الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اللاجئون السوريون... والحدود التركية الخطرة

اللاجئون السوريون... والحدود التركية الخطرة
24 سبتمبر 2012
ويليام بوث أطمه - سوريا يدخـل السوريـون إلى تركيـا بعدة طرق: الطريق القانوني باستخدام جواز سفر، أوالدخول نازفين في سيارة إسعاف، أو الدخول من دون أوراق، أو التسلل خلسة ليلاً في مغامرة جريئة عبر أحد حقول الخيار المنتشرة في المنطقة، وسط أصوات حرس الحدود الأتراك التي ترتفع باللعنات وطلقاتهم التحذيرية في الهواء، والتي لا يعبأ بها المهربون الذي يدفعون اللاجئين عبر مساحة مفتوحة في السلك الشائك الفاصل وهم يهمسون لهم "أسرعوا... أسرعوا... أسرعوا!". بخلاف تلك الطرق، ليس أمام السوريين إلا انتظار دورهم- الذي قد يستغرق شهوراً- حتى يتسنى لهم الانضمام إلى معسكر لاجئين في الجانب التركي من الحدود. في الوقت الراهن يوجد ما يقرب من 120 ألف لاجئ سوري في تركيا، وهو عدد يشكل عبئاً على إمكانات الدولة في الاستضافة والإيواء. فالحكومة التركية لا تستطيع بناء المعسكرات بالسرعة الكافية، مما يؤدي في غالبية الأحيان، إلى تكدس عشرات آلاف السوريين على الجانب السوري من الحدود في ظروف مزرية حيث تعسكر عائلات كاملة تحت الظلال الشحيحة لأشجار الزيتون من دون خيام، ووسط القذارة، مع أوانيهم وصحونهم البائسة. في الأسابيع الأخيرة، عملت السلطات التركية على جعل العبور غير القانوني من سوريا إلى تركيا أكثر صعوبة بكثير عن ذي قبل. ففي السابق كان الجنود الأتراك يغضون الطرف عن العابرين، وخصوصاً اللاجئين وحبذا لو قام هؤلاء بدفع دولارات قليلة للحراس حتى يسمحوا لهم بالعبور. أما الآن فإن هؤلاء الحرس يحمون الحدود على نحو أكثر صرامة بكثير، بعد أن تحولت في نظر بعض المسؤولين إلى حدود سهلة الاختراق لحد كبير، تسودها الفوضى، بل وإلى معبر سهل لمخدر الحشيش، والسيارات المسروقة، والأسلحة، والأموال، والجهاديين المسلحين. في قرية زراعية صغيرة تبعد أميالاً قليلة على الجانب التركي من الحدود بالقرب من مدينة "ريحانلي" الحدودية، بدا سطح منزل أحد المهربين في المنطقة كما لو كان إحدى قاعات "الترانزيت" في معبر حدودي حيث امتلأ بالفارين من الجيش السوري، ومهربي العملات، والزبائن المشعثين، الذين يدخنون السجائر في قلق، وينتظرون سماع كلمة أن حرس الحدود قد عبروا هذه النقطة، وأنه بات بإمكانهم بذل محاولة للعبور إلى الجانب الآخر. "في الماضي كان الجنود الأتراك يظهرون نوعاً من التقوى، أما الآن فلم يعد الأمر كذلك" هذا ما يقوله مدرس سوري كان ينتظر دوره للعبور لسوريا لإحضار مقاتل جريح وتهريبه لمستشفى علاج ونقاهة مقاتلي المعارضة الموجود في تركيا. وفي الآن ذاته الذي كان ينتظر فيه المدرس وغيره من الزبائن، كان المهرب وهو من الشخصيات النافذة في المنطقة، قد أجاب على عشرات المكالمات من هاتفه المحمول، والقادمة من عيونه وآذانه المبثوثة على امتداد السلك الشائك الحدودي. ويُقال إن ذلك المهرب يحصل على مبلغ يتراوح ما بين 20 إلى 30 دولاراً أميركياً من كل شخص يستطيع مساعدته على العبور إلى الجانب الآخر. فيما بعد، ركض المدرس السوري بأقصى سرعته تجاه السلك الشائك، ولكن سرعان ما تم تطويقه وإيقافه من قبل الجنود الأتراك الذين لكزوا رفيقه في الهرب بقوة في صدره عقابا له على محاولته. في صباح اليوم التالي، غامر رجل سوري ميسور الحال بتكرار المحاولة. كان هذا الرجل مضطراً للعودة إلى سوريا أملاً في أن يتمكن من تهريب باقي أفراد عائلته عبر الحدود إلى تركيا. وقطع الرجل وأدلاؤه خلال رحلة العبور عدة كيلو مترات على امتداد السلك الشائك الحدودي، حتى وصلوا إلى بستان زيتون موحل تسلل منه ودخل إلى منطقة قنواتري قبل أن يتوقف خوفاً وهلعاً، بسبب صفير وصرخات المزارعين الذين أخذوا يصيحون بأن الجنود الأتراك موجودون في الحقل. وفي نهاية المطاف طلب المزارعون من الرجل 15 دولاراً إضافية كي يعطوها للجندي التركي حتى يسمح له بالعبور. يصعب بالطبع التأكد من أن هذا المبلغ قد ذهب للجندي التركي، ولكن ما حدث هو أن الرجل تمكن في نهاية المطاف من العبور من تحت السلك الشائك، وعقب عبوره أطلق الجندي زخة في الهواء من بندقيته. على الجنوب السوري وفي قرية "أطمه" يملأ المهاجرون ساحتي مدرسة، ومسجداً وعدداً من الأماكن المفتوحة في مصنع لزيت الزيتون، وإحدى المزارع. ويقول "أبوعبدو”، "القائد السابق الذي يرتدي الآن طاقماً مموهاً مكوياً، والذي كان يجيب على مكالمة واردة بصوت أجش: "تسألونني كم شخص أضافي لدينا؟: حسناً يوجد لدينا في الوقت الراهن 4500 لاجئ تحت رعايتنا، وعدة آلاف آخرين يقيمون في بيوتنا". ويضيف "أبو عبدو": يغادرنا يومياً ما يقرب من 500 شخص، ولكن ألف شخص جديد يحلون محلهم... البعض يذهبون إلى تركيا بشكل قانوني كلاجئين … والبعض الآخر يتسللون عبر الحدود، في حين يكتفي آلاف غيرهم بمجرد الانتظار". ويقول "أبوعبدو" إن القرية والقرى المحيطة قد باتت مكتظة بما يفوق طاقتها، وفي الوقت الذي كان يتحدث فيه كانت العائلة، تلو الأخرى تصل إلى المدرسة، وقد تجمع أفرادها في الجزء الخلفي من شاحنات صغيرة، حيث يبدأون بمجرد توقف الحافلات في رواية العديد من القصص عن قرى تعرضت للقصف من طائرات النظام. يتم إعطاء كل لاجئ قطعة من الصابون، ومساحة للنوم في فناء المدرسة، وهذا كل شيء نظراً لشح المساعدات التي تصل إلى الجانب السوري من الحدود. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©