الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محمود المليجي.. «أبوسويلم» حارس الأرض النبيل

محمود المليجي.. «أبوسويلم» حارس الأرض النبيل
20 أكتوبر 2014 22:10
سعيد ياسين (القاهرة) كان يبدو على الشاشة وكأنه يحتفظ في جيبه دائماً بمفاتيح الجحيم، تنطلق من عينه ومضات قاتله، أعصابه بارده لا تهتز أمام دموع امرأة أو توسلات طفل بريء. وهكذا بدا محمود المليجي على الشاشة، شراً متحركاً، آلة حديدية لا تتوقف عن الإيذاء، لكن الغريب فعلاً أن الناس الذين كرهوا الشر من صميم قلوبهم، تعلقوا بإمبراطوره وارتبطوا به، وتوجوه ملكاً على عرش الفن. وجهان لعملة واحدة وكان المليجي الذي وصف بأنه هو والشر وجهان لعملة واحدة، عاشقاً للفن يتقمص الشخصية بشكل يفوق الوصف لدرجة أنه في كل مرة ينسينا اسمه الحقيقي، ولا ترى منه غير ذلك الشرير الذي يظهر في أفلامه. الغريب، أنه استطاع أن يؤثر فينا عندما خلع ثوب الشرير وارتدى ثوب الطيب في أفلام يوسف شاهين، وجعلنا نتعاطف معه عندما قدم دور محمد أبوسويلم في فيلم «الأرض»، من خلال شخصية الفلاح المصري «محمد أبوسويلم» الذي لا يقبل أن يفرط في أرضه ويحمل على كتفيه حكمة السنين، وهو الدور الذي جعل النقاد العالميين يصفونه بـ«زوربا» المصري ويشبهونه بالفنان أنتوني كوين. محمود المليجي الذي اشتهر بقدرته على التقليد، وهو طالب صغير كان يعتقد أن هذه الموهبة كفيلة بأن تجعل منه ممثلاً ناجحاً، وفي أحد الأيام، علم أن موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، كٌلف بالإشراف على كورال المدرسة، فشعر بأن فرصته اقتربت، فغنى أمام عبدالوهاب الذي لم يبدِ ارتياحاً وطلب منه الخروج ونصحه بممارسة مهنة أخرى، وظل يحاول ودخل في تجارب فنية عدة حتى منحته كوكب الشرق أم كلثوم فرصة العمر عندما مثل أمامها دوراً صغيراً في فيلم «وداد» الذي كان بداية انطلاقه نحو النجومية. «شرير السينما» تقمص بمهارة شخصيات عديدة، منها اللص والمجرم والقوي والعاشق ورجل البوليس والباشا والكهل والفلاح والطبيب والمحامي. ولأن المدرسة الخديوية الثانوية كانت تشجع علي التمثيل، التحق المليجي بها، وانضم لفريق التمثيل فيها، وأتيحت له الفرصة ليتتلمذ على أيدي فنانين كبار استعان بهم مدير المدرسة ليدربوا الفريق، منهم جورج أبيض وعزيز عيد. وانضم في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي، من دون علم والده لفرقة فاطمة رشدي، وجسد أدواراً صغيرة في مسرحياتها بمرتب قدره 4 جنيهات شهرياً، وبمرور الوقت زادت مساحة أدواره، وحين علم والده بالأمر طرده من البيت، وكان يبلغ 21 عاماً، فتحمل كل الصعوبات بسبب حبه للفن، واستأجر غرفة فوق سطح عمارة في شارع عماد الدين، معقل الفن وقتها. وفي عام 1932 رشحته فاطمة رشدي ليشارك في فيلم من بطولتها وإنتاجها عنوانه «الزواج»، ولكن الفيلم فشل تماماً، الأمر الذي دفعه لترك الفرقة، والانضمام إلى العمل مع يوسف وهبي في فرقة رمسيس الشهيرة، وآمن وهبي بموهبته، وأسند إليه أدواراً مهمة في أفلامه ومسرحياته كانت بداية انطلاقته الكبرى. أعمال متميزة شارك المليجي الذي تزوج عام 1939 من نجمة المسرح علوية جميل في أفلام عديدة، منها «رصيف نمرة 5» و«سوق السلاح» و«الأرض» و«العصفور» و«إسكندرية ليه» و«حدوتة مصرية» و«الحب الضائع» و«غرام وانتقام» و«حكاية حب» و«يوم من عمري» مع عبد الحليم حافظ. واستمرت رحلة عطائه لأكثر من نصف قرن قدَّم خلالها أكثر من 750 عملاً فنياً، كما قدم للمسرح أكثر من 30 مسرحية ناجحة منها «يوليوس قيصر»، و«علي بك الكبير»، كما شارك في بطولة عدد من المسلسلات منها «عمرو بن العاص»، و«وقال البحر» و«الأيام». جوائز وأوسمة حصل خلال مشواره على العديد من الجوائز والأوسمة والتكريمات، وكان أول فنان مصري يتم اختياره عضواً بمجلس الشورى تقديراً لفنه ومكانته، كما حصل على جائزة الدولة التقديرية في الفنون، وهي من أرفع الجوائز المصرية، وتوفي المليجي المولود في 22 ديسمبر عام 1910 في حي المغربلين في القاهرة، في 6 يونيو 1983 عن 73 عاماً، محققاً أمنيته بأن يموت وهو في الاستوديو، حيث توفى جالساً أثناء تحضيره لتصوير مشهد مع عمر الشريف في فيلم «أيوب».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©