الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ثقافة الأزمات في «غرفة الإنعاش».. والجمهور يلتقط الصور !

ثقافة الأزمات في «غرفة الإنعاش».. والجمهور يلتقط الصور !
24 سبتمبر 2012
«أستر يا رب، حد اتصل بالنجدة؟، اعطني فرصة التقط صورة»، عبارات يقولها الكثير من الناس لدى رؤيته لحادث أو حريق أو أي من أنواع المشكلات الطارئة التي قد تحدث في أي مكان، في إطار الإسهام في مواجهة الكارثة أو التقليل من آثارها، دون دراية منهم أن في ذلك جهلا بأبسط القواعد الواجب اتباعها في أوقات الكوارث، ومنها عدم التجمع حول موقع الحادثة ما يعيق عمل رجال الإسعاف والطوارئ، أو الحرص على التقاط صور بالهواتف النقالة لوقائع الحادثة (أبوظبي) - مع تنوع هذه الكوارث التي يمكن أن يتعرض لها أي شخص كأن يصاب أحد المحيطين به بأزمة قلبية مفاجئة أو حدوث حريق بسيط في منزله، وحتي إصابة أحد الأجهزة الكهربائية المنزلية كالمكيفات أو السخانات بالخلل، ما ينذر بحدوث مشكلة كبرى تنتج عن هذا العطب المفاجئ. تزداد الحاجة لوجود قدر من الوعي بكيفية التصرف إزاء كل هذه الأزمات الطارئة حتى نخرج من الموقف سالمين وبأقل قدر من الخسائر حال حدوث أي مكروه لا قدر الله. المواقف الطارئة وفي هذا السياق دشنت الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، موقعها الإلكتروني الجديد مؤخراً http://www.cemc.ae/Home_ar.aspx، كما أصدرت الهيئة العدد الأول من مجلة طوارئ وأزمات، بغرض تحقيق مزيد من التفاعل والتواصل المباشر مع الجمهور لتكريس ثقافة ادارة الازمات والتعرف على كيفية التصرف السليم في المواقف الطارئة على اختلافها. وعن الإدراك بثقافة إدارة الأزمة وكيفية التعاطي مع الحوادث والأزمات الطارئة التي قد يتعرض لها الفرد قالت أبرار محمود وتعمل بقسم العلاقات العامة في إحدى الشركات، إنها تعرضت بالفعل لحادثة مروعة بسيارتها أثناء عودتها من العمل داخل مدينة أبوظبي إلى مسكنها في منطقة بين الجسرين، ولولا ستر الله، لتركت هذه الحادثة أثارا صحية سيئة عليها، غير أنها لم تصب إلا ببعض الرضوض البسيطة التي زالت آلامها وأثرها بعد عدة أيام، على الرغم من شدة الارتطام الذي نتج عنه تهشم شبه كامل للسيارة إلى حد أنها لم تعد صالحة للسير مرة أخرى، وهذه النجاة هي من أفضل ما حدث لها طيلة حياتها، لأن شقيقتها “التي تسكن بالقرب من موقع الحادثة” عندما علمت بالحادثة وذهبت إلى موقعها ورأت ما حدث للسيارة ثم إلى المستشفى لم تكن تتوقع أن أخرج سالمة. تجمع المارة وتورد أبرار بعضا من السلوكيات المحمودة والأخرى غير المحمودة التي لم تفارق مخيلتها منذ ذلك اليوم، المحمودة تمثلت في أن البعض ممن تجمع حول الحادثة أخذ يحوقل ويدعو الله بالستر بينما أخذ البعض الآخر في التقاط صور للسيارة المهشمة، وشعرت وكأنهم غير مبالين بما حدث لها، ولم يتوقف هذا السلوك إلا بعد وصول النجدة وطلبت من المتجمعين الانصراف حتى يستطيعوا أن يتموا عملهم بنجاح، وهو ما تم بالفعل وأثبتوا قدرتهم على العمل باحترافية وسط هذه الأجواء وتمكنوا من إخراجها بسهولة من بين حطام السيارة، وتذكر ابرار أن الشيء الوحيد الباقي من تلك الحادثة هو قرارها النهائي بعدم قيادة السيارة مرة أخرى في حياتها وتعتمد على ركوب التاكسيات ووسائل النقل العامة. وعن حسن التصرف في تلك المواقف توضح أميرة الرشيد وتعمل محاسبة في إحدى البنوك، أن ثقافة التصرف في الأزمات والمواقف الحرجة يفتقدها الكثيرون، ولذلك يجب العمل على غرسها لدى العامة، لأن كل إنسان معرض لموقف طارئ يصيبه أو يصيب أحد المقربين منه، ولذا عليه أن يحسن التصرف وإلا تسبب في ضرر لنفسه ولمن حوله. ومن الحوادث التي لا تنساها الرشيد في هذا السياق، تقول اميرة: إنها كانت تقطن في إحدى البنايات الضخمة التي تضم عددا كبيرا من العائلات والسكان، وكان جرس إنذار الحرائق يعمل باستمرار بشكل يومي لتجربته ولا تعرف السبب الحقيقي لذلك، لدرجة أنها اعتادت عليه، وفي أحد الأيام استمر هذا الجرس في العمل لمدة عشرين دقيقة متواصلة، ما جعلها تقلق وتذهب لاستطلاع الأمر ولدى مرورها بجوارها من نافذة شقتها فوجئت بأعداد كبيرة من الناس متجمهرين تحت البناية وأعداد من سيارات المطافئ والإسعاف، وحين اقتربت من النافذة وهي في حالة هلع شديد فوجئت بنار رهيبة تخرج من شرفة إحدى الشقق، فما كان منها إلا أن ارتدت ملابسها على عجل والتقطت جواز السفر الخاص بها، وهرولت مسرعة على السلالم لتخرج من البناية سالمة وتراقب عمل رجال الدفاع المدني الذين قضوا على الحريق الذي سببه انفجار أحد المكيفات بالشقة المنكوبة. درس عملي وتلفت الرشيد إلى أن تلك الحادثة كانت بمثابة درس عملي لها على كيفية التصرف في حالات الطوارئ، فأصبحت تحرص بعد ذلك على استشراف الأمر كلما سمعت جرس الإنذار، كما أنها صارت تحرص على إسدال الصلاة “زي نسائي مخصص للصلاة” في مكان قريب من باب الشقة ليكون سهلاً في ارتدائه، حتى لا تخرج إلى الشارع بمظهر غير لائق كما حدث لبعض النساء اللواتي أسرعن بالخروج من البناية مخافة حدوث أي مكروه لهم نتيجة الحريق المشتعل بها. أما صلاح الدويلبي مسؤول علاقات عامة بإحدى شركات القطاع الخاص، فيدعو إلى وجود حملات توعوية موجهة لجميع شرائح المجتمع لتعريفهم بكيفية التصرف إزاء المواقف الطارئة المختلفة التي قد يتعرضون لها. لأن الإلمام بالقواعد البسيطة لحسن التعامل مع هذه المواقف، بالتأكيد ستقلل كثيراً من أي آثار ونتائج تسفر عن هذه الحادثة أو تلك. أهمية التنشئة لفت الدكتور أحمد العموش عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الشارقة إلى أن المجتمعات الغربية لديها استعداد عال للتعامل مع الأزمات لكونهم تداركوا هذا الأمر واهتموا به خلال عمليات التربية والتنشئة سواء في المدرسة أو البيت، بينما في مجتمعاتنا العربية فإن الأزمة في كثير من الأحوال ترتبط بحدوث صدمات مفاجئة لكل من يعاني أزمة بما تحمله هذه الصدمات من كوارث وآثار قد تلازم الفرد وتلقي بظلالها على المجتمع. ولتعميق مفهوم إدارة الأزمة يدعو العموش إلى ضرورة مشاهدة خبرات وأزمات الآخرين ودراستها حتى نستفيد منها، ونتوقع أيضاً حدوثها ونتعرف على الكيفية المثلى للتعامل معها، وشدد على أهمية عنصر المبادرة في ترسيخ هذا المفهوم، بمعنى أن الإنسان المبادر هو الأكثر استعداداً لتلقي الأزمات ويحسن التعامل معها. ولذا ينبغي تشجيع الناس على روح المبادرة بما يخلق نوعا من التكاتف والتكامل داخل المجتمع لمواجهة الأزمات بكافة أنواعها سواء كانت الأزمات متعلقة بأفراد أو بشرائح واسعة من المجتمع. وعن كيفية توعية كافة شرائح وطبقات المجتمع بكيفية إدارة الأزمات وحسن التعامل معها، نبه العموش على أهمية التنشئة الاجتماعية، خصوصاً داخل الأسرة منذ نعومة الأظافر بحيث يتم تدريب الأطفال على التصرف في أوقات الامتحانات بتركيز وهدوء حتى تلازمهم هذه السمة طوال حياتهم وفي كافة المواقف التي قد يتعرضون لها. مواجهة حول كيفية مواجهة الأزمات يقول الدكتور أحمد العموش عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الشارقة، إن حدوث الأزمات والمشكلات الطارئة من الأشياء التي يجب التسليم بها في حياة الأفراد والمجتمعات، وأي أزمة تحمل وجهين إما أن تكون أزمة إنسانية بفعل تفاعلات الانسان مع الأشخاص والمواقف المحيطة به أو طبيعية مثل الحرائق وحوادث السيارات وحتى غضبات الطبيعة وغيرها من الأحداث التي يكون الانسان فيها متلقياً للصدمة وواقعاً تحت تأثير الأزمة دون أن يكون سبباً فيها. ولفت إلى أن هناك كثيرا من الناس بعد الأزمة يصابون بالصدمة وليس عندهم أي استعداد لتلقي الأزمة وكيفية التعامل معها، وهنا يجب التنويه على أهمية أن يهيئ الإنسـان نفسـه لأي ظرف، لأن الحياة حافلة بالأحداث المستمرة، ولذا يجب أن يتحسب الانسان لأي أزمة أو موقف طارئ يتعرض له. وهذا الاستعداد للأزمات يجب أن لا يكون قاصراً على الفرد بل على المجتمعات أيضاً بحيث يكون هناك جهوزية لأي مجتمع ليدير الأزمات والكوارث التي قد يتعرض لها، لأن حدوث الكوارث في المجتمعات ظاهرة طبيعية متوقع حدوثها في أي وقت، على اختلاف أشكال تلك الأحداث الطارئة كفيضانات أو زلازل أو حرائق وغيرها من الكوارث المفاجئة. حوادث من الوقائع المثيرة والمضحكة في آن التي عايشها الدويلبي مسؤول علاقات عامة بإحدى شركات القطاع الخاص في مجال التعرض لحوادث طارئة، إنه فوجئ بتسرب وخروج كثيف لغاز الفريون من الثلاجة الموجودة في مطبخه، فأصابه وأصدقائه المقيمين معه في الشقة خوف من منظر الغاز الذي يخرج بكثافة فسارعوا إلى فتح النوافذ والأبواب وخرجوا مسرعين من الشقة، غير أن أحد الجيران عندما شاهدهم واستفسر منهم عما حدث طمأنهم وأخبرهم ألا يخافوا وأنهم تصرفوا بشكل سليم حين سارعوا بفتح النوافذ، وبأن استنشاق القليل من غاز الفريون لا ضرر منه طالما لا يوجد من بينهم من هو مصاب بأحد الأمراض الصدرية، فما كان منه هو وأصدقاؤه إلا التضاحك على حالة الخوف والهلع غير المبررة التي انتابتهم بفعل هذه المفاجأة غير السارة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©