الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

العلاقات تتباعد بين أفريقيا وفرنسا بعد 50 عاما على الاستقلال

15 فبراير 2010 23:52
بعد 50 عاما من استقلال مستعمراتها الأفريقية، لم تعد فرنسا الشريك الحصري لهذه البلدان ولا الوصي الذي مثلته لعقود طويلة ومع ذلك فإن هذه العلاقة القديمة مستمرة بالاستناد على روابط قديمة وتبحث عن صيغة جديدة لها. فبكين على سبيل المثال هي التي قدمت مركز المؤتمرات المقبل للاتحاد الأفريقي في أديس أبابا الذي سيتم فيه مناقشة مستقبل القارة. والزمن الذي كانت باريس تسيطر فيه بدون منازع على غرب أفريقيا ووسطها قد تغير. ويقول الصحفي أنطوان جلاسر المشارك في تأليف كتاب “كيف خسرت فرنسا أفريقيا”، إن “النظام الفرنسي-الأفريقي كان مندمجا بشكل كامل: سياسيا وعسكريا وماليا”. وتابع جلاسر أن “فرنسا كانت تدير هذه الدول مثل مستعمرات جديدة” مشيرا إلى التدخل العسكري واختيار القادة الأفارقة والوصول إلى الموارد. وأضاف أن الاندماج الفرنسي-الأفريقي الذي ولد في ستينات القرن الماضي استمر بفضل الحرب الباردة حين “كانت فرنسا مكلفة الحفاظ على مصالح الغرب”. ومع سقوط جدار برلين “خففت فرنسا نسبيا من روابطها الاقتصادية مع أفريقيا متجهة نحو أوروبا” كما يقول فيليب هوجون من معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية. وبعدما كانت نسبة التبادل التجاري الفرنسي مع أفريقيا تبلغ حوالي 40% في الستينات فإنها لم تعد تبلغ سوى حوالى 2% حاليا. كما خففت فرنسا عدد عناصرها في تلك الدول مؤكدة أنها لم تعد تريد أن تكون “شرطي أفريقيا” وتعيد التفاوض الآن حول اتفاقات الدفاع التي وقعتها مع ثماني دول أفريقية. لكن اعتبارا من العام ألفين أصبحت أفريقيا وجهة مرغوبا فيها أكثر فأكثر للقوى الناشئة وفي مقدمها الصين بسبب ثروات هذه المنطقة لا سيما النفط. وقال هوجون “لقد انتقلنا من علاقات ثنائية مميزة تلت حقبة الاستعمار إلى تنوع في الشراكات”. وبحسب مراجع التوثيق الفرنسية فان الصين أصبحت ثاني شريك تجاري لأفريقيا، متقدمة على فرنسا وخلف الولايات المتحدة ، لكن الشركات الفرنسية لا تزال مهيمنة في بعض المجالات مثل السدود والأسلاك تحت البحر. وعلى الصعيد السياسي فإن فرنسا شهدت أزمات لا سابق لها مثل حوادث دامية في ساحل العاج عام 2004. وفي العام 2007 كشف خطاب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في دكار الذي واجه انتقادات شديدة ، عن شعور قسم من الأفارقة بالحقد تجاه القوة المستعمرة سابقا وأخذوا عليها بشكل خاص القيود المفروضة على تأشيرات الدخول. وجاء آنذاك في تقرير للدبلوماسيين الفرنسيين في أفريقيا أن صورة فرنسا “تترنح بين الجاذبية والرفض” لا سيما بسبب دعمها لأنظمة موضع جدل. ولا تزال باريس تملك ثلاث قواعد عسكرية دائمة في القارة وتشارك في عمليات محلية او متعددة الجنسية. وقال جلاسر إن “العلاقة الفرنسية-الافريقية هي مثل سفينة كبيرة لا تتوقف فجأة” مؤكدا أهمية الجاليات الفرنسية في تلك الدول (200 ألف نصفهم يحملون الجنسيتين). وتابع هوجون أنه في المفاوضات الدولية تعتبر باريس “أحد أبرز المدافعين” عن أفريقيا كما أن “فرنسا بحاجة لها لكي تحظى بثقل أكبر في الأمم المتحدة”. ويقول إيف جونين مؤلف “فرنسا في أفريقيا” إن “البنى التحتية الفرنسية الأفريقية تبقى حتى مع مرور الزمن، ستتطبع بدلا من الزوال”. وأضاف “هناك تغيير في الجيل .. فالسياسيون المحنكون الذين كانوا يتحدثون للأفارقة بصيغة خالية من أي كلفة وهو دليل صداقة لكن أيضا أبوة، حل محلهم أشخاص جدد يعتبرون أفريقيا منطقة مثل غيرها وبعد سنوات سيعتمدون لهجة رسمية أكثر مع أفريقيا”. وقال “إنها علامة احترام لكنها دليل أيضا على أخذ مسافة”.
المصدر: باريس
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©