى، ومن ثم تجنب الطفل اللهو بها أو سوء استخداماتها، كما تجنبه الانشغال واللهو بها».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©