الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أنصار تشافيز: لا سكن... لا مشكلة!

24 سبتمبر 2012
ريبيكا هانسون كراكاس قبل بضعة أيام فتحتُ حاسوبي المحمول وجلست مع أدريانا، وهي إحدى المتحدثات باسم "المجلس المحلي" في الشارع الذي أسكن فيه، وكنت أعيش معها خلال عامي 2010 و2011. كانت قد طلبت مني أن أساعدها في تعبئة استمارة على الإنترنت من أجل الحصول على سكن حكومي، وهو ما كنتُ قد فعلته معها الصيف الماضي أيضاً حين كنت في كراكاس. وأدريانا أم عزباء ولديها أربعة أطفال، وتعيش في الغرفة الوحيدة التي خصصها لها أحد أقاربها برفقة اثنين من أطفالها. وترغب كثيراً في الحصول على سكن لأطفالها -أو ما تسميه بتحقق "حلم المستقبل". والواقع أنه نادراً ما أجري معها حديثاً إلا يظهر فيه التوتر ورقة الحال، وكانت أدريانا قد أرسلت عدة طلبات سكن لأكثر من ثلاث سنوات، وظلت في أحسن الأحوال تتلقى تأكيداً على أن طلبها قد وصل فحسب. وبعد بضعة أيام على إرسال طلبها، نظم بعض جيراني كشك حملة انتخابية مؤقتة يقوم فيه أنصار الرئيس هوجو تشافيز بتوزيع الإعلانات الحزبية في آخر الشارع. وعندما كانت أدريانا تنطلق إلى العمل اعتادت أن تمر على الكشك من أجل التحدث قليلاً مع زملاء لها ومشاهدة أبنائها وهم يوزعون مناشير مؤيدة لتشافيز. وبينما كنتُ أجلس بالجوار وأستمع إلى الناس وهم يناقشون دعمهم للرئيس، كانت أدريانا، بنظرة جادة على وجهها، تقول وهي تهز رأسها: "ليس هناك رئيس آخر... تشافيز دائماً!". وحي "لوس ماجالانيس دي كاتيا"، وهو الجزء الغربي من العاصمة كراكاس حيث عشتُ خلال فترات متقطعة منذ 2010، يتألف من مجموعة كبيرة من مساكن الطبقة الدنيا. ومعظم المساكن هنا بناها السكان بأنفسهم، وكثير منهم لا يملك سند ملكية الأرض التي يعيشون عليها. وفي أحيان كثيرة، تعيش عائلات عديدة في شقق من غرفتين أو ثلاث غرف، وبسبب سوء البنية التحتية، تعتبر معظم المساكن "في حالة سيئة"، أو أن العيش فيها لا يخلو من خطورة. ونظراً لهذه الظروف، يعتبر السكن مبعث قلق مهماً بالنسبة للكثير من جيراني. غير أن أنصار تشافيز الذين أعرفهم لم يستفد أي منهم من برنامج السكن الحكومي. ومثلما لفت إلى ذلك الكاتب "مارينو ألفارادو" في مقال نشره، فإن بناء السكن كان بطيئاً في أحسن الأحوال، حتى في هذا العام. فلماذا، والحالة هذه، ما زال إذن كثير من جيراني يدعمون تشافيز، على رغم أنهم لم يستفيدوا لا هم ولا الناس من حولهم، من برنامج السكن الحكومي الذي يروج له كثيراً؟ حتى نضع مشكلة السكن في سياقها الصحيح، أود أن أشير هنا إلى بعض الأسباب التي تفسر السبب الذي يجعل بعض سكان حي "كاتيا" المذكور -الذي يعتبر معقلاً من معاقل الحكومة- يربطون تشافيز في أذهانهم بمستقبل أكثر إشراقاً، على رغم أنهم لم يستفيدوا شخصياً من البرامج التي يتحدث عنها كل من الرئيس ووسائل الإعلام. وهنا أقدم ثلاثة عوامل أو اعتبارات تؤثر على الطريقة التي ينظر بها السكان إلى عدم الحصول على سكن: وجود لاجئين يعيشون في "كاتيا"، المشاريع المحسنة لجودة الحياة التي أطلقتها الحكومة، واستمرار الاقتناع بالرؤية البوليفارية (نسبة إلى الزعيم السياسي والعسكري الفنزويلي سيمون بوليفار، الذي لعب دوراً محورياً في تحرر بلدان أميركا اللاتينية من الاستعمار الإسباني). فإذا كان السكن يمثل بدون شك عاملاً مهماً يأخذه الناخبون في "كاتيا" بعين الاعتبار، فإن النقص المتواصل في السكن هنا لا يعني بالضرورة أن هؤلاء الناخبين سيفضلون المرشح كابريليس على تشافيز في انتخابات أكتوبر، وذلك لأن بواعث قلق جيراني بشأن السكن توجد داخل تجاربهم المعيشية اليومية في "كاتيا"، وهي تجارب تؤكد اعتقادهم بأن حياتهم اليوم هي أفضل مما كانت عليه قبل مجيء تشافيز. ومعظم الأخبار المتعلقة بالانتخابات الفنزويلية تشير إلى الكمية الهائلة من الأموال التي يتم توزيعها من قبل حكومة تشافيز للفوز بانتخابات أكتوبر. وعلى سبيل المثال، فقد أشار مقال نشر مؤخراً بصحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن جزءاً رئيسياً من خطة الحكومة للفوز بالانتخابات يتمثل في إجراء قرعة سكن يتم الترويج لها على مستوى كبير. ومما لاشك فيه أن أحد العوامل المهمة بالنسبة للناخبين هو ما إن كانوا يعتقدون أن الحكومة قد حسنت وضعهم المعيشي، أم لا. وهذا ينطبق على أي بلد. وعلى رغم أنه من الصعب الحصول على الأرقام الحالية، إلا أنه بحلول 2007، حسب "بروفيا"، كان 13 مليون فنزويلي لا "يتمتعون بالحق في سكن مناسب". وهذه الأرقام الضخمة تفرض السؤال التالي: أي حكومة على وجه البسيطة تستطيع أن تبني ما يكفي من السكن قبل أكتوبر من أجل الفوز بهذا العدد الضخم من الأصوات؟ إن استراتيجية شراء الأصوات من أجل انتخابات 7 أكتوبر عن طريق السكن لا يمكنها بكل بساطة الفوز بالملايين من ناخبي الطبقة الدنيا الذين يحتاجون إلى سكن. وسكان هذه الأحياء، أكثر من نظرائهم في أحياء مماثلة في فنزويلا، يدركون الطابع المعقد لمشكلة السكن. إنهم يعيشون في المتاهات المذهلة التي تجعل القيام بدوريات الشرطة والتطهير الصحي والنقل يبدو مستحيلاً. بل إن ضابط شرطة حاورته ذهب إلى حد القول إن آخر مرة تعاطت فيها الدولة بشكل ملائم مع مشكلة السكن كانت في عهد الديكتاتورية العسكرية للجنرال بيريس خيمينيس. ويمكن القول إن ضخامة هذه الأحياء وتعقيدها الجغرافي يحددان طبيعة حياة سكانها على نحو ما ويجعلان من توفير السكن مهمة شبه مستحيلة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©