الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هدى مصطفى: سبقتُ «هاري بوتر»

هدى مصطفى: سبقتُ «هاري بوتر»
6 أكتوبر 2011 17:08
فاز كتاب “الأساطير الذهبية” بجزأيْهِ الأول والثاني لكاتبة الأطفال المصرية هدى مصطفى بجائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، في مجال أفضل كتاب مؤلف للطفل العربي. والكتاب الفائز صادر عن الدار المصرية اللبنانية، ورسوم عبد العال، عبارة عن سلسلة قصصية للنشء والشباب في قالب روائي يجمع في تفاصيله، بين الحقيقة والخيال مستهدفًا متعة القراءة بصفة أساسية، وتحويلها إلى سلوك يومي حياتي يكتسبه النشء في سبيل تزويده بالمعارف والثقافات المتنوعة، برغم استناده على الأسطورة والخيال كشرطين لازمين للمتعة.. المؤلفة هدى مصطفى حصدت من قبل أكثر من جائزة ولها 10 مؤلفات للأطفال، وفي هذا الحوار معها نتعرف على جانب مهم من عالم الكتابة للأطفال. ? ما هي ظروف تأليفك للكتاب الفائز، أقصد كتاب “الأساطير الذهبية”؟ ? جاءت فكرة كتابة سلسلة “الأساطير الذهبية” لأنني شعرت برغبة في تقديم كتاب للطفل مستلهم من التراث العربي، ولكن في شكل جديد وجذاب وفي الحقيقة، أنا أعشق هذا النوع من الكتابة والذي تصب فيه القصة في بوتقة الحدوتة الأقرب إلى حواديت الجدات، وكانت لي أيضا تجربة منذ وقت طويل في الكتابة التي تميل للخيال الأسطوري في سلسلة “حكايات ونوادر غوث الساحر” والتي يمثل بطلها شخصية خرافية لساحر يسخر علمه وسحره من أجل الخير في قالب شيق خيالي مفعم بالمغامرة والإثارة، وقد سمعت في ذلك الوقت أصوات تنتقد هذا الأسلوب من الكتابة وأنه لم يعد مطلوبا وأننا يجب أن نكتفي بالكتابة العلمية كما يفعل الغرب، ومن العجيب أنه بعد إصداري لتلك السلسلة ظهرت في الأسواق روايات “هاري بوتر” وأحرزت ما أحرزته من نجاح في الأسواق العالمية على الرغم من أنها تحاكي نفس الأسلوب والذي يثبت نجاحه هو هذا الكم الهائل من النجاح الذي أحرزته تلك السلسلة. والذي سيدهشك أن هذا الأسلوب يلقى قبولا لدى الناشئة والأطفال إذ أن المعلومة العلمية المحضة أصبح الطفل قادراً على الحصول عليها من خلال الانترنت، أما القصة الأدبية التي تأخذه إلى عالم الخيال الذي يطلق العنان لمخيلته الابداعية، فهو لن يحرزه إلا من خلال القصة الأدبية ولا مانع من أن نمرر من خلالها بعض المعلومات تاريخية أو علمية أو ما نشاء من الأفكار. ? ما الرسائل التي تحملها كتابتك للأطفال؟ ? أهم رسالة تعنيني وأهتم بتوصيلها هي المبادئ والقيم السامية التي تحث عليها جميع الأديان: الحق، الخير، العدل، الإيثار.. وغيرها. إذ أن العلم يأتي في أي مرحلة من العمر، وكذلك كل أنواع المعارف يمكن تأجيلها إلا القيم والمبادئ، فهي التي تتشكل فى مراحل مبكرة من العمر لتظل توجه الإنسان في شتى مراحل حياته وتؤثر على اختياراته وعلى كل من حوله، وبالتالي على المجتمع بأسره. ? كيف ترين الاهتمام بكتابة الطفل مصريا وعربيا؟ ? هناك اهتمام واضح في الفترة الأخيرة بالكتابة للطفل سواء على المستوى المحلى أو العربي، وذلك لإدراك مدى أهمية الكتابة للطفل لعمق تأثيرها في وجدان مرحلة مؤثرة في عمر الانسان وهي الطفولة، ونرى ذلك من خلال تخصيص الجوائز والمعارض القاصرة على الإصدارات الموجهة للأطفال، وكذلك الاهتمام بشكل الكتاب المطبوع للطفل بل وتحديد المرحلة العمرية المستهدفة منه. ? وبماذا تقيمين كتاب الطفل في مصر سواء على مستوى المادة/ التأليف والرسوم الفنية والطباعة؟ ? لا نستطيع أن نتجاهل الدور القيم الذي تقدمه بعض دور النشر في إنتاج كتاب للطفل في مصر على أعلى مستوى سواء المادة الأدبية أو الرسوم أو مستوى الطباعة، وتأتي على رأسها الدار المصرية اللبنانية التي يقدم من خلالها محمد رشاد نموذجا مشرفا للكتاب المصري المقدم للطفل يستطيع أن ينافس بجدارة في المسابقات الدولية والمعارض في شتى أنحاء العالم، ولكننا نريد المزيد من دور النشر المتحمسة لكتاب الطفل الناجح بمقوماته الأساسية وهي: المادة، الرسوم، الإخراج، والطباعة. ? نود التعرف على البدايات الأولى لك مع الكتابة للأطفال والظروف التي أحاطت بنشأتك وجعلتك تتجهين للكتابة للأطفال؟ ? لا أستطيع أن أنكر أن نشأتي في بيئة تقدس القراءة وتحترم قيمة الكتاب كان لها أثر في تكويني، فقد قرأت في مكتبة جدي لأمي الواسعة كماً هائلاً من الكتب في مختلف المجالات، كما أنه كان يحثني دائماً على الاستزادة من القراءة، وكذلك أمي والتي لاحظت منذ صغري حبي للكتابة وتميز أسلوبي، فكانت تشجعني على الكتابة حتى أنها أعطتني ثقة فيما أكتبه لدرجة أني اشتركت في مسابقة للمحترفين وكنت حينها في المرحلة الاعدادية والذي حدث وقتئذ أن هيئة التحكيم منحتني جائزة، خاصة لأنني كنت أصغر المتقدمين للمسابقة، ورغم ذلك كان لدى أسلوب متميز وملفت. مما شجعني على الاستمرار في الكتابة حتى أصدرت أول كتاب لي في سن العشرين، والذي كان مجموعة قصصية حصلت إحدى قصصها على جائزة القصة القصيرة في نفس العام، وكذلك كتبت في مجال الرواية وحصلت فيه على جائزة ولازالت لي كتابات في مجال القصة القصيرة. ولكن في مرحلة متقدمة التفت بانبهار لأدب الأطفال، والذي شعرت أنني وجدت فيه نفسي بشدة وخاصة أن أغلب كتاباتي موجهة للسن الأكبر من الأطفال، وهو ما نطلق عليه الناشئة وهي السن التي يتشكل فيها وجدان الطفل وتتكون فيه القيم والمبادئ التي تلازمه العمر كله، فشعرت أن الكتابة للطفل رسالة سامية جديرة بأن يكرس الكاتب لها أعماله بل عمره كله، وهكذا أكاد أقول إنني تخصصت في أدب الأطفال لهذه القناعة. ? في ضوء ذلك هل لك أن تطلعينا على المراحل التي قطعتها تجربتك مع الكتابة للأطفال منذ أن بدأت وحتى الآن؟ وماذا أنجزت في كل مرحلة؟ ? بدأت رحلتي مع الكتابة بداية أعتبرها موفقة إذ أنني في أول عمل قدمته للأطفال حصلت على جائزة وتم نشره بالهيئة المصرية العامة الكتاب، ثم كتبت بعد ذلك قصة أعتبرها من أقيم ما أنتجت وهي من إصدارات دار المعارف، وتم ترشيحها لجائزة الدولة التشجيعية وهي رواية “الأرض الغامضة”. وهي قصة تتناول مرحلة من تاريخ مصر في سياق وطني يشتمل على الأحداث التاريخية ممزوجة بمغامرة شيقة، وأظن أن هذه الرواية تلخص وجهة نظري في أدب الأطفال، وهي كيفية توصيل المعلومة علمية كانت أو تاريخية، وكذلك القيم والمبادئ ومفاهيم الانتماء والوطنية ولكن في قالب شيق حتى يجذب الطفل لتوصيل ذلك كله بطريقة غير مباشرة. وفي الحقيقة أنا لا يمكن أن أنكر دور زوجي، والذي كان دائما القارئ الاول والناقد الصادق لأعمالي. كما أن أبنائي منذ طفولتهم كانوا مقياسي أثناء كتابة أعمالي، ودائما كانوا أول متلقي فأسمع منهم نقدا صادقا كثيرا ما لفت نظري للنقاط التي يجب التركيز عليها والأخرى الواجب تفاديها، إذ أن رأيهم كأطفال كان صادقا وتلقائيا، والآن وبعد أن أصبح لهم رأيهم الناضج المستقل، وأنهوا دراستهم الجامعية، فلازلت أستمع لرأيهم وبخاصة ان لديهم الحس الادبي والموهبة ولابنتي التوأمتين “بشوش” و”يارا” تجارب أدبية ناجحة باللغتين العربية والانجليزية نظرا لطبيعة دراستهما، إذ أنهما خريجتا كلية الألسن قسم انجليزي. أما ابني “محمد” فلا زال في مرحلة التعليم الابتدائي، وبالتالي لازلت أستفيد من رأيه كطفل. أما ابنتي “شروق” والتي تدرس إدارة الأعمال فلها دور لا يمكنني الاستغناء عنه في نقد أعمالي، وكذلك ترتيب أوراقي وأعدادها وأعتبرها أفضل وأجمل مديرة أعمال. ? بعد ثورة 25 يناير مصر بحاجة إلى جيل واع مستنير.. بماذا يمكن أن تنصحين كتابنا من الكبار والشباب؟ ? الظروف التي تمر بها مصر ظروف غير مسبوقة على الأقل في التاريخ المعاصر، وبالطبع فإن ذلك من حسن حظ الأجيال الناشئة، ولكنه في الوقت نفسه يلقي على عاتقنا بمسؤولية كبيرة، وهي الانتباه لما يجذب الطفل لنقدمه له، ومن ثم نقدم من خلاله الأفكار الملائمة للمرحلة التي نمر بها، ولما نريده منه في المستقبل. أنا مؤمنة ان الطفل من حقه أن يحلق في عالم الخيال والأساطير ولكن دون أن يفصله ذلك عن واقعه، بل إنه يجب أن يظل واعياً لدوره القادم تجاه وطنه ومجتمعه، وهذا هو دور كاتب الطفل في مصر في المرحلة الحالية، الطفل يرى نشرات الاخبار ويعلم بكل ما يدور من حوله، وهو ذكي وقادر على تمييز العمل الجيد، وهو ما يجب على الكاتب الانتباه إليه، وهذا يعود بنا لقيمة الرسالة التي يهدف الكاتب أن يوصلها للطفل من خلال أعماله، وإذا كانت ما عانت منه مصر كان بسبب غياب القيم والمبادئ التي لو كانت مترسخة في نفوس الكثيرين لما شاهدنا هذا الكم من الانهيار الأخلاقي والبعد عن جادة الصواب، فإن المرحلة القادمة يجب أن تحمل الكثير من المبادئ والقيم التي نخشى من اندثارها في مجتمعنا، وإذا كانت الأم والأسرة تربي الطفل وتهذبه، فإن الكتاب الناجح يجب أن يكون مكملا لهذا البناء حتى نصل معاً لغد أفضل للأجيال القادمة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©