الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وتغيّر ظرف الزمان

7 فبراير 2018 04:31
أحب تدريس اللغة العربية لابني، كيف لا وهي لغة القرآن وحبيبة القلب، إذا أرادت الأمة أن يرتقي أفرادها علمتهم أولاً لغتهم الأم، كان وقت تدريس ابني لمادة اللغة العربية، فكانت القهوة ملكة الحضور لزيادة جرعة السعادة في التدريس، كان الدرس عن ظرف الزمان والمكان، فبدأنا بظرف المكان، وانتهينا منه بسرعة، لنبدأ بعدها بالزمان، والزمان بحاجة إلى فهم أدق لكون المعلومة تفهم بالتركيز، فبدأنا بالصباح ليقول لي ابني أذهب إلى المدرسة صباحاً، وحين قلت له: نتناول طعام الغداء ظهراً، قال بإصرار: جملتك مغلوطة.. نتناول الغداء عصراً، وذلك لأن عودته من المدرسة في الساعة الثالثة، وعندما يبدأ طعامه يحل علينا أذان العصر لتكون صياغته للجملة السابقة: نتناول طعام الغداء عصراً.. وليس ظهراً! لم أستطع أن أقنع ابني فصياغته للجملة 100‎‎% واقعية، طغت عليها روح البراءة والصدق، فأين يا سادة هي تلك الأيام.. أيام الطيبين حين كانت عودتنا إلى المنزل في الساعة الواحدة والنصف لنتجمع على مائدة الغداء، وتعلمنا أمنا الصبر فقط لدقائق معدودة حتى يعود الأب فنتناول وجبة الغداء ظهراً على مائدة واحدة ومع أفراد العائلة جميعاً، لنرتاح ساعة ونقيل ظهراً، ونستمد الطاقة لأداء واجباتنا ومذاكرة دروسنا، فيأتي العصر بحلله القشيبة وثيابه البهيجة، ويطل علينا ببرامج وكرتون مفيدة فلا نفوت العصر بمشاهدة التلفاز ومن بعدها نزور الجار، ونلعب مع الخلان ليأتي الليل السرمدي الذي نتجمع فيه مرة أخرى على وجبة العشاء، وننام بهدوء وراحة من دون أن نسابق الزمن! واقع محزن عدم اجتماعنا على وجبة الغداء، فساعات العمل قد طالت وأثقلت بكاهلها على الطالب والمعلم والموظف وعلى الجميع من دون استثناء، نعم أصبح الأفراد لا يعرفون عن بعض إلا عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فكلنا في سباق من الزمن، ذهب يومنا في أدراج الرياح بين تلبية احتياجات من حولنا فضاع الوقت وضاعت أنفسنا ورحل معها حق الأهل والجار والقريب لنحشر أنفسنا في قوقعة المنزل، ويصبح هدفنا فقط السباق مع الزمن!!! ختاماً: لدي أمل أن يكون هناك تغيير من أجل الطالب والأم العاملة كي تكون هناك حميمية أكثر في المنزل، ويكون هناك وقت للنفس قبل كل شيء، لأجسادنا علينا حق ومهما أحسنا تنظيم أوقاتنا، إلا أن ساعات العمل والدراسة تسرق منا الكثير من الوقت والجهد.. كلي أمل بنظر المسؤولين وإعادة جدولة بعض جهات العمل لتجعلها كالباقين ممن لديهم مرونة فيها.. فهل يا ترى سيعود ظرف الزمان كما كان؟
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©