الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

محمود الرحبي يمازج بين الأسطورة والواقع في «ساعة زوال»

محمود الرحبي يمازج بين الأسطورة والواقع في «ساعة زوال»
24 سبتمبر 2012
محمد نجيم (الرباط) - صدر حديثا للقاص والروائي العماني محمود الرحبي مجموعة قصصية جديدة تحمل عنوان “ساعة زوال” وتضم سبع عشرة قصة، يمازج خلالها الرحبي بين الخيالي والواقعي والاسطوري في تجليات إنسانية تحدث في أماكن معلومة وغير معلومة. “ساعة زوال” هي القصة التي يفتتح فيها الرحبي مجموعته القصصية الصادرة عن دار فضاءات للنشر والتوزيع والطباعة في الأردن، وفيها يقول “وقفت طويلا أراقب المشهد، وقد ملأ الهدوء الثقيل المكان حولي بالسأم والترقب، السيارات تهوي على عيني بأضوائها، وأنا ما زلت أرقب كل ذلك وحيدا، وقد تصاعد الفتور إلى رأسي بعد أن يئستُ من إيقاف أي منها، فقد رفض أصحابها الاستكانة في مثل تلك الساعة من الليل في مكان منزو وبعيد، ثم أسلمت ظهري للشارع وأمعنت نظري في جدار أمامي تحولت فيه السيارات إلى مجرد هاربة. صفعات رشيقة تتلاطم على الجدار دون أن تخدشه، ضربات لا تجني أثرا الواحدة تلو الأخرى وفي أعداد بدت لا نهائية، شرعت في عدها إلى أن داعب النعاس أهدابي، ثم رأيتني أحني الكرسي ورائي وأغوص في بطن سيارتي، رفعت زجاج النوافذ وأكملت مسترخيا النظر في المشهد الظلي على شاشة الجدار كان الأمر شبيها بصفعات تحدث في حلم لا تلبث آثارها أن تمنحني... سمعت طرقات على زجاج النافذة، فذهلت والنعاس يطوق جسدي بحبله الثقيل... - لماذا تنام في بطن سيارتك وبيوتنا قريبة؟ لو طرقت بابي القريب منك وفي أي وقت من الليل لوجدتني صاحيا وفي استقبالك، ولقضيت وقتا ممتعا معي، عوض النوم وحيدا في قلب الظلام، بلا أنيس أو غطاء. - لم يقف لي أحد، طوال الليل وسيارتي معطلة وأنا متصلب كالخشبة في وجه الهواء، لذلك اخترت النوم في جوف سيارتي منظرا الصباح. - لا عليك، اهبط من سيارتك وأغلقها جيدا، ثم اتبعني إلى بيتي، ثم إني أحتاجك في أمر. دخلنا.. كان بيتا شعبيا وبسيطا في قسماته وتوزيع غرفه، ورغم ذلك بدا منظما ونظيفا بسبب خلو أرضه من الغبار ونتف الأوساخ الخفيفة التي تستقر على العتبات في مثل هذه البيوت العتيقة المفتوح بهوها على الشمس وما تأتي به الرياح. - كما ترى فأنا أعيش وحيدا. كنت في البحرين، أعمل خبازا، وحين رجعت اشتريت هذا البيت، وهو خاو، وفي البحرين لم أجد زوجة ولم أفكر بها، ولكني الآن أحتاج إليها في وحدتي، ولأني غريب وغير معروف عند أحد ولأني أصبحت عجوزا أيضا ونصف فقير لم أجد زوجة، لذلك فإني أحتاج إليك في أمر”. وكما في تجاربه القصصية السابقة نجد أن القاص والروائي محمود الرحبي يكتب قصصا اشتغل فيها على الأسطوري فنجده يُوظف الحكاية توظيفا جميلا ليوصل خطابه إلى القارئ وهذا ما نجده في قصته “حكاية الأمير وقمر الكتاب” التي يقول في مطلعها “فقد أمير والده مبكرا فنشأ وحيدا في قصر يطل على بحيرة، كان يعشق الصيد فيخرج كل يوم بصحبة حصانه ذي اللون الغسقي ليعود بعد الغروب وهو متعب فينام مبكرا. وفي أحد الأيام بينما هو عائد من إحدى جولاته أصابه الإرهاق فغط في نوم عميق ولكنه ما إن غفى حتى استيقظ على صوت فتاة تستنجد، ظن الأمير بأن الصوت قادم من مكان ما من حوله، قبل أن يكتشف بأن ذلك الصوت لم يكن ينتشر سوى في حلمه فقط. وفي يوم آخر زاره الصوت نفسه مستنجدا، ولكنه استيقظ مرة أخرى ولم يجد أحدا، فاستغرب ذلك الحلم لأنه لا يظهر منه سوى صوت الفتاة دون أن يعرف شكلها، ومع الوقت أخذ الأمير يشتاق لسماع ذلك الصوت الناعم، لذلك فإنه ينام سعيدا ليزوره في أحلامه، ولكن ما يلبث الأمير أن يستيقظ سريعا، وهو يشعر برغبة في مساعدة صاحبة الصوت وهي تستنجد به، دون أن يجد سبيلا إلى ذلك سوى الرجوع إلى النوم. وكان الأمير الذي يحبه شعبه كثيرا، حين رآه الناس مهموما، طلبوا منه أن يخبرهم بقصته، فأخبرهم بما كان يسمعه في حلمه، فاقترح عليه أحد المفسرين، وهو رجل مسن يبرق من عينيه الحكمة ومن سحنته الهدوء والسكينة، بان تلك الفتاة ما هي إلا أميرة محبوسة في مكان ما، وهي تنتظر منه أن فكر الأمير بكلام الحكيم، واحتار في معرفة مكان الأميرة، فكان كثيرا ما يعتمد أن ينام مبكرا عله بذلك يجد شيئا في الحلم يدله على مكانها، ولكنه حين ينام لا يسمع سوى صوتها، فيستيقظ باحثا عنها من جديد، ثم يحاول أن يعود ثانية إلى النوم، ولكنه لم يكن يجد شيئا يدل عليها سوى ذلك الصوت.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©