السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إزالة «الأسواق الفوضوية» تربك ميزانية الأسر الجزائرية مع بداية العام الدراسي

إزالة «الأسواق الفوضوية» تربك ميزانية الأسر الجزائرية مع بداية العام الدراسي
24 سبتمبر 2012
(الجزائر) - تزامن الدخول المدرسي لموسم 2012- 2013 في الجزائر هذه السنة بشروع السلطات بحملة واسعة للقضاء على مئات الأسواق الفوضوية في شتى أنحاء البلد، وهي الأسواق التي كانت توفر الكتب الدراسية القديمة والأدوات لتلاميذ العائلات محدودة الدخل بأسعار معقولة، ما أربك حساباتها، خصوصاً أن الدخول المدرسي جاء هذا العام أيضاً بعد أيام قليلة من انقضاء شهر رمضان وعيد الفطر المبارك المعروفين بكثرة الإنفاق فيهما. ويقصد بالأسواق الفوضوية تلك التي تقام على الطرقات بعشوائية وفي المواسم وليس داخل محال نظامية وبشكل دائم. وقتٌ غير مناسب كانت المئات من الأسواق الفوضوية التي تُنصّب خارج الأسواق النظامية، توفِّر في السنوات الماضية بديلاً ممتازاً لملايين الأسر محدودة الدخل بتوفيرها الأدوات المدرسية، من كراسات وحقائب ومآزر وأقلام وأدوات مختلفة، وكذا الكتب الدراسية القديمة المستعمَلة، بأسعار معقولة باعتبار أن أصحابها لم يكونوا يدفعون الضرائب كالتجار النظاميين الذين طالما اشتكوا من المنافسة غير العادلة مع هؤلاء التجار الفوضويين، لكن السلطات لم تكن تكترث بشكاويهم وكانت تتغاضى عن نشاط التجارة الموازية بهدف تفادي أية احتقانات وتوترات اجتماعية، إلى أن قرَّرت مؤخرا الشروع بحملة واسعة للقضاء على الأسواق الموازية بعد أن استفحلت وخرجت عن نطاق السيطرة وأصبحت تهدد السوق النظامية وتتسبب أيضاً في مواجهات بين الباعة الفوضويين والسكان، كما حدث في مناطق «باب الوادي» و»باش جراح» بالجزائر العاصمة، حيث شهدتا مراراً صدامات واشتباكات بين الطرفين استدعت تدخل الشرطة، واشتكى السكانُ مراراً من أن التجار الفوضويين انتشروا على الأرصفة وجزء من الطرقات بأحيائهم وأصبحوا يعيقون بطاولاتهم حركة المرور ويخلِّفون أكواماً كبيرة من النفايات في كل ليلة قرب منازلهم. وتزامنت حملة القضاء على الأسواق الفوضوية مع الدخول المدرسي 2012- 2013 ابتداءً من يوم 9 سبتمبر الجاري، حيث عاد أكثر من 8.3 مليون تلميذ، إلى مقاعد الدراسة في المدارس الابتدائية والإكمالية والثانوية، ومُنحت لهم قوائم طويلة للأدوات المدرسية ككل عام دراسي. وأدى إلغاءُ الأسواق الفوضوية إلى إرباك ملايين الأسر التي كانت هذه الأسواق تخفف عنها وطأة مصاريف الأدوات والكتب المدرسية، وضاعف من معاناتها المادية. إلى ذلك، يقول مراد عثامنة «لديّ طفلان يدرسان بالابتدائي والثانوي، وقد كلفتني أدواتُهما معاً مبلغا كبيرا، وأنا عاملٌ بسيط، ودخلي محدود، لاسيما وأن الدخول الدراسي جاء مباشرة بعد انتهاء رمضان وعيد الفطر اللذين استنزفت فيهما ميزانيتي». وأضاف «ليت السلطات تريَّثت أياماً أخرى قبل القضاء على الأسواق الفوضوية، لقد تركتها قائمة في رمضان وعيد الفطر لأنها كانت تدرك مدى حاجة الناس إليها لتخفيف أعباء المصاريف عن أنفسهم، ثم سارعت إلى إزالتها في الوقت غير المناسب قبل أن نتمكن من اقتناء الأدوات المدرسية». وتعقّب سيدة كانت برفقة طفلها على كلامه «لديّ ثلاثة أطفال يدرسون في سنوات مختلفة، وكنت أقتني لهم الكتب القديمة بنصف أسعارها أو أقلّ أحياناً، أما هذه السنة فأنا مضطرة لدفع مبالغ مضاعفة لاقتناء الكتب الجديدة من المدارس بعد إزالة الأسواق الفوضوية التي كانت توفر الكتب القديمة وكذا الأدوات المدرسية بأسعار معقولة، إلغاء هذه الأسواق في هذا الوقت بالذات غلطة لن يدفع ثمنَها التجارُ الشبان وحدهم بل الفقراء أيضاً». ويؤكد مصطفى زبدي، رئيس جمعية حماية المستهلِك، أن القضاء على الأسواق الموازية، أنهك ميزانيات الكثير من الأسر محدودة الدخل؛ إذ ارتفعت تكاليف الأدوات المدرسية لدى التجار النظاميين، ولكنه أبدى موافقته على إزالتها، بعد أن «أصبحت سوقاً رائجة للمواد المقلدة المستورَدة التي تضرّ الإنتاج المحلي». وطالب بتوفير البديل للشبان الذين كانوا يسترزقون منها عبر الإسراع بتهيئة الأسواق الجديدة التي وعدت السلطاتُ بفتحها قريباً لاستيعاب عشرات الآلاف من التجار الفوضويين، بشكل نظامي هذه المرة. تحكم التجار من خلال جولات في بعض أسواق الجزائر العاصمة التي كانت تشهد انتشارا كبيرا للطاولات الفوضوية المنصَّبة خارج الأسواق الرسمية، كانت الصورة هذه المرة مغايرة؛ فقد أزيلت هذه الطاولات التي كانت تملأ الشوارع، ووقف عددٌ من رجال الشرطة غير بعيد عن مداخل الأسواق يراقبون الوضع قصد منع إعادة نصبها مجدداً، إلا أن السلطات تغاضت فيما يبدو عن نشاط الطاولات التي كانت بعيدة عن الشوارع ولا تعرقل حركة المرور، حيث اغتنم التجار الموسميون، الفرصة لتحويل نشاطهم إلى بيع الأدوات المدرسية مؤقتاً، كما نصّب شبانٌ طاولات لبيع الكتب القديمة داخل سوق «الرغاية» على مقربة من التجار النظاميين، ووجد أولياء التلاميذ متنفسا جديداً في هذه الطاولات، برغم قلة عددها ومحدودية عروضها. من جهتهم، أكد تجار التجزئة أن ارتفاع أسعار الأدوات المدرسية يعود إلى تحكم تجار الجملة في السوق وفرضهم الأسعار التي يشاؤون، وهو أمرٌ يتكرر في بداية كل دخول دراسي. وكان خالد بن أحمد، رئيس اتحادية جمعيات أولياء التلاميذ، اقترح على وزارة التربية أن تقوم باقتناء الأدوات المدرسية من تجار الجملة وتعيد بيعها للتلاميذ بأسعار معقولة تتناسب والقدرة الشرائية للتلاميذ وتضع حدا للمضاربة بأسعارها، إلا أن اقتراحه لم يلق أي صدى. وللتخفيف عن العائلات المعوزة، سارعت السلطات، كما اعتادت أن تفعل منذ نحو 10 سنوات، إلى إقرار حزمة من المساعدات لأطفالها المتمدرسين، وفي مقدمتها منح الكتب المدرسية مجاناً لكل تلاميذ الأقسام التحضيرية والسنة الأولى ابتدائي ولكل أطفال العائلات الفقيرة، ويستفيد من هذا الإجراء أكثر من 4 ملايين تلميذ، أي قرابة النصف الإجمالي للتلاميذ، كما أقرّت منحة مالية بقيمة 3 آلاف دينار (نحو 40 دولاراً) لكل عائلة معوزة عن كل ابن يدرس، وهي مبالغ تتناسب والأسعار المحلية، وتخفف عنها تكاليف الدخول المدرسي، وشدّد عبد اللطيف بابا أحمد، وزير التربية الجديد الذي تمّ تعيينُه منذ أيام بالتزامن مع الدخول المدرسي، على ضرورة «منحها للأسر المعوزة في الأيام الأولى لالتحاق التلاميذ بالمدارس حتى تقتني الأدوات لأطفالها في الوقت المناسب»، إلا أن الكثير من الأسر المعنية تشكو من تأخر وصول هذه المنح المالية إلى حد الساعة، ما دفعها إلى الاقتراض لاقتناء الأدوات لأطفالها، وهو التأخر الذي يتكرر كل سنة لأسابيع عديدة، برغم تأكيد وزارة التربية في كل مرة على ضرورة إيصالها إلى المستفيدين في الوقت المناسب.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©