الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روسيا: المجتمع المدني في مواجهة الكرملين

7 أكتوبر 2011 22:06
في المناطق الداخلية لروسيا وتحديداً بمدينة "يكاتيرينجبيرج" البعيدة والنائية يفترض بإعلان بوتين نيته تسلم الرئاسة مرة أخرى من ميدفيديف، مع ما يعنيه ذلك، من وجهة نظر البعض، من "خطف" الانتخابات من أيدي الناخبين وتنصيبه حاكماً لروسيا لسنوات قادمة، أن يبعث اليأس في نفوس المعارضة ويكرس شعوراً باليأس لديها. ولكن بدلاً من ذلك بدأ أعضاء ينشطون في العمل مع الأهالي يقاومون تسلط موسكو كما لو أنها غير موجودة. فبعد اقتناعه بأن مركز السلطة في موسكو لن يستمر إلى الأبد وأن مآله السقوط يعكف "ليونيد فولكوف"، العضو الشاب في مجلس رابع أكبر مدينة في روسيا على تنظيم الناس للدفاع عن حقوقهم والانخراط في القضايا المحلية التي تهمهم مثل الدفاع عن الحدائق العامة، أو إعلاء الشكوى ضد قرارات صرف الموازنة وغيرها في محاولة لتحفيزهم على المشاركة والانخراط في النقاش العام استعداداً لليوم الذي يقررون فيه مصيرهم ويواجهون السلطة. وهذا ما يعبر عنه "ليونيد" قائلاً: "عليهم أن يكونوا مستعدين عندما تدق ساعة التغيير، فهناك سؤال كبير حول قدرتهم على التحرك، وما إذا كانوا سيكتفون بالتفرج فيما جيل آخر من الرجال الأقوياء يستولون على السلطة، ولذا تكمن مهمتي في إبقائهم متيقظين". وإلى جانب "ليونيد" هناك أيضاً "يفجيني روزمان"، الذي كان يتجه حثيثاً نحو نيل مجلس "الدوما"، الغرفة السفلى في البرلمان الروسي، خلال انتخابات ديسمبر الماضية عندما استهدف الكرملين حزبه وخطط لسقوطه قبل أيام قليلة فقط من إعلان بوتين إعادة ترشيحه. ولكن على رغم ذلك لم يفقد "روزمان" الأمل وتابع نضاله إلى جانب السكان حيث يضج مكتبه بالأهالي الذين يطلبون الخدمات التي لا تنتهي، وبالنظر إلى المطالب الكثيرة يقسم الرجل وقته بين النهار حيث يتدخل لحل مشاكل المزارعين الذين يتعرضون لمضايقات كثيرة من الشرطة، وبين الليل الذي يخصصه لإحياء سهرات تتم فيها مناقشة القضايا السياسية مع الشباب. وفي هذه الأجواء يتعاون مجموعة من المؤيدين للمعارضة مع رموز المجتمع المحلي للحفاظ على جذوة النقاش متقدة وتشجيع الناس على المشاركة في النقاش والدفاع عن الديمقراطية، وذلك في مناطق تبعد بآلاف الأميال عن موسكو على أطراف جبال الأورال. وفي هذا السياق يعمل الأكاديمي "قسطنطين كيسيوليف" على تنشيط جلسات للحوار ومنتديات للنقاش تُطرح فيها مواضيع تهم مستقبل روسيا في ظل النظام الحالي مثل "الليبرالية في روسيا.. نهاية البداية"، وهي المنتديات التي عادة ما تستقطب جموعاً من الشباب التواقين لتبادل الأفكار ومناقشتها. وبالنسبة للنشطاء والمناضلين الذين يواصلون العمل، على رغم أجواء الإحباط التي زاد من تأجيجها لدى الناس إعلان بوتين الترشح للرئاسة، فلن يستطيع النظام الحالي الاستمرار طويلاً ولن تبقى النخبة السياسية الحالية جاثمة على الصدور، ولذا يهيئ الناشطون الأهالي ليوم بات قريباً في نظرهم. وكما يقول "فوفوك" الذي يعمل إلى جانب الأهالي: "عندما يسقط هذا النظام لن يكون ذلك بسببنا، وإنما سيكون بسبب اندلاع الصراع بين الأجنحة والفصائل المختلفة، أو انخفاض كبير لأسعار النفط". وتندراً على بوتين الذي قال إنه يبني "سلطة عمودية" تنطلق من القمة إلى الأسفل بعد تعيينه لحكام الأقاليم بدل انتخابهم، يسمي "فوفوك" ورفاقه ما يقومون به ضمن عملهم السياسي بأنه بناء "السلطة الأفقية" من خلال التواصل مع الناس والعمل إلى جانبهم. وكمثال على ذلك نظم "فوفوك" في عام 2010 مسيرة ضخمة نزلت إلى الشارع وقد شارك فيها أكثر من ستة آلاف شخص احتجاجاً على خطة هدم حديقة فما كان من السلطة التي ذهلت من قوة التحرك الشعبي إلا أن ألغت الخطة وحافظت على الحديقة. وفي هذا السياق يقول "فوفوك" إن الأمر "لا يتعلق بالدفاع عن الحدائق، بل هو لإظهار قدرة الناس على التغيير والتأثير في مجريات الأمور من حولهم، إنني لا أملأ رأسي بالأوهام عن قدرتنا الخارقة، فسيكون من السذاجة تضخيم قدراتنا، ولكن عندما يعلن الناس عجزهم أقول لهم انظروا إلى حادثة الحديقة وقدرتنا على التغيير". أما "روزمان" فقد حاول هو الآخر الانخراط في العمل السياسي من خلال عمله مع الملياردير "ميخائيل بروكوف" الذي أسس حزب "القضية العادلة" وطلب منه المساعدة. ولكن فيما عدا الفترة الأولى التي بارك فيها الكرملين الحزب باعتباره جزءاً من الديكور الديمقراطي الذي تسعى موسكو إلى الترويج له حتى لا يبقى الحزب الحاكم "روسيا الموحدة" هو اللاعب الوحيد في الساحة، سرعان ما انقلب الكرملين على الحزب بعدما بدأت شعبيته تتسع لدى الناس، فسلط عليه جماعة من داخل الحزب لنسفه! ولكن ذلك لم يمنع "بروكوف" من الاستمرار في تقديم الخدمات للناس والتدخل لدى السلطة في حال تعرض المزارعين للمضايقات، وبعد تجربته القصيرة في حزب "القضية العادلة" الذي لم يكتب له الاستمرار خلص "بروكوف" إلى أنه لا مكان لتكتل سياسي، أو مبادرة حقيقية من دون موافقة الكرملين، ولذا لجأ وغيره إلى العمل مع القواعد الشعبية وبناء صوت الشعب الذي لا يحتاج إعلاؤه إلى إذن، أو موافقة. كاثي لالي - روسيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©