السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«إدوارد سنودن» والبطولة الزائفة

21 أكتوبر 2014 02:13
فريد كابلان * * كاتب ومؤلف أميركي لو كان كل ما أعرفه عن «إدوارد سنودن» هو الصورة التي رسمتها له الصحفية والمخرجة الأميركية «لورا بويتراس» في فيلمها الوثائقي «سيتيزن فور» فإنني سأنظر إليه باعتباره شاباً شجاعاً، وربما اعتبرته بطلاً أميركياً. ولكن المخرجة الموهوبة اختارت أن تسقط من حسابها الكثير من التفاصيل المحرجة المزعجة.إن زعم أن سنودن مبلّغ، وأنه قد فضح انتهاكات وكالة الأمن القومي للحريات المدنية، يستند على بعض الوثائق التي سربها، والتي تظهر أن الرقابة الداخلية من قبل وكالة الأمن القومي كانت أوسع نطاقاً مما كان يتخيل أي شخص، وأنها -في بعض الحالات- قد تمت في تحدٍّ لأوامر من محكمة مراقبة الاستخبارات الخارجية. وعلى رغم ذلك، فإن العديد من الوثائق -التي تم تنزيلها في موقع وكالة الأمن في هاواي، وسُلمت إلى «بويتراس» والصحفي «جلين جرينوالد» في هونج كونج- تذهب إلى أبعد من قضية فضح التجسس على الأميركيين. وأياً كان تفكيرك حول عمليات الاستخبارات الخارجية، فإن المهمة الأساسية لوكالة الأمن القومي هي اعتراض اتصالات الحكومات الأجنبية والوكلاء المرتبطين بها. وفي نقطة مثيرة من الفيلم، يقول «سنودن» لـ«بويتراس» و«جرينوالد» إن «بعض هذه الوثائق مصنفة على أنها سرية»، وإن كشفها «سيسبب أذى كبيراً» للمصادر والأساليب الاستخباراتية. وأضاف «إنني على يقين من تحملكما المسؤولية» في تناولها. وهذا بالذات هو أكثر ما يحيّرني في قضية «سنودن». كيف يمكن لمُخبر أن يسلم مكتبة رقمية من الوثائق فائقة السرية تتعلق بمجموعة واسعة من القضايا، وأن يهز كتفيه استهجاناً دون اكتراث قائلاً: سأترك لكما تقرير ما ينشر؟ كيف يتأتى هذا؟ وخلال مقابلة في 11 أكتوبر مع «سنودن»، سُئل عما إذا كان أي من القصص المستوحاة من وثائقه قد بالغت في إفشاء الأسرار، فرد باقتضاب: «ليس لي» أن أصدر حكماً! لكن هذا ليس صحيحاً: إنها مسؤوليته، بطبيعة الحال. ومن ناحية أخرى، هناك مسألة مهمة تتعلق بهروب «سنودن»، الذي تم التخطيط له من قبل شخص في موقع «ويكيليكس»: أولاً إلى هونج كونج، ثم أميركا اللاتينية عبر موسكو. فهناك طرق أخرى عديدة أفضل من الوصول إلى الوجهة عبر موسكو بالذات. وقد ذكر «سنودن» أنه لم يخطط للتوقف في موسكو، ولكن وزارة الخارجية ألغت جواز سفره، ولذلك فقد ظل محاصراً في مطار «شيريميتيفو» بموسكو لمدة أربعين يوماً، قبل أن تمنحه الحكومة الروسية حق اللجوء. ولكن، لو كان الكرملين يريد مغادرة «سنودن» لكان منحه تأشيرة مؤقتة تتيح له مغادرة صالة «الترانزيت». كما أن صحيفة «كوميرسانت» الروسية ذكرت أن «سنودن»، كان متواجداً في القنصلية الروسية في هونج كونج خلال الأيام التي كان فيها في عداد المفقودين. وأخيراً، فإن فيلم «بويتراس» لا يظهر، لأسباب واضحة، المؤتمر الصحفي الذي عقده «سنودن» في موسكو بعد منحه حق اللجوء، حيث أعرب عن شكره لمن دعموه، وذكر أن هذه الدول، ومن بينها روسيا وفنزويلا وبوليفيا ونيكاراجوا والإكوادور كانت أول من يقف ضد انتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها الدول القوية. وبالطبع، سيكون من الصعب قراءة هذه الكلمات، ثم الدفاع عن «سنودن» باعتباره مدافعاً جريئاً عن الحرية، دون الشعور بالعار. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©