السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحرية والمساواة.. تناقض مزمن ومفتعل!

21 أكتوبر 2014 02:12
دانييل آلن * * كاتبة وأكاديمية أميركية أعتقد أن أميركا في مشكلة. ذلك أن معدل الرضا الشعبي عن الكونجرس بات قريباً من أدنى مستوى له منذ أن بدأت مؤسسة «جالوب» هذا النوع من استطلاعات الرأي، ومعدلات الاحتجاج الاجتماعي ما زالت مرتفعة مثلما كانت عليه منذ عقد الستينيات، والأقل حظا بيننا -الأميركيون الأفارقة الفقراء- أضحوا أسوأ حالاً مما كانوا عليه قبل عقد من الزمن. إنها مؤشرات نظام ديمقراطي يخرج عن سكته. وعلاوة على ذلك، بوسع المرء أن يضيف ركود أجور معظم الأميركيين ونظام مراقبة جديداً، إضافة إلى تقنين بيروقراطي ما فتئ يزداد ويشتد تأثيره. وأحد أسباب معضلتنا هذه هو أننا صرنا نعتقد أن الحرية والمساواة في صراع، وأخذ هذا يؤثر على نقاشاتنا السياسية. وقد بدأ سوء الفهم هذا كرد فعل على ماركس، وترسخ إبان الحرب الباردة، ثم وجد قوة جديدة له في الفلسفة التحررية. ولكنه اعتقاد خاطئ -وإذا لم نعد لفهم أوجه الترابط بين الحرية والمساواة، فإننا لن نتمكن من حل مشاكلنا. ومنذ زمن بعيد فَهِم المفكرون السياسيون المساواة والحرية باعتبارهما مفهومين يدعم أحدهما الآخر. واليونان الاثنيون القدامى، الذين ابتكروا الديمقراطية، هم الذين ابتدعوا أيضاً مفهومي «المساواة أمام القانون» و«الحقوق المتساوية في التعبير»، وفتحوا المشاركة السياسية أمام كل الرجال، بغض النظر عن الوضع الاقتصادي، بينما أطلقوا على سفن بحرية أسماء من قبيل «الحرية». ومن جانبهم، مارس مواطنو روما القديمة حياتهم السياسية تحت لواء «المساواة في الحرية» واحتفوا بدستور يتمتع، مثلما كتب الفيلسوف الروماني شيشيرون، بـ«ما يكفي من السلطة في القضاء، وبما يكفي من السلطة في النصائح، وبما يكفي من الحرية في الشعب». ولفترة من الفترات، جلب ذلك الدستور «المساواة» و«بالكاد شيئاً يستطيع الرجال الأحرار الاستغناء عنه لوقت طويل»، على حد تعبيره. وبالمثل، جمع تأسيس الولايات المتحدة مفهومي الحرية والمساواة معاً، حيث كان تصور الدولة الجديدة يقوم، وفق أبراهام لينكولن «على الحرية وفكرة أن كل الرجال يولدون متساوين». غير أنه بينما كانت الحجج ضد الاشتراكية والشيوعية تكتسي قوة وزخماً في أميركا، تم تصوير المعركة على أنها صراع بين المساواة والحرية من قبل مفكرين من أمثال ويليام جراهام سمر، رئيس شعبة الاقتصاد السياسي بجامعة «يال» أواخر لقرن التاسع عشر. وبنهاية الحرب الباردة، بنى كل من الشيوعيين ودعاة الفلسفة التحررية أفكارهم إلى حد كبير على فكرة أن ثمة «صراعاً أبدياً» بين الحرية والمساواة، حتى نستعمل عنوان مقال نشر بمجلة «ذا فريمان» الصادرة عن «مؤسسة التربية الاقتصادية» في عام 1960. ثم تبنى مفكرون بارزون على اليمين هذه المقولة وبنوا نظريات اقتصادية عليها. ولكن ليبراليين ومفكرين على اليسار افترضوا أيضاً تعارضاً بين الحرية والمساواة، وإن كانوا قد سعوا إلى إبطاله. والحال أن رهان هذا الخطأ المفاهيمي كبير جداً. وعلى سبيل المثال، فإننا قد ننظر إلى ما يعتري حياتنا السياسية من جمود وشلل بسبب الاستقطاب الحزبي باعتباره النتيجة المحزنة لخطأ مفاهيمي مطبق منذ فترة طويلة. فالحزب «الديمقراطي»، الذي يرتدي الآن رداء المساواة، يعتقد أنه لا يستطيع تمثّل الحرية بشكل كلي. والحزب «الجمهوري»، الذي يريد أن يصور نفسه على أنه حزب الحرية، يعتقد أنه لا يمكنه التسامح مع المساواة. والحال أن هاتين القيمتين منسجمتان ومتناغمتان إلى حد بعيد. وإذا كان الاقتصاد الموجه شكلاً سياسياً متطرفاً، فكذلك الحال أيضاً بالنسبة للرؤية المضادة للفلسفة التحررية. لقد مرت 25 عاماً على سقوط جدار برلين -بعبارة أخرى، لقد مر وقت طويل دون أن نقوم بتفكيك الجدار الثاني الذي قام بسبب تعارض مفترض بين الحرية والمساواة. فقد تأخرنا في العودة إلى مهمة التحقق من كيفية اشتغال هذين المفهومين جنباً إلى جنب، ومن أي الأشكال المؤسساتية يمكن أن تدعمهما وتخدمهما باعتبارهما قيمتين مترابطتين. والواقع أن تقاليدنا السياسية الأميركية تمنحنا إمكانيات للقيام بذلك، بدءاً بإعلان الاستقلال. ولذلك، لابد من تجديد ثقافتنا في هذا المجال من أجل الغوص من جديد في معنى المساواة واكتشاف كيف يمكنها أن تعيش مع الحرية في تناغم وانسجام. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©