الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فيضانات سريلانكا: فرصة للمصالحة مع «التاميل»

25 يناير 2011 20:42
أثرت الفيضانات التي ضربت سريلانكا حتى الآن على أكثر من مليون شخص، ينتمي معظمهم لأقلية "التاميل"، التي خسرت مؤخراً حرباً انفصالية استمرت عقوداً. ويمكن القول إن جهود الإغاثة والإنقاذ الحكومية يمكن إما أن تساهم في عملية المصالحة، وإما أن تعمق استياء "التاميل" العميق من مرحلة ما بعد الحرب. ويعيش أكثر من نصف السكان الذين تضرروا من الفيضانات في منطقة "باتيكالوا" التي تقع شرق البلاد، وهي منطقة تضررت كثيراً جراء الحرب والمد البحري الزلزالي، الذي ضرب المحيط الهندي عام 2004. وكان "تسونامي" 2004 قد أتاح للحكومة في كولومبو، التي كانت تخوض حرباً مع الانفصاليين التاميل وقتئذ، فرصة مماثلة لإصلاح العلاقات. لكن يبدو أن النوايا الحسنة الأولى سرعان ما تحولت إلى خصومات حول "غنائم" المساعدات الخارجية وقيود غير متساوية على إعادة تطوير الواجهة البحرية. وبينما تتواصل تطورات أحدث كارثة حلت بسريلانكا، فإن كولومبو هي الفائزة في الحرب. ولكن العديد من "التاميل" والحكومات الأجنبية ترى أن "كولومبو" لم تفز بالسلام بعد؛ وأنه إذا تم التعاطي مع كارثة الفيضانات على نحو جيد، فمن شأن ذلك أن يساعد على إصلاح عقود من الارتياب وانعدام الثقة. وفي هذا الإطار، تقول "جينفر هندمان"، الأستاذة بمركز دراسات اللاجئين بجامعة يورك الكندية: "هذا جزء من العالم الذي تضرر كثيراً... وأعتقد أن لدى الحكومة فرصة لإبهار السكان الذين تضرروا من هذه الكارثة وكذلك جزءاً كبيراً من العالم، وإثبات أنها لا تضطهد السكان التاميل". بيد أنه منذ هزيمة الانفصاليين في 2009، لم تتخذ الحكومة سوى القليل من الخطوات في اتجاه المصالحة، كما تقول "هندمان"، حيث انصب الجزء الأكبر من التركيز على إعادة بناء الطرق في مسعى لدعم إعادة الإدماج الاقتصادي والتنمية. ولكن حتى تلك الجهود قوبلت ببعض الارتياب والتشكيك حيث راجت شائعات تذهب إلى أن الهدف منها هو فتح إمكانيات التنمية السياحية في شرق البلاد أمام الأغلبية السينهالية. وعلاوة على ذلك، أثار مسؤولون حكوميون انقسامات إثنية من خلال الضغط على الطلبة الذين يتحدثون لغة التاميل لغناء النشيد الوطني باللغة السينهالية. اليوم، استأثرت الفيضانات باهتمام البلاد، وكذلك منظمات الإغاثة الدولية. وقد دفع استمرار الأمطار منظمات المساعدة الدولية إلى إصدار تحذيرات من أن الوضع قد يزداد سوءاً. وحتى الآن، لقي 27 شخصاً مصرعهم بينما تضرر أو دمر نحو 20 ألف منزل. وفي هذه الأثناء، تم إرسال الجيش السريلانكي إلى المنطقة من أجل المساهمة في عمليات الإغاثة والإنقاذ. ويقول الجيش إنه أنقذ أكثر من 450 مدنياً اعتباراً من يوم الخميس وحال دون تحطم عدد من السدود المائية. كما يقوم الجيش بتوزيع المواد الغذائية وبناء ملاجئ مؤقتة للنازحين الذين يناهز عددهم اليوم أكثر من 350 ألف شخص. وضمن هذا السياق، في كولومبو قال الرئيس "ماهيندا راجاباكسا" للصحافيين يوم الجمعة الماضي إن الحكومة لا تدخر جهداً لإنقاذ وإغاثة المتضررين، مضيفاً إن "عمليات الإغاثة متواصلة على قدم وساق وقد وجهتُ تعليمات للمسؤولين كي لا يكون ثمة أي تأخير في توزيع المساعدات". ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن راجاباكسا أيضاً قوله إنه مستعد "لاقتسام السلطة في الوسط" مع التاميل ومستعد لتحسين تعديل دستوري مطبق جزئياً حول نقل مزيد من السلطات إلى المناطق التي يعيش فيها الكثير من التاميل. وفي هذا السياق، يقول "جيهان بيريرا"، المدير التنفيذي لـ"مجلس السلام الوطني"، وهو منظمة غير حكومية في كولومبو: "إن حقيقة كون راجاباكسا يتحدث عن حل سياسي يقوم على إصلاح دستوري واقتسام السلطة أمر جيد"، مضيفاً "ولكنه منذ نهاية الحرب توقف عن الحديث حول ذلك تماماً بعد أن جاء بنظرية ترى أن التنمية الاقتصادية لوحدها كافية، وستنهي كل التظلمات الإثنية". غير أنه من غير المعروف حتى الآن التغيرات التي ستتحقق وستخرج إلى أرض الواقع، كما يقول "بيريرا"، الذي لم يشعر بتفاؤل في البداية إزاء رد "راجاباكسا" الأولي على الفيضانات، والذي كان عبارة عن زيارة لبعض المزارعين السينهاليين في الشمال، متجاهلًا مناطق التاميل في الشرق. ويرجح "بيريرا" أن يكون الدافع وراء الإعلان الذي صدر عن الرئيس هو شعوره بالعزلة من المنظمات الدولية في وقت تحولت فيه الفيضانات إلى كارثة كبرى، مشيراً إلى أن التصريحات قد تكون لديها علاقة أيضاً بالانتخابات المحلية القادمة وضغط الحكومات الغربية بخصوص محاكم جرائم الحرب. ومن جانبها، ترى الأستاذة "هندمان"، الباحثة التي ينظر كتابها المقبل "كارثة مزدوجة" في الكيفية التي أثرت بها جهود الإغاثة عقب التسونامي الآسيوي في نزاعات بسريلانكا وإندونيسيا، أن الانقسامات بين الحكومة والانفصاليين التاميل عقب التسونامي ساهمت في فشل اتفاق وقف لإطلاق النار، مضيفة أن ثمة فرصة أخرى هذه المرة لصنع السلام، و"أملي هو أن يتقدموا إلى الأمام ويبنوا أرضية للثقة". بن آرنولدي - نيودلهي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©