الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ليبيا... صراع حول هوية الدولة الجديدة

23 سبتمبر 2012
أبيجيل هوسلوهنر بنغازي قام آلاف الليبيين بمسيرة عبر بنغازي يوم الجمعة للمطالبة بحل مئات الميليشيات المسلحة التي تحكم شوارع البلاد منذ أن أنهت الثورة 42 عاماً من حكم القذافي. وبحلول الساعات الأولى من يوم السبت الماضي، كان المحتجون قد اجتاحوا أربع قواعد تابعة للميليشيات على الأقل، مما أرغم المقاتلين على الفرار بأسلحتهم. ومن بين تلك القواعد مقر ميليشيا "أنصار الشريعة" الإسلامية، التي يحمِّلها البعض مسؤولية الهجوم الذي استهدف القنصلية الأميركية الأسبوع الماضي. هجوم الحادي عشر من سبتمبر، الذي أسفر عن مقتل السفير وثلاثة أميركيين آخرين، ولد غضباً وبحثاً عن الذات بين الكثيرين من سكان بنغازي، الذين يعتقدون أن متطرفين دينيين يعملون في جو من الحكم المركزي الضعيف هم من يقفون وراء الهجوم. غير أن الحكومة في طرابلس تجد صعوبة في التعاطي مع الميليشيات، التي تتألف في الغالب من شباب شاركوا في ثورة العام الماضي. ذلك أن الجهود الحكومية الرامية إلى استيعاب وإدماج بعض الميليشيات ضمن قوة وطنية موحدة فشلت في توفير الأمن في شوارع ليبيا. وبينما حمل محتجون يلتحفون ألوان العلم الليبي - الأحمر والأسود والأخضر - لافتات كتب عليها "بنغازي تستحق أفضل من هذا" و"لا شرعية إلا للشرطة والجيش"، نظم أنصار الشريعة مظاهرتهم الخاصة بهم في "ساحة الكيش"، حيث احتشد أعضاء الميليشيا من أجل الدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في مظاهرة قال عنها المتظاهرون ضد الميليشيات إنها تمثل استفزازاً. الاحتجاجات والاحتجاجات المضادة أبرزت صراعاً أكبر قائماً في البلاد اليوم، بعد قرابة عام على تكتل ومشاركة الليبيين من مختلف الأطياف والألوان السياسية في حرب دامت ثمانية أشهر من أجل خلع القذافي. إنها معركة لتعريف ليبيا الجديدة – للإجابة عن السؤال المهم حول شكل الشعب والحكومة والثقافة الليبية بعد سقوط أغلال الديكتاتورية. وفي هذا الإطار، تقول علياء برغاثي، وهي أستاذة للغة الإنجليزية بجامعة بنغازي انضمت إلى المظاهرة المعارضة للميليشيات يوم الجمعة: "أعتقد أن الصراع الذي يشغل الناس حالياً هو صراع على الهوية... فبعد كل هذه السنوات من الإهمال والعيش في الظلام، فإنهم لا يعرفون من هم". ويشار إلى أن انهيار نظام القذافي ترك البلاد في حالة فوضى. وبعد عقود من القمع، انكبت البلاد خلال الأشهر الأخيرة على تشكيل أحزاب سياسية وانتخاب مؤتمر وطني عام. والمهمة التالية ستكون إعداد دستور جديد للبلاد. والواقع أن معارضة الميليشيات بدأت بعد فترة قصيرة على سقوط القذافي. ففي أواخر العام الماضي، طلبت الحكومة المؤقتة من الميليشيات التي من خارج طرابلس الانسحاب من شوارع العاصمة بعد أن اشتكى السكان من اجتياح شبان بالأسلحة أحياءهم. وكان استطلاع رأي أجرته مؤسسة جالوب هذا الشهر أظهر أن 95 في المئة من الليبيين يرغبون في أن يتم حل الميليشيات. ولكن مظاهرة الجمعة مثلت أكبر تعبير من قبل الجمهور حتى الآن على رفضه للميليشيات. والواقع أن ليس كل الميليشيات تمتح من التطرف. غير أن منظمات مثل "أنصار الشريعة" أثبتت أنها تمثل إضافة متفجرة لجدل خلافي أصلاً حول الدور الذي ينبغي أن يلعبه الدين في ليبيا الجديدة. وإذا كان الكثير من الليبيين، من النخب الليبرالية التي تهيمن على "المؤتمر الوطني" إلى أعضاء "الإخوان المسلمين" الأكثر محافظة، يصفون إسلامهم بالمعتدل والمتسامح، وقلة قليلة من الليبيين (ولا حتى العلمانيين المتعلمين في الغرب) يقولون إنهم يرغبون في دستور غير مستمد من القانون الإسلامي، فإن الهجوم على القنصلية الأميركية، الذي يصفه المسؤولون الأميركيـون الآن بأنه هجوم إرهابي، أبرز أن ليس جميع الليبيين متفقون على ما يعنيه القانون الإسلامي في الواقع. وفي هذا السياق، يقول رمضان الدارسي: "مما لا شك فيه أنه يوجد في مجتمعاتنا مسلمون ليبراليون يقولون: "أنا مسلم وأعتقد أن الإسلام مكانه المسجد فقط". وهناك مجموعات متطرفة تقول إنها جاهزة أيضاً للمعركة حول شكل ونوع الدولة التي يريدون رؤيتها. ولكن وسائل ذلك الكفاح هي التي تثير قلق المعتدلين. والواقع أن الكثيرين يرون أن المتطرفين الدينيين يمثلون أقلية، ولكنها أقلية مهدِّدة على نحو متزايد في غياب قوة أمنية حكومية قوية. ولهذا، قال الكثيرون إنهم قدموا مظاهرتهم المعارضة للميليشيات يوم الجمعة باعتبارها مظاهرة من أجل حكم القانون وإنهاء حق مجموعات مستقلة مثل "أنصار الشريعة" في حمل السلاح. وقال الدارسي: "لقد خلق نظام القذافي مصنعاً للتطرف. فالشباب اليوم لديه حرية مطلقة، ولديه أسلحة. ولديه أيضاً الأفكار الخطأ. وكل هذه العناصر ستخلق شيئاً سلبياً بدون شك". أما برغاثي، الأستاذة، فترى أن التحدي يكمن في تقوية جيــش وشــرطة وطـنيين، إلى جانب توفير الفرص للشباب إذ تقول: "إن هذا عالم عصر العولمة، ولا يمكن أن نعود إلى الوضع السابق... علينا أن نقوم بالكثير بخصوص التعليم والتنوير. فعلينا ألا ننسى أن أول كلمة في القرآن الكريم هي "اقرأ". ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©