السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

"قطار" المربيات يدهس دور الأم في حياة الأطفال

"قطار" المربيات يدهس دور الأم في حياة الأطفال
6 أكتوبر 2011 17:16
فوجئت أمل "أم مصرية" بمرض ابنها عند ذهابها للطبيب، الذي لم يتجاوز الرابعة من عمره، حيث فاجأها الطبيب بأن ابنها يعاني من انتكاسة نفسية أثرت على صحته سلباً، والسبب كانت تعرفه أمل جيداً فقد تركت المربية المنزل منذ أسبوع. هذه القصة ليست استثناء في كثير من البيوت العربية بل القاعدة، فالأم البديلة أو "المربية" اخذت المكان الشاغر في حياة الأبناء بغياب الأم عن تفاصيل الحياة اليومية لأطفالها.. ولعل وضع السؤال الخطأ بشأن العلاقة بين العمل والأمومة يقود لإجابات خاطئة.. فالسؤال بالطريقة الصحيحة هو: هل أصبحت الأمهات تلجأ للمربيات من أجل المساعدة في تربية الأطفال أم تحول الأمر إلى إيجاد بديل من أجل تجنب تحمل المسؤولية؟ تشير أم أسماء، موظفة إماراتية وأم لأربعة أطفال، إلى أن وجود الخادمة فى حياتها هو أمر ضروري لحاجتها لمن يرعى أطفالها أثناء غيابها في العمل، فهناك ثلاثة من أطفالها في مراحل الدراسة المختلفة، فضلاً عن طفلة عمرها ثلاث سنوات، وجميعهم يحتاج لرعاية أثناء غيابها في العمل. وتؤكد أم أسماء أنها قامات بتغيير أكثر من 6 خادمات خلال عامين حتى تستقر على خادمة تأتمنها على أطفالها خلال فترة عملها، أما بعد عودتها من العمل فإن مسؤولية الخادمة تقتصر على تجهيز الطعام وتنظيف المنزل، أما بالنسبة لرعاية الاطفال فإنها تنتقل إليها بالكامل فترة وجودها في المنزل. وتعترف أم أمل أن وجود الخادمة أصبح ضرورياً بسبب ظروف العمل وحاجة الاطفال إلى الرعاية، ولكن دورها يتحدد حسب ما تراه الأم مناسباً لها ولأسرتها. وتتفق معها لارا، سكرتيرة مصرية بشركة خاصة وأم لطفلين 5 و7 سنوات، وتقول إنها مضطرة لوجود الخادمة بالمنزل لرعاية الأطفال، حيث أنه لايوجد أحد معها في المنزل من افراد أسرتها لمساعدتها في رعاية أطفالها مثل والدتها أو والدة زوجها. وتوضح أنها راعت عند اختيار الخادمة أن تكون بشوشة الوجه وحنونة على الأطفال عبر تجربتها لأكثر من شهر. وترى لارا أن وجود الخادمة في حالة أن تكون الأم عاملة أصبح ضرورة، لكن هناك أسر لازالت تتعامل مع مربية الأطفال بمنطق الوجاهة الاجتماعية وتتباهى كل منها بعدد مربيات الأطفال اللاتي يعملن لديها. ناهد ربة منزل أردنية وأم لأربعة اطفال، ترى أن وجود الخادمة بشكل دائم داخل المنزل يجعلها أم بديلة في عيون الأبناء دون أن يدركوا ذلك، فهناك عشرات الأطفال من أبناء صديقاتها يفضلون التعامل مع المربية أكثر من الأم التي يصبح دورها هامشياً، على حد قولها. وتضيف أن هذا الأمر جعلها تتخلى عن عملها كمدرسة منذ انجاب طفلها الأول، قبل 13 عاماً، مفضلة تربية الأبناء بنفسها عن وجود خادمة تقاسمها حب أطفالها. ولدى فداء، موظفة إمارتية باحد البنوك، خادمتين لمساعدتها في العناية بطفليها لأن ظروف العمل تحتم عليها ترك اطفالها لساعات طويلة تتولى خلالها الخادمتين رعاية طفليها. وتشير إلى أنها فضلت اجتلاب خادمتين لكى يتوافر لكل طفل عناية كبيرة وليس من قبيل الوجاهة الاجتماعية. وترى أن وجود الخادمة قد اصبح ضرورة، وهو ليس عيباً من وجهة نظرها طالما أن الأم لاتتخلى عن دورها الأساسي فى رعاية أبنائها. وتضيف أن المهم هو اختيار الخادمة بعناية ومراقبتها بشكل كبير، خاصة في البداية لكي تتعرف الام على مميزاتها وعيوبها. وتشير د. نوارة مسعد، أخصائي علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، إلى أن سيطرة الخادمات أو مربيات الاطفال على الكثير من البيوت العربية يرجع للعديد من الأسباب حيث يستقدم البعض المربيات كسيلة للتفاخر والتباهي ودليل على ارتفاع المستوى الاجتماعي ثم تحولت إلى ما يشبه الغزو وباتت ضرورة من ضروريات الحياة دون النظر إلى سلبياتها. وتوضح د. نوارة أن هناك انعكاسات اجتماعية على الأسرة العربية طرأت عليها بسبب ظاهرة الخادمة التي تتولى رعاية الاطفال منها أن هناك آلاف الأطفال يقضون وقت مع المربية أضعاف ما يقدونه مع أمهاتهم، الأمر الذي ينعكس على نفسية الأطفال وتتحول المربية إلى ام بديلة فهي أمام الطفل هي مصدر العناية والرعاية والحنان، في حين أن الأم غائبة في معظم الوقت وتحولت إلى ضيف في حياة أبنائها. وفي نفس الوقت قد تكون الخادمة شخصية سيئة وسلوكها منفر وهو ما ينعكس أيضاً على الأطفال، الذين تمثل المربية بالنسبة لهم قدوة، وهنا، بحسب د. نوارة، يبدأ الانفصال بين الأسرة وأبنائها شيئاً فشيئاً، إلى أن يتحول المنزل إلى جزر منعزلة. وتؤكد د. نوارة أنه كان في السابق هناك تفريق بين الخادمة التي تتولى فقط شؤون المنزل من تنظيف وطبخ، في حين أن المربية كانت مسؤليتها فقط رعاية الأطفال والاهتمام بهم، لكن الأمر تحول الأن على حد قولها إلى "اثنين في واحد" خادمة ومربية وهو ما يسحب الكثير من رصيد تنشئة الطفل الذي من المفترض أن تهتم به المربية. وعلى هذا الاساس تكون معظم الخادمات غير مؤهلات تربوياً، كما أن أغلبهم وبخاصة في بلدان الخليج لا يتحدثون العربية ومن ثم فإن الطفل عادة ما يتحدث لغة الخادمة. وترى نوارة أنه إذا كان ايقاع الحياة السريع قد خلف وراء الكثير من المشكلات مثل انشغال الأم وحاجتها الماسة إلى وجود خادمة ترعى الأطفال، فإنه يجب اختيارها بعناية شديدة ومتابعتها ومراقبتها في كل تصرفاتها، كما يجب تعويض الأطفال عند عودة الأم من العمل وتتولى بنفسها رعاية أطفالها والحديث معهم حتى لاتتحول الأم إلى ضيف شرف في حياة أطفالها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©