الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الطائرة «دون طيار» تقطع مسافات طويلة بعد برمجة أنظمتها الملاحية

الطائرة «دون طيار» تقطع مسافات طويلة بعد برمجة أنظمتها الملاحية
26 يناير 2013 10:59
بمجرد سماع الكثير منا عن الطائرات التي تطير دون طيار، مثل طائرات الاستطلاع والمراقبة أو طائرات التجسس.. وغيرها من الطائرات التي لا يوجد على متنها أشخاص تقودها وتوجهها لمساراتها الصحيحة، يظنون أن مثل هذه الطائرات تمت برمجتها مسبقاً، وتم تجهيزها لتتمكن من الطيران وفقط، لوجهات وارتفاعات محددة لا تحيد ولا تبتعد عنها. ولكن يبدو أن الحقيقة مختلفة في الطائرات «دون طيار»، والتي قد لا تحتاج إلى طيار على متنها ليقوم بقيادتها، إنما تحتاج بالضرورة إلى «طيار أرضي»، يقوم بقيادتها آلياً وتوجيه مساراتها بشكل كامل، ويتحكم بها عبر الأقمار الصناعية، تماماً كالتحكم عن بعد بالطائرات اللاسلكية. يبدو مسمى الطائرة دون طيار وللوهلة الأولى وللكثير من الأشخاص، أن هذه الطائرات تطير في السماء وتعبر المسافات الطويلة وحدها، وذلك عبر برمجة أنظمتها الملاحية بشكل مسبق. ولعل التطور التكنولوجي الكبير جداً في عالم الطيران في أيامنا الحالية، كفيل بترسيخ هذه الفكرة في عقول مثل هؤلاء الأشخاص، حول آلية عمل الطائرات دون طيار، والسبب الرئيسي لتسميتها بهذا الاسم. إلا أن هذا الاسم الذي تلقب به الطائرات دون طيار، لا يدل بالمعنى العلمي الدقيق على ما تقوم به هذه الأخيرة، والكيفية التي يتم التحكم من خلالها بها، وطرق توجيهها، بدايةً من إقلاعها، مروراً بتحركاتها في السماء ووجهتها التي تطير بها، وانتهاءً بهبوطها بسلام، في المدرجات الخاصة بها. ومع أنها لا يوجد طيار جوي بداخلها، فهي تكتفي بالطيار الأرضي، الذي يتولى القيادة تماماً ويقوم بأغلب الوظائف والمهام التي يتولاها ويقوم بها الطيار الجوي. تحكم لاسلكي في تقرير نشرته مؤخراً الوكالة الألمانية الإخبارية، شرحت فيه كيفية عمل الطائرات دون طيار، وأوضحت من خلاله الأنظمة التقنية والتكنولوجية المعقدة التي يتعامل معها الطيار الأرضي الذي يقود الطائرة دون طيار، دون حاجته للجلوس في الطائرة، كما يفعل الطيار الجوي. وجاء في التقرير توضيح كيفية تمكن الطيار الأرضي من توجيه طائرته وقيادتها من وإلى الأماكن البعيدة، وما الآلية التي تمكن الطيار الأرضي، للتحكم بهذه الطائرات، بمهارة عالية تجاري مهارة الطيار الجوي، وتضمن عودة الطائرات دون طيار، بسلامة إلى مواقعها. وأكد التقرير الألماني أن اسم هذه الطائرات لا يدُل تماماً على الطريقة التي تعمل بها. فهي في الواقع «لا توجّه نفسها بنفسها بشكل كامل، كما هو متعارف عليه، وكما هو الاسم الذي تأتي به، بل تحتاج هي الأخرى إلى طيار يجلس في محطة خاصة لتوجيهها من الأرض، ويتحكم بها عن بُعد بطريقة لا سلكية»، وهو ما أكده السيد ديرك شميت من معهد الرحلات الجوية في المركز الألماني لأبحاث الطيران والفضاء DLR. تحديد مسار الطائرة والطائرات «دون طيار» تتطلب في الحقيقة أن يكون لها طيار في محطّة أرضية. وهذا الطيار الأرضي يتحمل مسؤولية قيادتها بشكل كامل، بدايةً من الإقلاع، وانتهاءً بضمان عدم وقوعها وتعرضها لأي حوادث أو اصطدامات، وسلامتها لحين هبوطها. وحتى في حالات الطوارئ، فالطيار الأرضي المسؤول عن الطائرة يكون من الخبرة والمهارة، ما يؤهله للتصرف السليم في مثل هذه الظروف الصعبة، وحماية الطائرة قدر الإمكان وعدم تعرضها للسقوط مهما كانت الأسباب. والجدير بالذكر أن الطيار الأرضي، لا يقود طائرته دون طيار، كما يفعل الطيار الجوي، ولا يقوم بذلك أيضاً بواسطة عصا وجهاز التحكُّم اللاسلكي، الذي يوجه طائرات الألعاب اللاسلكية عن بعد، حيث يجب على الطيار الأرضي تحديد نقاط مسار الطائرة الأساسية، وبعد ذلك تقوم الطائرة بتوجيه نفسها بنفسها وفق هذه الإحداثيات المجهزة مسبقاً، وذلك بواسطة نظامها الآلي. بمعنى آخر، فإن نظام الطيران الآلي في الطائرة، يقوم عبر نقاط المسار الذي قام الطيار الأرضي بتحديدها مسبقاً، بتوجيه الطائرة إليها آلياً. وأشار التقرير أن نظام التحكم بالطائرة دون طيار هذا، لا يختلف كثيراً عن نظام طائرات نقل المسافرين الكبيرة والحديثة، التي تطير لمسافات طويلة بشكل تلقائي كامل باستخدام الطيار الآلي، كما جاء على لسان شميت، الخبير في مجال الطيران. فنظام الطيران الآلي فيها يحدد موقع الطائرة في الجو من خلال كَمّ هائل من البيانات، التي يجمعها بما يتوفر لديه من تقنيات: كالبوصلة ومقياس الارتفاع وعدّاد السرعة وجهاز الملاحة عبر الأقمار الصناعية GPS... وغير ذلك من تقنيات حديثة في عالم الطيران. وأكد التقرير إلى ذلك، أن الطائرات دون طيار، البعيدة بمئات الكيلومترات عن محطة التوجيه الأرضية، فلم يعُد يُتَحكَّم بها من خلال موجات الراديو، بل عبر الأقمار الصناعية. وذلك لأن الاتصال اللاسلكي بواسطة القمر الاصطناعي لا ينقطع على الأغلب، وفي معظم الحالات. تجنب آلي للتصادمات والسؤال الذي جاء بإجابته الشافية التقرير الألماني، هو كيف يمكن رؤية ما هو خارج الطائرة وما يحيطها من أجسام خلال طيرانها؟ حيث تم تزويد الطائرات دون طيار بكاميرات خاصة، يمكن اعتبار أنها «أعين» الطيار الأرضي. وبما أن الشخص الموجود في قمرة القيادة الأرضية لا يمكنه رؤية ما يوجد خارج الطائرة بعينيه بشكل مباشر، فإن مثل هذه الكاميرات في الطائرة تقوم بهذا الدور. مما يرتب على الطيار الأرضي دور مهم وخطير، وهو الانتباه بشكل كامل لأماكن طيران الطائرة، وتجنب اصطدامها مع أي طائرات أخرى أو أي أجسام في الجو. والجدير بالذكر أن الطائرة دون طيار يمكنها الكشف عن العقبات التي تواجهها بواسطة أجهزة استشعار مركّبة على متنها، كالكاميرات الضوئية العادية وكاميرات الأشعة تحت الحمراء والرادار، ويرسل نظام الطيران الآلي هذه المعلومات إلى الطيّار البشري «الأرضي» الموجود في المحطة الأرضية. ما يجعل هذا الأخير يتصرف بسرعة في حال مواجهة طائرته دون طيار، لأي عقبة أو جسم غريب أثناء طيرانها، ليقوم بدوره بتجنبها ومفاداتها. ويشير التقرير الألماني أن طائرات نقل المسافرين الحديثة تكون مزوَّدة هي الأخرى بأجهزة إرسال من نوع ADSB، وهي التقنية التي تمكن هذه الطائرات من التعرف على الطائرات الأخرى الموجودة في جوارها، وعلى معلومات ارتفاعها وسرعتها، ما يمكن الطيارين عبر الرادار الذي أمامهم من كشف الأجسام التي تطير حولهم، حتى لو لم يروها بأعينهم المجردة. ويقول شميت الخبير في هذا الشأن: «للطائرة دون طيار هذه التقنية نفسها، وهي تقوم بإرسال هذه المعلومات إلى الطيار في المحطة الأرضية، وبالتالي يمكنه الحصول على صورة مشابهة لصورة الرادار، وتكوين فكرة عن الأجواء المحيطة بالطائرة الآلية، والقيام بتوجيهها بحسب هذه المعلومات». كما أن طائرات نقل المسافرين الحديثة والكبيرة تكون مزوّدة بنظام تفادي الاصطدام TCAS. فحين يكتشف النظامان الآليان للطائرتين وجودهما على مسار تصادمي يقرر الكمبيوتران بشكل فوري مقدار الارتفاع أو الانخفاض اللازم الذي يجب أن تقوم به كل طائرة، ويتلقى طياراهما البشريين التعليمات المناسبة ويوجّهان الطائرتين لتجنب التصادم. وهو ما تم تزويد الطائرات دون طيار به، حيث إن لها أيضاً أجهزة تفادي الصدمات من نوع الطائرات الكبيرة نفسه، إلا أن عملية تجنب التصادُم لا يقوم بها الطيار الموجود في المحطة الأرضية، بل يقوم نظام الطيار الآلي بذلك بنفسه؛ لأنه لا يمكن الاعتماد على الاتصال اللاسلكي بين الطائرة والمحطة الأرضية بشكل مثالي في مثل هذه الحالات. تطبيقات أمنية ومدنية ونظراً لسعرها الباهظ، فإن الاستخدام المدني للطائرات دون طيار يكاد ينعدم حالياً، وينحصر على الأغراض الأمنية والعسكرية. ويُشار إلى الاتحاد الأوروبي في صدد إنشاء مشروع تجريبي لمراقبة البحر الأبيض المتوسط بواسطة الطائرات دون طيار وبإشراف المركز الألماني لأبحاث الطيران والفضاء. وثمة الكثير من الأفكار لإدخال هذه الطائرات الآلية في تطبيقات عدة، خاصة مجالات الشرطة والدفاع المدني والإطفاء والإنقاذ من الكوارث، والمراقبة الأمنية للفعاليات الضخمة كالمظاهرات والحفلات الموسيقية في الهواء الطلق، بل وحتى في مجال البحث عن المفقودين في حالات الطوارئ، وبعد الزلازل والحرائق، كما يقول الباحث دينيس جويجه من المركز الألماني لأبحاث الطيران والفضاء، ويضيف: «في حالات التلوثات النووية أو البيولوجية أو الكيميائية مثلاً لا يمكن إرسال طيارين من البشر إلى مواقع الكوارث، حفاظاً عليهم وحماية ً لأرواحهم». الحفاظ على الخصوصية تبدو الآفاق المستقبلية للطائرات دون طيار، التي تستطيع التحليق على ارتفاع يزيد على 10 آلاف متر، مناسبة جداً للأغراض المدنية لخفة وزنها وقدرتها على جمع المعلومات. ولكن إذا تمّ استخدامها في المستقبل بشكل تجاري وعلى نطاق واسع فستظهر تساؤلات حقوقية حول مسألة الحفاظ على الخصوصية والمعلومات الشخصية للأفراد التي تجمع مثل هذه الطائرات المعلومات عنهم.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©